الرأي

حجّ غير مبرور!

قادة بن عمار
  • 4751
  • 6

حرب “داحس والغبراء” التي اندلعت بين الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم والوزير السابق الهادي الخالدي تحت خيمة الحجّ “المبرور” تدل على تطوّر كبير في السياسة “المسوّسة” بالبلاد، وعلى انتقال الخراب الأفلاني من مستواه المحلي إلى الدولي، ناهيك عن تدنيس هذه الزعامات التي لوّثت الحزب العتيد وامتدت لتصل إلى أطهر مكان على وجه الأرض، وهو البقاع المقدسة!

وقد تناقل البعض أن سبب المعركة بين بلخادم والخالدي، لا تتعلق فقط بدكتاتورية الأول وتمسّك الثاني بالحركة الانقلابية المسماة تقويمية “من باب التهذيب”، ولكن لأن وزير التكوين المهني السابق يتهم أمين حزبه بالوقوف وراء خسارته المقعد الحكومي، رغم أن أبسط العارفين بدواليب التعديل الأخير الذي جعل من سلال وزيرا أولا، يدرك أن بلخادم كان أول الخاسرين في التغيير الأخير، ولم يقتصر الأمر بالضرورة على الهادي الخالدي الباحث عن تقديم نفسه في صورة الضحية أو كأنه من جماعة “ناس ملاح سيتي”!

المعركة الأخيرة تجعلنا نشكك مرة أخرى في استفادة بلخادم والخالدي من “منافع الحج وثوابه”، حيث لا يمكن بأيّ حال من الأحوال، القول إن مثل هذه الزعامات الأفلانية ستعود لبيتها السياسي مثلما أنجبتها أمّها أول مرة!

لا يمكن أيضا مقابلة مثل هؤلاء الحجاج المتحزبين بالدعاء المتكرر “حج مقبول وذنب مغفور” لأن مثل هؤلاء السياسيين يحجّون في العام أكثر من مرة، وحجّهم السياسي المتكرر بدّد كل أخلاقهم، كما أن ذنوبهم لا تعد ولا تحصى، ونخشى القول إن جميع شياطين السياسة استقالوا، نظير ما بات يقدمه هؤلاء السياسيون والمتحزبون وزعماء التيارات من أعمال إبليسية خالصة لوجه الشيطان الرجيم!

الفعل السياسي في البلاد بلغ درجات خطيرة من الرذيلة والفجور، كما تجاوز بكثير مستويات النفاق العادي، ولعل الانتخابات المحلية التي بدأت أصداء فضائحها ورائحة تعفنها تزكم الأنوف حتى قبل الحملة الانتخابية لدليل إضافي على سبب نفور المواطنين من هذه التشكيلات، التي يمكن اعتبار عدد كبير منها أنه رجس من عمل الشيطان!

بعض تلك التشكيلات وبسبب عملها الدنيء باتت تعطي شرعية للفتاوى التي ترددها بعض الأوساط بشأن تحريم الممارسة السياسية وتجريم الديمقراطية وتأثيم التعددية، وتكفير العملية الانتخابية برمتها، فمثل هذا الخليط السياسي الهجين، والمعبر عنه “أفلانيا” في الحج، ليس سوى نموذج ينطبق تماما على عائلة الإسلاميين المصابين بالنفاق المزمن والعلمانيين المشبوهين، مع الاحتفاظ بحق التصنيف العلمي الذي لم يعد يصلح في بلادنا بتاتا، ذلك أنّ غالبية السياسيين عندنا لا يدينون سوى بالانتهازية، ولا يفرّقون بين الاسلام السياسي أو العلمانية المتطرفة، كما أنّ همهم الأكبر تقديم مختلف صنوف الطاعة وفروض الشيتة للواقف بحثا عن الكرسي ولا شيء غير الكرسي!

مقالات ذات صلة