الرأي

حكومة‮ “‬ربع‮ ‬الساعة‮ ‬الأخير‮!”‬

قادة بن عمار
  • 5973
  • 6

قراءة متمعنة “من فوق ومن تحت” للأسماء التي وردت في الحكومة الجديدة، تجعلك تخرج بالعديد من الملاحظات، أبرزها على الاطلاق أن الرئيس بوتفليقة، لا يريد ترك المشهد ولا التخلي عن السلطة، حتى وأن تقرّر رحيله في الرئاسيات المقبلة تحت حجّة المرض والكرسي المتحرك!

بوتفليقة يرتّب البيت الداخلي ويؤثث “صالون” القصر الرئاسي، في حربٍ استباقية لتأسيس سلطة جديدة قديمة لا تقصي رجاله، ولا تعادي العُهدات الثلاث كما لا تلعنها، بل تستمر في التهليل لمختلف الإنجازات التي تحققت فيها، علما أن عاصفة تلك التغييرات بدأت اعلاميا من خلال الحروب بالوكالة التي انطلقت هنا وهناك، واستمرت داخل المؤسسة العسكرية، وما اتصل بها من فروع أبرزها المخابرات، قبل أن تصل تلك التغييرات للحكومة بشكل يوحي ــ لمن يفقه أمور السياسة ويدرك نوايا الرئيس ــ أهمية كل طرف لديه بالترتيب!

 

بوتفليقة غيّر الحكومة التي لم تجتمع منذ 9 أشهر، بعد 10 أيام فقط من التصريحات التي أطلقها وزيره الأول ورجل ثقته عبد المالك سلال، خلال افتتاح البرلمان حين قال أنه “لا توجد نيّة لدى رئيس الجمهورية لإحداث أي تغيير على الحكومة الحالية على المدى القريب، وبأن الأخبار المتداولة في المدة الأخيرة بخصوص إجراء تغيير حكومي غير مؤسسة، وهي تأويلات حزبية وإعلامية، عادة ما تظهر مثل هذه الأخبار عند كل دخول اجتماعي”. وعلّق سلال بشأن عدم انعقاد مجلس الوزراء أن ذلك “لا يؤثر على أداء الحكومة أو سير مؤسسات الدولة!”

تصريح لا نعلم كيف استقبله الرئيس بوتفليقة، رغم أن تمسّكه بسلال، قد يكون أحسن إجابة عن هذا التساؤل، “تمسكٌ” أساسه “تقدير الوفاء الشخصي” وليس احتراما ولا اعلاء للكفاءة، تماما مثلما كان استقباله الأخير لوزير الخارجية مراد مدلسي، بمثابة “العقاب العلني” الذي سبق‮ ‬الاستبعاد‮ ‬من‮ ‬الحكومة‮ ‬لأن‮ ‬بوتفليقة،‮ ‬ومثلما‮ ‬يعلم‮ ‬الجميع،‮ ‬يمكنه‮ ‬الاحتفاظ‮ ‬بكل‮ ‬الوزراء‮ ‬وفي‮ ‬جميع‮ ‬القطاعات،‮ ‬إلا‮ ‬أنه‮ ‬لم‮ ‬ولن‮ ‬يرضى‮ ‬في‮ ‬الخارجية‮ ‬إلا‮ ‬برجل‮ ‬واحد‮ ‬هو‭..‬‮ ‬عبد‮ ‬العزيز‮ ‬بوتفليقة‮ ‬نفسه‮!‬

في هذه اللحظات، يبدو عمار سعداني، أكثر الناس ابتهاجا بالتعديل الحكومي الجديد، فهو زيادة على حسمه “الجولة الأولى” من معركة الأوراسي التي أعادته إلى منصب ظلّ يحلم به طويلا، بعد سنوات من “التشرد والنبذ السياسي” فإنه وبمغادرة الثلاثي حراوبية وعمار تو وعبد العزيز زياري، يربح المعركة بكل جولاتها باعثا برسالة مستعجلة لخصومه داخل الحزب العتيد، أو من تبقى منهم، أن لا أمل لكم ولا رجاء بعد الآن في مواصلة “ازعاج” رجل السلطة على رأس الأفلان، مثلما قد يكون وزير العدل محمد شرفي، قد “ذهب بين الرجلين” على خلفية تصريحه الشهير‮ ‬في‮ ‬فضائح‮ ‬الفساد‮ ‬التي‮ ‬لا‮ ‬يعلم‮ ‬مصيرها‮ ‬الآن،‮ ‬حين‮ ‬قال‮ ‬أن‮ ‬لا‮ ‬علم‮ ‬له‮ ‬بقرار‮ ‬توقيف‮ ‬شكيب‮ ‬خليل،‮ ‬وهو‮ ‬من‮ ‬هو‮ ‬على‮ ‬رأس‮ ‬وزارة‮ ‬اسمها‮ ‬العدل؟‮!‬

قرار تعديل الحكومة مثلما هو، وضع مركز الاعلام التابع لجهاز الأمن تحت وصاية “الرجل الأقرب لبوتفليقة حاليا” قايد صالح، ناهيك عن حسم الخلاف بين الإخوة الأعداء داخل الأفلان، مع التعجيل باستنساخ المَخرج ذاته بالنسبة لحزب السلطة الآخر “الأرندي”، كلها قرارات تفسّر استمرار الضرب تحت الحزام بين جناحين باتا “مفضوحين ومكشوفين” أكثر من أي وقت سابق، كلاهما يفكر في أفريل 2014، ويستعمل أسلحة ثقيلة لحسم المعركة.. فإما تغيير في ظل الاستمرارية، أو قطيعة نهائية.  

 

مقالات ذات صلة