حتى لا ينجح “تجار السياسة”!
![حتى لا ينجح “تجار السياسة”!](https://i.dzs.cloud/www.echoroukonline.com/wp-content/uploads/2021/03/ahmed_ouyahia_889599492.jpg?resize=790,444.375)
كان على الوزير الأول أحمد أويحيى وقبل اتهام “تجار السياسة” كما وصفهم بـ”محاولة ركوب الموجة وخداع الرأي العام في قضية رفع الدعم عن الجزائريين، أن يسأل نفسه ومستشاريه ويحقق في تصريحات وزيره للمالية عبد الرحمن راوية، ولماذا قال ذلك الكلام وأخاف المواطنين؟ وثانيا لماذا لم يكذِّبه بشكل صريح، بل قام وعن طريق مصالح وزارته بنشر بيان يوضح فيه طبيعة نشاطه في دبي ولم ينفِ تصريحاته التي كذبها الوزير الأول ومعه وزير الداخلية!
الواقع أن “تجار السياسة” و”المتآمرون على البلاد” ومعهم “أصحاب النوايا الخبيثة” وحتى “الأيادي الخارجية” لا يمكنهم النشاط والانتعاش سوى في ظلّ هذا المناخ السياسي الموبوء، خصوصا عندما تصبح صناعة القرار السياسي والاقتصادي في الجزائر غير مفهومة، لدرجة أنّ ما كان يُعرف بالعلبة السوداء بات اليوم “ترفا” في مقابل حالة الغموض والضبابية التي تميز المشهد السياسي عموما وسماء السلطة تحديدا.
من “مزايا” الوضع الذي استفادت منه الحكومة، هو انسحاب النخبة السياسية المعارضة، فحتى علي بن فليس قال في تصريح غريب قبل يومين إن “الرئاسيات لا تعنيه”، وما تزال لويزة حنون تجتهد في منطقتها التقليدية بحثا عن ولاءاتٍ سابقة داخل النظام وعن كيفية تجديدها لإنقاذ نفسها، وليس عن إنقاذ البلاد، وتاه الإسلاميون في معارك داخلية كما تشتتت مواقفهم بين الراديكالية والمداهنة. الوحيد الذي بقي يقاوم، هو “النقابات” لذلك لم يكن مفهوما لدى السلطة أن تتسبب نقابة واحدة لعمال التربية ومعها “تنسيقية” غير معتمدة أصلا للأطباء المقيمين في قلب كيان السلطة واختطاف المشهد، وتحويل الحكومة من صانع للقرار إلى مجرد متابع لما يحدث!
حالة الضياع السياسي سببها استقالة الأحزاب وانسحاب المعارضة وتغوّل بعض النقابات، ليتوّجها مشهد تدخل أحد الأئمة من أجل وضع حدّ لإضراب الأساتذة وإنهاء شلل قطاع التربية، أمرٌ يستدعي عدة قراءات، معظمها سلبية وتتصل مباشرة بالتخبط الذي بات يعانيه الجهاز التنفيذي ومعه عجز الجهاز التشريعي الذي تورط وجهُه البارز والمتمثل في رئيس البرلمان السعيد بوحجة في حادثة الوساطة بين الأطباء والحكومة قبل أن يغسل يديه من القصة برمَّتها عقب شعوره بالوقوع في الفخ وعدم قدرته على تجاوز الخطوط الحمر الموضوعة له من أجل التحرك وممارسة صلاحياته.