-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أكثر أعضائها في سن الأجداد

جمعيات أولياء تلاميذ أشبه بـ “مجالس شيوخ”!

وهيبة سليماني
  • 4333
  • 1
جمعيات أولياء تلاميذ أشبه بـ “مجالس شيوخ”!
أرشيف

لم يعد من السهل للمدرسة الجزائرية، في ظل التحوّلات العميقة والانفجار المعرفي الهائل والتطوّر التكنولوجي، التغلب عن جملة المشاكل والصعوبات، لرفع مستوى تحصيل التلميذ وزيادة رغبته في التعليم، ومسايرة التغيير.

خالد أحمد: أولياء التلاميذ لا يرغبون في الانخراط

وبات التنسيق اليوم، بين المدرسة والأولياء أمرا حتميا لمصلحة التلاميذ، ويذلل الصعوبات ويهيئ المنظومة التربوية لمواكبة عصر جديد تركت فيه جائحة كورونا آثارها.. أكثر من 20 ألف جمعية لأولياء التلاميذ في الجزائر، يمثلها في الغالب شيوخ وعجائز، يمارسون مهمة شكلية دون الانخراط الحقيقي في مشاكل المدرسة والتلميذ!

بن زينة: مطلوب تحقيق حول الانتهازيين في هذه الجمعيات

ورغم وجود آلاف الجمعيات الممثلة لأولياء التلاميذ، إلا أن الكثير من المدارس عبر الوطن تعاني من تلاميذ تغيب عنهم متابعة الأولياء، واستدعاءات لا تلقى اهتماما من طرف العائلات، فقطاع التربية يواجه مشاكل الاكتظاظ في الأقسام، والمناهج التعليمية، وقلة الوسائل المادية، ويتخبط في محيط اجتماعي مليء بالألغام المتمثلة في التسرّب المدرسي والمخدرات والعنف، وغيرها من مظاهر الانحراف، ناهيك عن الآثار التي خلفتها جائحة كورونا.

25% من أعضاء الجمعية ليسوا أولياء تلاميذ!
ولكي تستجيب المدرسة، لدورها كمؤسسة تربوية وتعليمية للمجتمع، يجب أن تكون مهيأة لملاءمة التغيرات الحاصلة، من خلال شريك أساسي وفعّال يتمثل في جمعية أولياء التلاميذ، بصفتها همزة وصل بين الإدارة والأسرة، يقدم أعضاؤها اقتراحات هدفها تحسين الحياة ومستوى الأداء داخل المدرسة، غير أنه شاع في السنوات الأخيرة على مثل هذه الجمعيات انحصار اهتمامها في الصراعات الداخلية أو مع موظفي التعليم أو معارضة أصحاب القرار، دون المشاركة الفعّالة في الإصلاح التربوي، وتعزيز الوعي بمستجدات العصر.
وفي هذا السياق، أكّد رئيس جمعية أولياء التلاميذ، خالد أحمد، أنّ 25% من أعضاء جمعيته ليس لديهم أبناء يدرسون، أي أنهم ليسوا أولياء لتلاميذ في الابتدائي والمتوسط والثانوي، مشيرا إلى عزوف الكثير ممن لديهم أبناء تلاميذ في المدرسة الجزائرية عن الانخراط في جمعيات أولياء التلاميذ، حيث يتفادون بذلك الكثير من المشاكل بينها بعض التحقيقات الأمنية التي تطال أحيانا، بعض الأعضاء.
وقال خالد أحمد، إن أكثر من 20 ألف جمعية محلية لأولياء التلاميذ عبر التراب الوطني، و48 جمعية ولائية، أغلب ممثليها وأعضائها من كبار السن وهم معلمون ومفتشون ومديرون متقاعدون من قطاع التعليم.
ومن جهته، أعاب علي بن زينة، رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ، على أشخاص يستغلون مثل هذه الجمعيات لتحقيق أغراض خاصة، والبقاء كأعضاء وهم لا يمتون بصلة للتلاميذ، حيث أكد أن نسبة كبيرة من الجمعيات المحلية الممثلة لأولياء التلاميذ، وهم كما وصفهم مجرد “انتهازيين”، وعلى وزارة التربية أن تفتح تحقيقا لقطع الطريق أمام أمثالهم.
ويرى بن زينة، أن احتكار جمعيات أولياء التلاميذ من طرف أشخاص لا تربطهم صلة بالمشاكل الحقيقية للمدرسة ولا التلاميذ، لن يساهم أبدا في حل الأزمات الحقيقية التي يشهدها قطاع التربية، ولا تفعيل الحياة المدرسية والمساهمة في تكثيف النشاطات اللاصفية، كجمع المال، والدورات الرياضية، والرحلات والترفيه الذي أصبح ضرورة ملحة بعد المكبوتات التي تسببت فيها جائحة كورونا، والحجر الصحي الذي فرضته في المجتمعات.
ودعا إلى تطبيق القانون، وإلزام أعضاء جمعيات أولياء التلاميذ بتقديم شهادات مدرسية تثبت أن أبناءهم يدرسون في الابتدائي أو المتوسط أو الثانوي، مضيفا أنه قام بسحب العضوية من أشخاص كانوا في المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ، بعد أن تبيّن أنه ليس لديهم أبناء يدرسون.
وقال علي بن زينة، إن المدرسة الجزائرية تتخبط في جملة من المشاكل، لا تتعلق فقط بالمناهج، وأن المنظومة التربوية تحتاج إلى أشخاص يكونون على دراية بالمستجدات ويعرفون جيدا انشغالات التلميذ، وما يحتاجه في واقع جديد، حيث صرفت الكثير من الأموال الموجهة حسبه، لقطاع التربية، في غير محلها.

