جاهزون.. لتخريبها!
![جاهزون.. لتخريبها! ](https://i.dzs.cloud/www.echoroukonline.com/wp-content/uploads/2021/03/750_259627798.jpg?resize=790,444.375)
يبدو أن كثرة التركيز على تصريحات وخرجات وزيرة التربية نورية بن غبريط أنستنا قليلا أو جعلتنا لا نهتم بمحيطها وحاشيتها التي ظهرت في الندوة الوطنية المخصصة لتقييم وإصلاح المدرسة بمثابة “الأطرش في الزفة”، أو في صورة المتآمِر على المدرسة وليس الداعي إلى إصلاحها!
الندوة التي حاولت تقييم 12 سنة من التعليم في يومين، انطلقت أصلا بـ”تضليل رسمي متعمد”، حين تم توجيه الدعوات إلى عددٍ كبير من المشاركين فيها بغرض تقييم وإصلاح التعليم الثانوي، قبل أن يتحوّل العنوان إلى “إصلاح المدرسة” برمتها، تضليل جعل معظم الأساتذة يشاركون غير جاهزين تماما مثل التلميذ الذي يراجع مادة التاريخ ليلا ليمتحن في الرياضيات صبيحة اليوم الموالي.
وإذا تجاوزنا الشكل والتضليل وكذا تحريف الندوة عن سياقها ومضمونها، وقفزنا على تصريحات الوزير الأول التي يهدد فيها الأساتذة مباشرة بالحبس إذا أضربوا مجددا، فإنه لا أحد يمكنه التصديق بأن ندوة تقام في يومين يمكنها أن تصلح وضعا معقدا باتت المدرسة الجزائرية تتخبط فيه منذ سنوات..
الأدهى والأمّر، أن الندوة الصحفية التي أعقبت الحدث، وشارك فيها المفتش العام للوزارة بمعية المكلف بالبيداغوجيا، جاءت مليئة بالألغاز والتساؤلات وبالفضائح في التصريحات أيضا.
كيف يمكن الوثوق في وزارة يقول مفتشها العام على الملأ مبررا الفضيحة التي وقعت في سؤال البكالوريا والخلط بين نزار قباني ومحمود درويش: “ليتنا قدمنا سؤالا عن الشعر الملحون الجزائري، فحينها لم يكن ليسمع بفضيحتنا أحد، ولا أن يضحك علينا في وسائل إعلام أجنبية”!
بمعنى أن السيد المسؤول ليس مهتما بمحاسبة المخطئ، ولا برصد أثر الفضيحة، لكن ما أقلقه في القصة برمتها، خروجها للعلن، وتحوّلها إلى “فضيحة عربية” تتناقلها وكالات أنباء من المحيط إلى الخليج، في صورة جديدة جعلت مستوى البكالوريا الجزائرية في الحضيض!
السيد المسؤول يتحدث، متهكما، وكأن المشكل يكمن في نزار قباني ومحمود درويش وليس في واضع السؤال الذي أخلط بين شاعرين كبيرين، والذي لا نعرف حتى الآن، هل عوقب أم لا!
ثم من يضمن لنا أن الخطأ لن يتكرر حتى وإن تعلق الأمر بشاعرين جزائريين؟ فربما أخلط أحدُهم غدا بين الشاعر عبد الرحمن المجذوب، وبين محمد العيد آل خليفة، فالأمر لا يتعلق بالأسماء لكن بالمستوى والأداء!
المسؤولون في وزارة بن غبريط يقولون إنهم ليسوا في حاجة إلى خبراء أجانب، لكن في الوقت ذاته يعترفون أن اللجنة القائمة على صياغة المناهج المدرسية الجديدة لن تخرج عن توصيات اليونيسكو ولا المنظمات العالمية، مع احتفاظها بالتعريف المشترك لمختلف القيم والمفاهيم السائدة “دوليا”!
بمعنى: لسنا بحاجة إلى خبراء من وراء البحار، فسنقوم بالمهمة المطلوبة منا محليا وبجدارة، وحين تسأل هؤلاء القائمين على الوزارة عن هوية أعضاء اللجنة، ومستواهم، وعن الأفكار التي يريدون إضافتها للمناهج، يقولون بصوت غاضب: رجاء، احترموا النخبة الجزائرية ولا تشكّكوا فينا!
كيف لا نشكك وهنالك مخطط للانقضاض على اللغة العربية، حين يعترف المفتش العام ومعه المكلف بالبيداغوجيا في ندوتهما الصحفية الأخيرة أنهما لا يريدان أن يصدما الطفل باللغة العربية بمجرد دخوله المدرسة خلال السنة الأولى!
هل تحوّلت لغة الضاد إلى صدمة ومصدر خوف وترهيب إلى هذا الحدّ؟
ثم ماذا تقترح وزارة التربية لتعويض اللغة العربية؟ يقول المفتش العام ومسؤول البيداغوجيا دوما: سنعوضها بتعليم اللغة الأم، والمتمثلة في”اللغة الجزائرية” بمختلف أنواعها؟!
أليس هذا دليلا كافيا على وجود نية مبيتة لإعداد جيل كامل “مشوّه لغويا”؟
ثمّ كيف يمكن ائتمان المدرسة وتعليم اللغة العربية فيها مع وزيرة لا تعرف نطقها ولا التحدث بها أصلا في مشهدٍ وصفه الوزير الأسبق علي بن محمد يوما بأنه فضيحة لم تحدث في قطاع التربية منذ الاستقلال؟!