الرأي

حالة حرب!

قادة بن عمار
  • 1094
  • 2
ح.م

ليس سرّا القول بوجود حرب شرسة بين مخابر إنتاج اللقاحات والأدوية في العالم، فهذا أمر لا ينكره إلا جاهل أو غير مطلع، لكن في الوقت ذاته، يبقى السؤال متعلقا بالطريقة التي تتعامل بها كل دولة مع تلك الحرب، وهل سيخضع جلب اللقاحات لشروط طبية فقط أم لأشياء أخرى؟!

في الجزائر مثلا، وحتى الأسبوع الماضي، لم يكن أحد في وزارة الصحة يعلم بتاريخ وصول أولى دفعة من الجرعات، بل إن مدير المصالح الصحية بالوزارة الوصية خرج على الملأ قائلا إن التاريخ غير محدد وغير معروف لكنه سيكون قبل نهاية الشهر الجاري!

ولأن الحرب علمية وطبية لكن بعناوين دبلوماسية وسياسية أيضا، اتصل وزير الخارجية صبري بوقادوم بنظيره الروسي الخميس الماضي وتحدثا في كل شيء، وعن كل شيء، عن ليبيا والتهديدات المحيطة بالمنطقة، وعن الحروب الإقليمية والنزاعات الدولية، لكن السؤال الأساسي كان عن الجرعات ومتى تصل، ويبدو أن المكالمة انتهت إلى تحرير أولى الدفعات التي وصلت بعد 24 ساعة من تلك المكالمة الهاتفية الطويلة.

عضو اللجنة العلمية بقاط بركاني قال إن الدبلوماسية لعبت دورا هاما في وصول الجرعات الأولى، وإنه يقع على عاتقها الآن، دور أكبر لوصول جرعات أخرى من الهند والصين وإنجلترا، والسبب، مثلما قلناه سابقا، وجود حرب بين الحكومات والمخابر والمجموعات المالية.

نقول هذا الكلام، ليأخذه المواطن على محمل الجد، وليدرك أن السؤال الذي كان يُطرح دوما عن الثقة الغائبة بين الحاكم والمحكوم أو عن مستوى أداء الحكومة ومعارضته ربما لبعض القرارات الرسمية والخرجات الوزارية، هي أمورٌ وأسئلة يجب أن يتم فصلها تماما وتحييدها عن حرب اقتناء لقاح كورونا، فالمسألة تتطلب تضامنا كاملا وثقة كبيرة من أجل الخروج من الأزمة وعبور هذا النفق المظلم الذي كلفنا سقوط عدة أرواح وفقدان أكثر من شخص عزيز.

إن الأمر يشبه تماما ما كان يردده السياسيون عادة بخصوص “وجودنا على متن مركبة واحدة وأن مصيرنا يكاد يكون مشتركا”، لكن الحقيقة الآن تطابق تلك الصورة تماما، والكلام هذه المرة، لا يبدو اجتهادا في غير محله أو شعارا لكسب الأصوات والمؤيدين فقط.

لكن في المقابل، يقع على عاتق الجهات المعنية أيضا توصيل المعلومة بشكل صحيح وليس حصرها في القنوات العمومية مثلا، كالطريقة التي تم بها استقبال اللقاح ونشر صور العمليات الأولى لاستفادة بعض المواطنين والأطباء منه، كما أن الحوار يبدو مهما لمرافقة العملية من أجل توضيح كل غموض ورفع أي لبس.

هذه المعركة بالذات يجب أن نتخلص فيها من كل سلوك بيروقراطي أو إداري مقيت، ويجب أن يتعامل الجميع بسلاسة مع الجميع من أجل خوض المعركة بقوة، سواء انتصرنا فيها أم قصّرنا فيها، فلا خيار آخر أمامنا.

مقالات ذات صلة