حتى أنت يا قسنطيني!
![حتى أنت يا قسنطيني!](https://i.dzs.cloud/www.echoroukonline.com/wp-content/uploads/2021/03/ksentini_846332460.jpg?resize=790,444.375)
قبل سنوات قليلة كنا نتساءل: ما الذي سيحدث لنا حين نستيقظ من سكرة البترول؟يبدو أن الجواب عن هذا السؤال بات يصلنا يوميا وعلى لسان العديد من المسؤولين في الفترة الماضية، آخرهم التقرير الذي أصدره فاروق قسنطيني، وأيضا تصريحات وزير المالية ومدير بنك الجزائر، ناهيك عن تحذيرات أحمد أويحيى!!
الملمح الأساسي لكل تلك التقارير والتصريحات يثبت أن البلاد متجهة نحو الهاوية وبدون فرامل!
المثير أن توقع الكارثة يأتي هذه المرة من طرف السلطة ورموزها وليس من جهة المعارضة المنشغلة بانقساماتها الداخلية!
ومن جملة المؤشرات “الكارثية” التي قرأناها في الساعات الماضية فقط:
– تأكيد بنك الجزائر على أن احتياطي الصرف تراجع إلى ما يقارب 159 مليار دولار في مارس الماضي، وهو الاحتياطي الذي قال وزير المالية إنه لن يكفي لتغطية صادرات البلاد سوى لـ 26 شهرا فقط!
– عائدات النفط انخفضت إلى النصف، حيث بلغت 8 مليار دولار فقط في الثلاثي الأول من السنة الجارية.
– صندوق ضبط الإيرادات (الذي نسمع عنه كثيرا منذ سنوات، ولا نعرف له طريقا أو وظيفة، ولا حجم استغلاله) يعاني عجزا بلغ 10 بالمائة!
– لجنة حقوق الإنسان التي عينها الرئيس بوتفليقة تبعث تقريرا قبل ثلاثة أشهر تقول فيه إن الفساد بات ينخر الموارد الوطنية بشكل غير مسبوق، وأن قيمة الأموال المهربة إلى الخارج في ظرف عشر سنوات فقط، تجاوزت الـ16 مليار دولار!
– زعيمة حزب سياسي بحجم لويزة حنون (نصّ سلطة ونصّ معارضة) تتهم مدير ديوان الرئيس بأنه يفتي لسرقة المال العام ويسلم البلاد إلى حفنة من رجال الأعمال، وهذا بعد أيام فقط من تصريحها أن 30 بالمائة من الوزراء فاسدون، ولا أحد تحرك للتحقيق من صحة أو كذب تلك التصريحات!
– الولاة أثبتوا فشلهم في العديد من الملفات، وإقالة والي أدرار بتلك الطريقة “المفضوحة إعلاميا” يعد إنذارا لبدء مرحلة جديدة، ناهيك عن عجز البلديات حتى عن إنشاء مساحات خضراء صغيرة، فما بالك بمشاريع أكبر في ظل تعليمة حكومية تمنع استيراد العتاد العمومي بسبب التقشف، وتؤكد توقف ضخ الكثير من الميزانيات في أرصدة مشاريع مهمة على غرار بناء المدارس والمستشفيات والسكنات التي كان مقررا تسلمها مع بداية الدخول الاجتماعي المقبل!
الجميع يتحدث عن هذه الأرقام.. ويحذر منها، ولكنها “مزامير” لا تجد من يستمع أو يقيم أدنى اعتبار لها، علما بأنها تثبت توجهنا نحو “الكارثة” مثلما قلنا سابقا وتنقلنا دون استئذان، من مرحلة “البحبوحة المالية” إلى مرحلة “البحّ…”!!
لذلك فتحت السلطة طريقا “تفاوضيا” نحو المعارضة، فهي تدرك تماما أنها باتت بلا مال، أو بلا ريع تستند إليه أو تعتمد على توزيعه حتى تستمر..
والدراهم مثلما قال شاعر عربي قديم “تكسو الرجال مهابة وجمالا.. فهي اللسان لمن أراد فصاحة، وهي السيوف لمن أرادا قتالا“!
لذلك يفكر الجميع في القفز من السفينة قبل أن تغرق، آخرهم فاروق قسنطيني نفسه حين قال في تصريح “جريء” و“مانشيت صحفي” يدل “على شجاعة متأخرة“: “أنا هنا في منصبي لأقول الحقيقة وليس لمجاملة السلطة.. وفي اليوم الذي سيطلب فيه
البعض منّي تزوير تلك الحقيقة سأبقى في بيتي“!!