-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“جنودنا يتساقطون سدى”

حسين لقرع
  • 1319
  • 0
“جنودنا يتساقطون سدى”

في الوقت الذي يكرّر فيه نتنياهو الحديث عن قرب تحقيق “النصر المطلق” على “حماس” ببدء الدخول إلى رفح، أعلن جيش الاحتلال سقوط 50 جريحا في صفوف جنوده في ظرف 24 ساعة في معارك بغزة، منهم جنرال، وهذه أعلى حصيلة جرحى في يوم واحد يعلنها الاحتلال منذ 7 أشهر كاملة من بداية الحرب.
هذه الحصيلة الثقيلة لا تتعلّق بمعارك في رفح؛ حيث تتواجد أربع كتائب لـ”حماس” لم تدخل الحرب إلا منذ أيام قليلة مع بدء اجتياح المحافظة، بل بمعارك ضارية وقعت في شمال غزة، وخاصة في مخيّم جباليا الذي أعلن الاحتلال في ديسمبر الماضي السيطرة عليه و”تطهيره” من عناصر “حماس”.. اليوم تبيّن أنّ المقاومة قد تعافت وأعادت تنظيم صفوفها ورجعت إلى المنطقة لتواصل المعركة ضدّ جيش الاحتلال وتوجّه إليه ضربات قاصمة، وهي معركة قد تكون طويلة وشاقة ودامية، ولكنّ انتصار المقاومة فيها حتمي.
الكثير من التصريحات اليومية للقادة العسكريين والأمنيين الصهاينة، السابقين والحاليين، تؤكد أنّ جيش العدو الصهيوني قد خسر حرب غزة، ودخول رفح لن يغيّر من الوضع شيئا، و”حماس” عادت لتسيطر على 90 بالمائة من القطاع، ولا مفر من عقد صفقة تبادل أسرى وفق شروط الحركة، وحتى وزير خارجية أمريكا، اليهودي أنتوني بلينكن، تقبّل هذه الحقيقة المرّة، وقال إنّ هجوما صهيونيا كبيرا على رفح لن يؤدّي سوى إلى توسيع دائرة الفوضى، أمّا “حماس”، فستعود إلى رفح في نهاية المطاف كما عادت إلى الشمال وحتى إلى خان يونس القريبة من رفح.
المتابع لنوعية العمليات التي يقوم بها صناديد المقاومة الفلسطينية في شتى أنحاء غزة هذه الأيام، والضربات الموجعة التي يوجّهونها للعدو، ولاسيما في جباليا وحي الزيتون ورفح، يتذكّر الأيام الأولى للحرب، وكيف كانت “القسّام” تصطاد جنود الاحتلال وتوقعهم في كمائن ناجحة، وتدمّر دبّاباتهم وآلياتهم، وتدمّر البيوت المهجورة التي يهربون إليها، على رؤوسهم، وتوقع يوميّا العشرات بين قتيل وجريح، وتقصف المستوطنات بالصواريخ، ما يعني ببساطة ووضوح أنّ المقاومة قد استعادت عافيتها وأعادت تنظيم صفوفها وتعلّمت من أخطاء المعارك السابقة التي فقدت فيها الكثير، من دون شك.
وفي الوقت الذي تتعافى فيه المقاومة وتعود تدريجيا وتخوض حرب عصابات فاعلة ضدّ الاحتلال، نسمع أخبارا عديدة عن مئات الجنود الصهاينة الذين أنهكتهم الحرب جسديا ونفسيا وعقليا، وقامت عائلاتهم بمراسلة قيادة الجيش لإعفائهم من مواصلة القتال، ونسمع عن 10 حالات انتحار في صفوف الجنود الصهاينة منذ 7 أكتوبر، وما خفي أعظم، ما يدل على بداية انهيار معنويات العدو، برغم تفوّقه عدّة وعتادا، وهذا كلّه من بركات “طوفان الأقصى” الذي سيغيّر تاريخ المنطقة لعقود قادمة بفضل تضحيات الفلسطينيين، وثباتهم في أرضهم والصمود الأسطوري لمقاومتهم.
الجيش الذي كان يرعب العرب ويحقّق انتصارات ساحقة على جيوشهم في بضعة أيام أو أسابيع، بدأ يفقد الآن قوّته وهيبته وقدرته على الرّدع، ولم يعد يستطيع حسم حرب مع فصائل صغيرة طوال 7 أشهر كاملة، ولم يعد يحسن سوى الانتقام من المدنيين بمذابح وحشية نازية ألبت عليه العالم بأسره. هذا الجيش المجرم الحاقد خسر المعركة تماما، برغم الدعم العسكري الهائل الذي يتلقّاه بانتظام من الولايات المتحدة الأمريكية ودول غربية أخرى منذ 7 أكتوبر إلى اليوم، ولم يبالغ الرئيس السابق لأركانه، دان حالوتس، حينما قال: “جنودنا يتساقطون سدى في قطاع غزة وفي الشمال مع لبنان، والصورة الوحيدة التي ستحفر في تاريخ إسرائيل، هي الخسارة في 7 أكتوبر 2023”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!