صعوبات قانونية في تعيين الأعضاء فتحت المجال لـ”الانتهازيين”

ولأن جمعية أولياء التلاميذ تتكون من آباء وأمهات تلاميذ يزاولون دراستهم بصفة منتظمة في مدرسة معينة يشملهم قانون يسيّرهم، فإن اعتماد أعضائها يخضع في الجزائر لقانون الجمعيات الجديد رقم 12_06 المؤرخ في 12 جانفي 2012 المتضمن تأسيس الجمعيات وتنظيمها وسيرها ومجال تطبيقها، حيث أوضح أحمد خالد، أن أغلب أولياء التلاميذ لا يرغبون في الانخراط، وأن بقاء بعض الأعضاء كأولياء التلاميذ، دون أن يكون لديهم أطفال يدرسون في الطور التعليمي الذي تمثله الجمعية، يرجع لقانون الاعتماد.
وقال أحمد خالد، إن تجديد الاعتماد لأعضاء يخضع لشروط، حيث أن بقاء العضو مثلا 5 سنوات في جمعية أولياء التلاميذ للطور الابتدائي، يحتاج إلى أن يكون ابنه في السنة أولى ابتدائي، وهذا لا يتحقق في الغالب، وإن المنخرط إما أن يكون ابنه في السنة الثانية أو في الثالثة أو الرابعة أو حتى الخامسة أحيانا، وبالتالي يبقى عضوا لمدة خمس سنوات ويكون ابنه قد انتقل إلى المتوسط، وهكذا بالنسبة لهذا الطور الأخير والطور الثانوي، حيث لا يكون للمنخرط أي ابن يتتلمذ في السنة أولى، ويخرج من هذا الطور ويستمر الوالد كعضو في الجمعية.
وناشد أحمد خالد، وزارة التربية توضيح الأمور جيدا فيما يخص قانون الانخراط في جمعيات أولياء التلاميذ، مع إعادة النظر في منح الاعتماد لهذه الجمعيات.

التمثيل الحقيقي للأولياء يعزّز الحضور الإيجابي للتلميذ

وحول الموضوع، يرى الدكتور يوسف حنطابلي، المختص في علم الاجتماع، أن أغلب جمعيات أولياء التلاميذ أو جمعيات الطلبة، تناضل من أجل رأي اجتماعي، لها أهداف سياسية وشخصية، ويفكرون على أنهم أعضاء في النظام العام، لا يتحدثون عن إشكالية التربية في حدّ ذاتها.
وأكّد حنطابلي، أن الذين مارسوا مهنة التعليم، وينخرطون في جمعيات أولياء التلاميذ، قد يتحدثون جيدا عن مشاكل القطاع، لكنهم لا يملكون علاقة مباشرة بما يحدث للتلميذ، وعليه، فإن هناك حاجة ماسة، حسبه، إلى ميكانيزمات حقيقية يكون فيها ارتباط المدرسة بالحي والبلدية والأولياء، وبذلك يمكن للتلميذ أن يتمتع بحضور حقيقي إيجابي في المؤسسة التربوية.
واتهم حنطابلي، بعض جمعيات أولياء التلاميذ، بالانغماس في صراعات ومعارضة أصحاب القرار بعيدا عن الجانب البيداغوجي، والتربوي، حيث أصبح هؤلاء، حسبه، مجرد ممثلين لهيئات سياسية، تعوّدت لقاءهم والتحاور معهم، وكأنهم ممثلون لها، لا يخضعون لمعيار التداول والتمثيل الحقيقي.
للإشارة فإن وزير التربية الوطنية، محمد واجعوط، كان قد أمر مديري التربية للولايات ومفتشي التربية، بالتحقيق في نشاط جمعيات أولياء التلاميذ الممثلة لمختلف المؤسسات التربوية للقطاعات الثلاثة، للتأكد من شرعيتها، وقد أبدى حينها، استغرابه لوجود عديد الجمعيات في حين أن هناك تلاميذ يتخبطون في ظروف تمدرس مزرية، لم تجد لها هذه الجمعيات حلولا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • أنس

    كيف نحضر المعدل