الرأي

جنرال “ديمقراطي” جدا!

قادة بن عمار
  • 9600
  • 48

بعدما قرر بوتفليقة أن يودع ملف ترشحه بنفسه لدى هيئة مراد مدلسي، لا نعرف هل من الطبيعي والمجدي الاهتمام الآن بـ”مرض” الرئيس أم بـ”صحة” التوقيعات؟!

الواقع أن للمرض في رئاسيات 2014، قصة غريبة، بدأها بعض الموالين لـ”فخامته” بالقول إن بوتفليقة المريض أفضل بكثير من كل المرشحين الأصحاء.. بل ذهب آخر أبعد من ذلك حين صرخ في أحد البرامج التلفزيونية: سننتخب بوتفليقة حيا أو ميتا”؟!!

العلاقة الثانية بين الرئاسيات و”المرض والصحة” أن طبيبة أمراض نساء وتوليد هي من تتزعم حاليا حركة الاحتجاج في الشارع ضد العهدة الرابعة. وقد قالت الدكتورة أميرة بوراوي إنها قررت التمرد بعدما سئمت مشاهدة نساء حوامل يتصارعن على سرير مقرف داخل مستشفيات بائسة من أجل الإتيان بمواطنين جدد لا يملكون من تلك المواطنة سوى بطاقتي التعريف والانتخاب!!

أليس عجيبا أن طبيبة نساء وتوليد تتزعم حركة الاحتجاج ضد العهدة الرابعة في بلد يكاد ينجب مولودا جديدا في كل 15 ثانية، ورغم ذلك فهو لا يريد تغيير رئيسه بعد 15 سنة من ممارسة السلطة الفردية؟!

أليس عجيبا كذلك أن تنجح طبيبة توليد مبتدئة سياسيا في “تعرية” المعارضة بغالبية وجوهها التقليدية، فاضحة عقمها السلبي، بل قيام البعض ببيع أو تأجير “رحمه” في اللحظات الأخيرة، لينقسم في موقفه بين “الحاج موسى” أو “موسى الحاج” أي بين تأييد بوتفليقة ونصرة علي بن فليس، وكأن هذا الأخير “مرشح تغيير فعلي” وليس استمرارا للعهدة الأولى التي بدأت على حد وصف أحد السياسيين منذ الاستقلال ولا تريد أن تتوقف..

لا تهم “صحة” التوقيعات في ملف بوتفليقة بقدر ما تهم “صحة الرئيس” المقلقة للجميع، بما في ذلك المريدون والمؤيدون، لكن ما هو أخطر من الصحة والمرض، ما ردده جنرال سابق، فشل في الحصول على التأييد الشعبي، فراح ينادي بضرورة توقيف المسار الانتخابي، موجها نداءه  إلى من وصفهم بـ”الضباط الشرفاء” داخل المؤسسة العسكرية؟!!

هذه الدعوة المباشرة لتنفيذ “انقلاب عسكري” تأتي ساعات فقط بعد تلميح مشابه أقدم عليه مولود حمروش، وبعد “مؤشرات” بعث بها إسلاميون مقاطعون على غرار جاب الله ومقري، حين أبديا استعدادهما للتفاوض مع “صناع القرار الفعليين” من أجل البحث عن مخرج آمن للسلطة الحالية، أو التفاهم حول مرشحها المحتمل كبديل عن بوتفليقة وحاشيته؟!!

دعاة العهدة الرابعة “انتحاريون” لكن دعاة الانقلاب العسكري وتوقيف المسار الانتخابي “مجانين فعلا” وقد استعمل الدكتور سعيد سعدي وصفا ضد من ترشحوا لمنافسة بوتفليقة فقال عنهم “مهابل” لكن سعدي ذاته لا يعترف إلا بعقلاء إنقاذ الجمهورية وبديمقراطية زوار الليل، وقد دفعنا ثمنا غاليا لمثل هذا “التعقل” وتلك “اللجان المختلة” فأوهمونا بتعددية شكلية مع بداية التسعينيات سرعان ما أتبعوها بمأساة وطنية ثم استنسخوا لنا الاستبداد.

مقالات ذات صلة