روائح كريهة تنبعث وتكشف فضيحة في حق النفس البشرية
جثث مكدسة منذ سنوات بمصلحة حفظ الجثث بمستشفى البليدة
في مبنى جدرانه من الآجر الإسمنتي “الباربان” وسقفه من الزنك، اصطلح عليه تسمية مصلحة حفظ الجثث بالمستشفى الجامعي، فرانس فانون، بالبليدة، تكدس 8 جثث مجهولة الهوية داخل ثلاجات الموتى، تنتظر الفرج بدفنها كحق مشروع يمس كرامة الأموات بعدما نخرها الدود، وأصبحت روائح العفن تنبعث منها من مسافة بعيدة، فيما يعود إيداع جثة إرهابي إلى فيفري 2009 .
-
الشروق انتقلت إلى مصلحة حفظ الجثث، أين وقفنا على انتشار روائح العفن بشكل كثيف، وحسب مصدر مسؤول من المستشفى، فإنه في ظل تواضع مستوى ثلاجات أجساد الموتى، ونظرا لطول مدة بقاء الجثث المجهولة، حيث تمكث إحداها لأزيد من سنتين، تعود إلى 27 فيفري 2009، تم نقلها من قبل الفرقة الإقليمة للدرك الوطني ببوڤرة، فيما تعود جثة ثانية إلى جويلية 2010 أودعتها فرقة الدرك الوطني بزعبانة، بالإضافة إلى ثلاثة جثث تتعلق بحديثي الولادة، وثلاث جثث أخرى لم يتم تحديد هويتها لأشخاص من جنس ذكر، يحفظون بالمصلحة لأزيد من 6 أشهر.
-
وأكد مصدر طبي أن بقاء الجثث مجهولة الهوية مكدسة لأزيد من 40 يوما يشكل خطرا على العاملين بالمصلحة، وهذا مثبت علميا ومخبريا لانتشار العدوى الناجمة من روائح وسموم البكتيريا بسبب إفرازات الجثث المتعفنة، سيما أمام توافر بدائل حديثة في التعرف على الجثة، وإعداد تقرير الطب الشرعي المفصل عن سبب وفاتها، وتبصيمها وتصويرها، ومن ثم دفنها بدل تركها لشهور وأعوام بالمصلحة، ما يسبب اكتظاظا، وكذا انبعاثا للروائح الكريهة، كما يمكن الاستعانة بإخضاع جثث المجهولين التي لم تدفن بعد لتحليل الحمض النووي “دي أن أي” لكشف هويتها.
-
مدير مستشفى فرانس فانون بالنيابة، وفي حديثه لـ”الشروق” أكد أنه زيادة على الضغط الكبير الذي تشهده المصلحة التي تستقبل جثث المتوفين من داخل المصالح ومن المراكز الاستشفائية الخارجية، بن بولعيد الفابور، ومكافحة السرطان، تشكل جثث مجهولي الهوية المتعفنه عبئا على المستشفى، الذي لا يعدو كونه جهة للحفظ، وأن آخر إرسالية للجهات المسؤولة والمخولة بمنح تراخيص الدفن بولاية البليدة، كانت شهر نوفمبر 2010 حيث أطلعها على حجم الكارثة والوضع الحرج الذي توجد عليه مصلحة حفظ الجثث، إلا أنه لم يتلق أي رد من الجهات المعنية يخول للمؤسسية الاستشفائية التكفل بدفن الجثث الثمانية، التي لم يتم التعرف عليها، وإلى غاية اكتمال الإجراءات النظامية التي دامت لسنوات، تنتظر هذه الجثث إنهاء مأساتها، والإذن بدفنها كحق مشروع، التقاعس فيه يعد مساسا بحرمة الأموات.
-
الصواب استعمال الوسائل التكنولويجية لحفظ بيانات الجثة
-
الشرع يأمر بالتعجيل بدفن الميت ولو لم يتم التعرف على هويته
-
-
غنية قمراوي
-
أكد الإمام سمير من بودواو أن الشرع واضح في مسألة التعجيل بدفن الموتى، موضحا أن إكرام الميت دفنه في الإسلام، وإذا تعذر دفنه في أعقاب الوفاة مباشرة بسبب صعوبة التعرف على هوية الجثة، فليكن ذلك في مدة معقولة ولتستعمل الوسائل الحديثة في رفع البصمة الوراثية للميت وصوره وما أمكن من بياناته ثم دفنه.
-
وأمام إشكالية بقاء بعض الجثث أشهرا طويلة أو سنوات في بعض الأحيان، بسبب ظروف وملابسات الموت، بما يمنع التعرف على هويتها ومن ثم تسليمها لأهلها أو دفنها، قال الإمام “في هذه الحالات الشرع لم يحدد مددا محددة، لكنه طالب بالتعجيل بالدفن، وإذا كانت الجثة مستحيل التعرف على أهلها، يتم أخذ صورها وبيان وملابسات العثور عليها، ولما لا استعمال الوسائل التكنولوجية الحديثة مثل البصمة الوراثية والصورة لحفظها في ملف المتوفي ثم دفنه بما يحفظ كرامة المتوفى”.
-
أما عن ضرورة التعرف على قبور الموتى مجهولي الهوية، فليس لها أهمية كبيرة “ربما يحتاج أهل الميت بعد التعرف على هويته لأن يقفوا على قبره ويصلوا عليه ويدعون له وهذا وارد، ويحفظ لهم إذا حفظت البيانات الدقيقة للجثة مجهولة الهوية وتأكيد مكان القبر ورقمه”، معتبرا أن الشرع جاء وسطا بين المغالين في إهمال القبور والمثرين من زيارتها، فالعبرة حسبه بإكرام الميت بدفنه ولو لم يكونوا أهله حاضرين، مدللا على ذلك بما حصل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم”.
-