جريمة وزارة الصحة!
![جريمة وزارة الصحة!](https://i.dzs.cloud/www.echoroukonline.com/wp-content/uploads/2021/03/siha_802627146.jpg?resize=790,444.375)
كل شيء يتراجع ويضعف في هذا البلد إلا مستوى الكذب الرسمي، حيث مايزال عدد من المسؤولين يكذبون جهارا نهارا دون توقف، يكذبون في رمضان مثل شعبان وشوال، يكذبون للاستمرار في مناصبهم حتى ولو كان ذلك على حساب “الزوالي” في هذا الوطن!! وآخر فصول التضليل والكذب تلك، ما ترتكبه وزارة الصحة بخصوص أزمة ندرة الأدوية، علما أن تهمة “الكذب” ليست لي بالمناسبة، ولا من اختراعي، بل أطلقتها النقابة الوطنية للصيادلة التي اتهمت مسؤولا كبيرا في الوزارة المذكورة بأنه يكذب ويضلّل الرأي العام الوطني!!
أصل المشكلة، معاناة العديد من المصابين بالأمراض المزمنة على غرار القلب، والضغط الشرياني من العثور على أدوية منذ مدة ليست بالقصيرة، أما تفسيرها، فقد تراوح بين جهة وأخرى، في الوقت الذي قرر فيه وزير الصحة عبد المالك بوضياف اختيار الطريق السهل: نفي المشكلة من أصلها !!
وحسب عدد من ممثلي الصيادلة، فإن وزارة الصحة، وفي قرار عبقري جدا، قررت منع استيراد بعض الأدوية تشجيعا لاستعمال الدواء الجنيس المنتج، أي أن السيد بوضياف قرر إطلاق حملة “نستهلك جزائري“ في قطاعه! وكأن الأمر يتعلق بعلبة ياغورت، أو عصير أو ربما مكنسة من إنتاج وطني، وليس بأدوية قد يتسبب غيابها أو طول عدم تناولها في وفاة المريض بحسب تحذيرات المختصين!!
بوضياف لم يتوقف عند هذا الحد، بل قرر تشجيع الإنتاج المحلي وهو يعلم جيدا أن الوحدات الجديدة لإنتاج مثل هذه الأدوية غير جاهزة، بل قد تحتاج لعشر سنوات أخرى.. علما أن هذا “الإنتاج المحلي العظيم“ لا يغطي أصلا سوى 25 بالمائة من احتياجات السوق!
أليست هذه جريمة مكتملة الأركان؟
أليس هنالك من عاقل داخل هذه “السلطة“ لوقف مثل هذه المهازل التي تتسبب يوميا في معاناة المرضى عبر كل التراب الوطني؟
ألا يعلم السيد بوضياف أن كثيرا من هؤلاء المرضى بالقلب والضغط، والروماتيزم، والحساسية، وأيضا الحوامل، ينتظرون، تبرع أو تكرم أحد أقاربهم في المهجر بجلب قرص دواء مفقود وكأنهم ينتظرون الفرج الذي لن يأتي من الداخل أبدا؟
قبل فترة، نشرت تقارير إعلامية محلية تسبّب نقص الأدوية وندرتها عبر كل ولايات الوطن، في وفاة بعض الحوامل.. لكن لا أحد تحرك، وكأن هؤلاء لسن بشرا، أو لأن معظم أقارب وزوجات كبار المسؤولين في الدولة لا يلدن في هذا البلد التعيس، ولا يعشن تجربة علب الموت التي يسمّيها البعض مستشفيات!!
أليس من الإجرام تطبيق سياسة التقشف في مجال استيراد الأدوية؟ ألم يقل لنا الوزير الأول عبد المالك سلال بأن حكومته لا تتقشف أصلا، وإنما يتعلق الأمر بترشيد للنفقات فقط؟ فهل قررت هذه الحكومة ترشيد عدد “المواطنين“ والتقليص منهم بالتخلص من المرضى وقطع الأدوية عنهم!؟
صحيح أن مافيا كبيرة تمنع ازدهار الإنتاج الوطني، وصحيح أيضا أن الاستيراد بات مصدرا لنهب المال العام، ولكن لا يصح استعمال حياة الناس كرهينة من أجل التنافس مع تلك المافيا أو الضغط عليها، ومهما كانت النوايا صادقة أو حقيقية فلا بد من وقف هذه الجريمة فورا!