-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حرب أمريكية – روسية بسلاح نفطي

حرب أمريكية – روسية بسلاح نفطي
أرشيف
الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين خلال قمة هلسنكي

انقلبت قاعدة الإنتاج والاستهلاك مثل سهولة انقلاب حرف النون، في لحظة مفاجئة أسكتت خبراء الاقتصاد والمال وهم أمام حدث لم يشهده التاريخ من قبل، لا يمتلكون منهجية أكاديمية لقراءاته، فالتزموا الصمت في لحظة ذهول .

وماذا بعد ؟ على المنتج النفطي أن يدفع للمستهلك 37 دولارا ليتخلص من الفائض الذي لم يجد مكانا جاهزا لتخزينه .

طاقات إنتاجية فاقت حجم الحاجة للاستهلاك، في ظرف لم يعد للطاقة أولوية، وكأن المنتجين تجردوا من خبراتهم في تحديد خصائص السوق وما يواجهه من تحديات راهنة فرضها فايروس كورونا الذي يحصد الرؤوس الزائدة من البشر دون توقف .

لماذا لم يلجأ المنتجون إلى الحد من الإنتاج الذي لم يجد من يستهلكه حتى دنى فتدنى في قاع هاوية سحيقة ؟

المتلاعبون بالعقول في مراكز القرار كما المتلاعبين باقتصاد العالم، خططوا فاخطأوا التقدير، وهم يوظفوا مقدرات العالم في بلوغ مآرب سياسية في زمن احتدام الصراع بين القوى الكبرى .

ما يشهده السوق النفطي العالمي الآن في مشهد مفاجئ، لم يكن صدفة غلبت العقول المفكرة، هو تخطيط ممنهج حددت أدواته وأساليبه المغايرة لأدوات وأساليب أزمات كبرى مرت من قبل بأقل الخسائر.

الدول المنتجة للنفط “أوبك” لم تمتلك سلطة القرار في التحكم بسياستها الإنتاجية بقيادة المملكة العربية السعودية، المرتبطة بسياسات البورصات العالمية في أمريكا، وحذت حذوها في رفع طاقاتها الإنتاجية التي أدت إلى انخفاض رهيب لسعر البرميل النفطي في محاولة يائسة لمحاصرة سوق النفط الروسي .

الأزمة تفاقمت وستلقي بتبعاتها السلبية على العالم أجمع، اقتصاديا وأمنيا وسياسيا، وما الحلول الآنية التي يحتفظ بها المنتجون ما هي إلا إجراءات ترقيعية لن تعوض أو تقلل من حجم الخسائر الكبرى التي منيت بها منذ شهور طويلة .

اتفاق أوبك بخفض الإنتاج بواقع 9.7 مليون برميل يوميا، لن يعيد الأسعار إلى طبيعتها، فحجم الاستهلاك يأخذ زيادة في التراجع، أما توقف الإنتاج النفطي نهائيا حتى يتم استهلاك الفائض الذي أغرق الأسواق كخيار يرتأيه المنتجون فلن يعوض الخسائر الجسيمة التي ستدخلهم مرغمين في مرحلة تقشف قصوى .

الصراع النفطي السعودي الروسي مازال مشتعلا، ويشهد تصاعدا، رغم ما يوحيان به من هدنة لم يشهد أحدا مظاهرها، التمادي في هذا الصراع هو تمادي في عمر الأزمة التي انطلقت من أجل انتزاع حصص أكبر في السوق الأسيوية الأكثر استهلاكا.

“أوبك” المغلوبة على أمرها تخوض حربها مع روسيا نيابة عن الولايات المتحدة الأمريكية التي تشعر بخطر خطوط الإمدادات الروسية التي تنطلق من سيبريا إلى المحيط الهادي وصولا إلى آسيا “المستهلك الأكبر” لما تحققه من هيمنة اقتصادية روسية على أكبر قارة في العالم، في ظل القدرة الهائلة على الإنتاج النفطي الذي يتجاوز 11 مليون برميل يوميا .

هذا المشهد الراهن هو أخطر مشهد لحرب اقتصادية أمريكية روسية بسلاح تجاري يملكه المنتجون، وتستخدمه واشنطن في تدمير اقتصاديات خصومها وغلق الأسواق بوجه إنتاجها الهائل، وتعطيل خطوط إمداداتها .

هل تنتصر أمريكا على المارد النفطي الروسي في جعل سلعته مثل ماء سائل لا يثقل خزائنه المالية التي تغذي قدراته العسكرية في استرجاع مناطق نفوذ فقدتها موسكو في عصر “بيروسترويكا” ؟؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • رشيد

    مملكة ال سعود عود امريكة الذى تحرك به الجمر

  • تاتا

    اعلى ما يمكن لروسيا انتاجه من النفط هو احد عشر مليون برميل في حين السعوديه ثلاثه عشر مليون برميل ولا نتكلم عن دول الخليج + العراق بالتالي الروس لا يشكلون ثقلا وهم الطرف الخاسر في معركه اراد منها بوتين السيطره على السوق النفطيه اما الامريكان فهم اكثر خساره مع افلاس شركات البترول الصخري بالتالي هي ليست حرب بقدر ما هي مرحله كساد الكل خاسر فيها