-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ثقافة أوربا وبربريّتها

ثقافة أوربا وبربريّتها

أراذلنا نحن المسلمين والعرب وبادي الرأي منا، وسفهاؤنا تغزهم مظاهر الأوروبيين، وتغرهم كلماتهم، فيرون كل ما يصدر عنهم من خسيس الأفعال وشنيع الأقوال في أعلى درجات الحسن القولي والفعلي، بالرغم من أن كثيرا من هؤلاء الغربيين أنفسهم وصفوا هذا الجنس الأوربي وامتداداتها غربا فيما يسمى أمريكا جنوبها وشمالها وشرقا فيما يسمى أستراليا ونيوزيلندا، وصفوه بأبشع الصفات، ونعتوه بأقبح النعوت، ومن تتبع تاريخ هذا الجنس الغربي تبيّن له أن أشر الناس هم هؤلاء الأوربيين، الذين يحسبون أنفسهم ليس كمثلهم شيء.. وأن كل ما يأتونه من أفعال شيناء وأقوال دنيئة يجب أن يعتبر قمة في السلوك الحضاري، وقمة وسدادا وحكمة في الأقوال.
وكما أسلفت فإن أوربيين شهدوا على قومهم بأنهم من أسوإ من خلقوا لما ارتكبوه من جرائم عبر العالم، ولما صدر عنهم من أقوال عنصرية، احتقارا لغيرهم من الشعوب وسخرية منهم، واستهانة بهم.
من هؤلاء الغربيين الذين شهدوا على انحطاط قومهم، وتسفّلهم فعلا وقولا الفيلسوف الفرنسي إدغار موران، الذي بلغ من الكبر عتيا حيث ولد في 1921، وما يزال على قيد الحياة إلى يوم الناس هذا، وما يزال يتفاعل مع قضايا عصره، خاصة ما يأتيه بنو جلدته من أفعال يخجل منها أجرم المجرمين، ولكنهم يرونها من أحسن الأعمال والأقوال.. ومن كان في هذا الكلام يمتري فيما يقع في غزة اليوم شهادة على بشاعة هذا الإنسان الغربي.
لهذا الـ”إدغار موران” عدة أعمال فكرية ثقافية، تدل على أنه يملك بصرا حديدا ورأيا سديدا، ومن هذه الأعمال كتيّب صغير عنوانه: “ثقافة أوربا وبربريتها”، وعنوانه بلسان قومه هو: (Culture et barbarie européennes).
كانت جرائم الإنسان محدودة الزمان والمكان، ولكن جرائم هذا “الإنسان” الأوربي تعولمت حتى قبل نشوء ظهور مصطلح “العولمة”. وما وصف الحربين (1914-1918) و(1939-1945) بالعالميتين إلا تسمية في غير محلها، لأنهما ليستا إلا حربين أوروبيتين بامتدادهما في الولايات المتحدة – على الباطل- الأمريكية وكندا واستراليا، ولكن شعوب آسيا وافريقيا هي التي تحملت نتائج هذين الحربين.
لو لم يرتكب الإنسان الأوروبي من الجرائم إلا جرائم فرنسا في الجزائر لكانت هذه الجرائم أكبر دليل على وحشية هذا الإنسان الأوربي وعنصريته.. ولم يرتكب هذا الإنسان الأوربي إلا هذه الجرائم التي تجري في غزة لكانت أبلغ دليل على لا إنسانية هذا الإنسان الأوروبي، فما هؤلاء الصهاينة إلا نتيجة هذه “الثقافة الأوروبية وبربريتها”. وقد صدق الفيلسوف روجي قارودي عندما قال: “إن كلمة الغرب كلمة رهيبة” (حوار الحضارات. ص 17)، وأصدق منه قول الشاعر رشيد سليم الخوري النصراني الديانة:
خاطب وحوش أوربا بلسان وادخر لسان الحب للإنسان.
لقد كتب هذا الكاتب مؤخرا كتابا عنوانه “changeons de voie”، “فلنغير الطريق”، وأرى أنه من الأوجب أن يدعو إلى تغيير ثقافة أوربا، التي ستقضي على الإنسانية بهذه “المثلية”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!