منوعات
تقرير توثيقي استقرائي يرصد الاعتداءات على المسجد الأقصى والتفاعل معه

تقرير: عينٌ على الأقصى.. ردود الفعل على التطورات في المسجد الأقصى (4)

الشروق أونلاين
  • 215
  • 0

تصدر مؤسسة القدس الدولية منذ عام 2005 تقريرًا دوريًّا يرصد الاعتداءات على المسجد الأقصى وتطور خطوات الاحتلال الإسرائيلي تجاهه. ويعدّ هذا التقرير الخامس عشر في هذه السلسلة وهو يوثّق الاعتداءات على الأقصى ما بين 2022/8/1 و 2023/8/1.

الفصل الرابع: ردود الفعل على التطورات في المسجد الأقصى

أولاً: المستوى الفلسطيني

شهدت المدة التي يغطيها التقرير ارتفاعًا ملحوظًا ونوعيًا في المقاومة الفلسطينية الشعبية والمسلحة ضدّ الاحتلال.

أظهر الخطاب الفلسطيني تمسّكًا بالقدس والمقدسات والمسجد الأقصى، ورفضًا لاعتداءات الاحتلال، مع التشديد على نبذ كل الخلافات الفلسطينية الداخلية، وعلى أهمية تصعيد المقاومة والاشتباك والمواجهة مع الاحتلال، دفاعًا عن القدس والأقصى والمقدسات.

وشهدت المدة التي يغطيها التقرير ارتفاعًا ملحوظًا ونوعيًا في أشكال المقاومة الفلسطينية الشعبية والمسلحة ضدّ الاحتلال، فيما دعت القوى والفصائل الفلسطينية قيادة السلطة وأجهزتها الأمنية إلى وقف التنسيق الأمني.

أ- الفصائل الفلسطينية

أكدت فصائل المقاومة الفلسطينية أن الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى والاعتداءات المتواصلة على القدس والأماكن المقدسة فيها تمثل تصعيدًا خطيرًا، واستفزازًا لمشاعر الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية، مشددة على أن “الأقصى خطّ أحمر، دونه الأرواح والدماء”.

ودعت الفصائل إلى نبذ كل الخلافات الفلسطينية الداخلية، وإلى تصعيد المقاومة والاشتباك والمواجهة مع الاحتلال في كل ساحات الاشتباك دفاعًا عن القدس والأقصى والمقدسات، وشددت على أهمية إطلاق يد المقاومة في الضفة الغربية، وإطلاق مشروع كفاح شعبي تحرّري، مطالبة بضرورة وضع استراتيجية وطنية ترتقي إلى مستوى مجابهة المخاطر التي تُحدق بمدينة القدس والأماكن المقدسة فيها، وخاصة المسجد الأقصى، في ظلّ محاولات الاحتلال فرض وقائع على الأرض، معلنةً تمسّكها بالقدس عاصمة للدولة الفلسطينية، وبالهوية الإسلامية للمسجد الأقصى.

وشهدت المدة التي يغطيها التقرير ارتفاعًا ملحوظًا ونوعيًا في أشكال المقاومة الفلسطينية الشعبية والمسلحة ضدّ الاحتلال، فيما دعت القوى والفصائل الفلسطينية قيادة السلطة وأجهزتها الأمنية إلى وقف التنسيق الأمني.

حذَّرت حركة حماس من النتائج المترتبة على الانتهاكات الصهيونية المتكررة في القدس والضفة الغربية، والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى، ومن أن “أي تغيير في الوضع القائم في المسجد الأقصى سيحول المنطقة إلى زلزال، مؤكدة على أنها لن تسمح بالمساس بالقدس أو الأقصى”.

فقد أكَّدت الفصائل الفلسطينية رفضها التنسيق الأمني مع الاحتلال، وشددت على أن مشاركة السلطة الفلسطينية في قمّة العقبة الأمنية، في 26/2/2023، جريمة وتجاوز وطني خطير. ودانت الفصائل مشاركة السلطة في قمّة العقبة، داعية إياها إلى التراجع عن هذا المسار الخطير، وشدّدت على أن “الفريق المشارك في الاجتماع لا يُمثّل شعبنا”. وعبّرت الفصائل عن رفضها الاعتقالات السياسية في الضفة الغربية، ولا سيما التي تستهدف قادةً وكوادر وأسرى محرّرين.

وحذَّرت حركة حماس من النتائج المترتبة على اعتداءات الاحتلال المتكررة في القدس والضفة الغربية، والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى، وشددت على أن “أي تغيير في الوضع القائم في المسجد الأقصى سيحوّل المنطقة إلى زلزال، مؤكدة أنها لن تسمح بالمساس بالقدس أو الأقصى، وأن الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج هو الخندق المتقدم في حماية القدس والأقصى.

وشددت الحركة على أنها ستفشل كل مخططات الاحتلال، وأنّ “الأقصى خطٌ أحمر وأن القدس دونها الرقاب”، وأن المقاومة تفرض معادلاتها، بغطاء من أبناء الشعب الفلسطيني، وأكدت أن الاحتلال واهم إذا كان يعتقد أن الاعتداءات والاقتحامات ستغيّر الطابع الإسلامي للقدس أو الأقصى.

