الرأي

حروب فرنسا الخاسرة في الساحل الإفريقي

ح.م

العقل القاصر يستخدم أسوأ الأدوات شرا في تنفيذ خططه المتعثرة في بلوغ هدفها، ومساوئ العقل الفرنسي الطامح في لذة إحياء عهده الاستعماري الزائل في قارة إفريقيا التي تئن شعوبها من آلام الفقر فوق أرض غنية بثرواتها، الأكبر من ثروات أوروبا مجتمعة، اختياره الحرب سبيلا لتحقيق مبتغاه .

افتعال حروب في الساحل الإفريقي، كان الخيار الفرنسي في إعادة الهيمنة على الدول ونهب ثروات شعوبها، الخيار الأسوأ في عصر فرنسي أسوأ، مما في حاضنته الإرهاب والصراعات العرقية التي جففت كل منابع الحياة .

عنف وإرهاب يحصد عشرات الآلاف من رؤوس البشر على طول دول الساحل الإفريقي المبتلى بتدخل فرنسي عابث بقواعد الأمن والاستقرار المفقود في حياة شعوبها المشردة الباحثة عن لجوء حالم يبتلعه الموت في طريق رحلته، وطفولة ضائعة لا حق لها في سكن أو مدرسة أضحت هدفا لإرهاب تغذيه فضلات قصر الإليزيه .

فرنسا فتحت شهية دول العالم الطامعة بثروات الساحل الإفريقي، وأضحت في مواجهة جبهات عدة، تذيقها مرارة الهزيمة كل يوم، إرهاب بثت الروح فيه يحاربها دون رادع، وقوى عالمية لا تأذن بالانفراد في مناطق النفوذ الغنية بثرواتها، وغضب شعوب تناضل من أجل استعادة الحياة التي تليق بكرامة الإنسان وتتوافق مع تطلعاته الحضارية.

تحصد فرنسا خيبات فشلها في الساحل الإفريقي، وتستنزف ما تبقى لديها من قدرات هي الأضعف من بلوغ أهداف بأدوات عبثية – إرهابية يقف العالم إزاءها بتحالفات ومحاور تتحرك تحت غطاء محاربة الإرهاب .

الإرهاب المتنامي في الساحل الإفريقي كان المبرر الأكبر لتزاحم القوى الكبرى في جغرافيتها الواسعة، وامتداداتها المؤثرة على الأمن الإقليمي والعالمي، فهو البوابة التي يتسلل عبرها الإرهاب الذي يهدد دول الجوار، ونقطة الانطلاق في موجات هجرة غير شرعية .

تعددت بؤر التوتر الأمني في منطقة الساحل الإفريقي، وتركزت في جمهورية مالي وبوركينا فاسو والنيجر، باعتبار الخصوصية العرقية التي تولد أعنف الصراعات، التي أخذت طابعا دينيا متطرفا في عمليات إرهابية، عابرة للحدود، إرهاب يتحرك بتكامل انسيابي في دائرة “مالي – النيجر – بوركينا فاسو – تشاد” يتصف في لقائه بنهج تكفيري قاتل، استطاع التغلغل في بيئة اجتماعية غير محصنة ثقافيا واقتصاديا وعقائديا .

قصور العقل السياسي الفرنسي الراهن، أشعل الحرب في دول الساحل الإفريقي، حتى فقد قدرة السيطرة عليها، ويكاد يفقد ما تبقى لديه من مناطق نفوذ منحسرة في زوايا ضيقة، حين أخطأ في ضرب ليبيا بأدوات تخريبية أدت إلى إسقاط نظام العقيد معمر القذافي وإسقاط إستراتيجيته المحكمة في ضبط الإشكاليات العرقية في المنطقة وشكل من قومياتها فصائل دفاع قوي، ضمنت استقرارها .

انهيار نظام العقيد الراحل معمر القذافي، أدى إلى انسحاب تلك الفصائل التي غنمت أسلحة ليبيا الثقيلة نحو شمال مالي وبدء الانتشار في الساحل الإفريقي، بسياقات حرب دينية عرقية .

فشل فرنسي متوارث، يتعزز بالهيمنة على قرار مجموعة دول الساحل الإفريقي، ومحاولات يائسة لإبعاد الجزائر المالكة لمفاتيح الحلول المنطقية منذ رعايتها للمفاوضات بين الفصائل المتنازعة في شمال مالي، وتداخل نسيجها الاجتماعي مع دول المنطقة، ورؤيتها المتكاملة أمنيا وسياسيا واجتماعيا في بناء استقرارها من جديد، وغلق الأبواب أمام تدخلات خارجية جديدة.

مقالات ذات صلة