وبالمقابل، دعت حماس السلطة الفلسطينية إلى وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، وعدّت التعاون مع العدو، وملاحقة المقاومين والأحرار من أبناء الشعب الفلسطيني انحدارًا كبيرًا من السلطة ورئاستها. ودانت حماس كل لقاءات التنسيق الأمني التي لا تخدم إلاّ العدو الإسرائيلي، مشددة على أنّ التنسيق خنجر مسموم في قلب الشعب الفلسطيني وظهره.

وفي السياق ذاته، لفتت حماس النظر إلى أن التطبيع يضر بفلسطين والقدس والأقصى، وبالدول المطبعة ويخدم دولة الاحتلال، داعية إلى التراجع عنه، وإلى بناء تحالفات استراتيجية لرفضه.

وأكدت حركة فتح أنها ستبقى تدافع عن الأقصى والمقدسات مهما كان حجم التضحيات، وأنها لن تسمح بتمرير محاولات حكومة اليمين المتطرف لتحويل الصراع إلى ديني، وتقسيم المسجد الأقصى زمانيًا ومكانيًا، ودعت الحركة “أبناء شعبنا وأطر وأبناء فتح إلى النفير العام لحماية المسجد الأقصى والرباط والاعتكاف فيه، والتصدي للاقتحامات”، مؤكدة تصعيد الزحف الجماهيري إلى القدس والأقصى. وقالت فتح إن “محاولات حكومة اليمين المتطرف لتحويل الصراع إلى ديني، وتقسيم المسجد الأقصى زمانيًا ومكانيًا خلافًا للوضع التاريخي والقانوني الذي لن نسمح به إطلاقًا، هي محاولات لا يمكن إلا أن تؤجج الأوضاع وتقود إلى مواجهة وحرب لا تُحمد عواقبها، تتحمل مسؤوليتها حكومة الاحتلال وحدها”.

وأكدت حركة الجهاد الإسلامي أن لا حقّ لليهود في المسجد الأقصى الذي هو حقّ خالص للمسلمين، مشددة على أن “القدس عنوان هويتنا وديننا وتاريخنا، ويجب القتال لتحريرها”. وحذرت الحركة دولة الاحتلال من استمرار اقتحامات الأقصى، وقالت إنّها ستستمر، مع الفصائل الفلسطينية، في إطلاق الصواريخ “إذا استمر الاحتلال في العدوان والغارات الجوية أو الاعتداءات على المصلين والمعتكفين في المسجد الأقصى”.

 ب- السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية

شددت القيادة الفلسطينية على أنها ستستمر في اتخاذ جميع الإجراءات القانونية التي تتيحها الشرعية الدولية، لتنفيذ كل الخطوات الضرورية والمناسبة للردّ على إجراءات حكومة الاحتلال التي بدأت طلائعها باقتحام الأقصى، وأعلنت رفضها ممارسات الاحتلال الممنهجة لتغيير طابع القدس وهويتها.

شددت القيادة الفلسطينية على أنها ستستمر في اتخاذ جميع الإجراءات القانونية التي تتيحها “الشرعية الدولية”، لتنفيذ كل الخطوات الضرورية والمناسبة للردّ على إجراءات حكومة الاحتلال التي بدأت طلائعها باقتحام الأقصى، وأكدت أن صور القوات الإسرائيلية، وهي تقتحم المسجد، أوجدت حالة من الغضب لا تصدق لدى كل فلسطيني أينما كان.

وأعلنت القيادة رفضها ممارسات الاحتلال الممنهجة لتغيير طابع القدس وهويتها، والاعتداء على حرمة المقدسات فيها، وأنّ “القدس الشرقية، بمقدساتها الإسلامية والمسيحية، هي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين”، وأن أي محاولات إسرائيلية لإضفاء شرعية على احتلالها هي محاولات فاشلة، مع تشديدها على إدانة الاستهداف الإسرائيلي المستمر للمقدسات المسيحية والإسلامية. ودعت السلطة الفلسطينية الإدارة الأمريكية إلى إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس للحفاظ على حلّ الدولتين، وإلغاء مخطط مجمع السفارة الأمريكية المزمع إقامته في القدس.

 ج. المقدسيون وفلسطينيو الأراضي المحتلة عام 1948

مع تصاعد الاقتحامات الإسرائيلية للأقصى، وتصاعد مساعي الاحتلال للإطباق على الأقصى، لم تتوقف ردود الفعل الشعبية الفلسطينية الغاضبة، سواء في القدس أو في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948 للدفاع عن الأقصى.

مع تصاعد الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى في السنوات الأخيرة، وتصاعد مساعي الاحتلال للإطباق على الأقصى ؛ لم تتوقف ردود الفعل الشعبية الفلسطينية الغاضبة، سواء في القدس أو في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948، للدفاع عن الأقصى.

واستمرت في أشهر الرصد جهود المقدسيين والفلسطينيين من الأراضي المحتلة عام 48 في مواجهة تهويد الأقصى، فقد شكّلوا خطّ الدفاع الأول في وجه الاعتداءات المتكررة على الأقصى، وعمارة ساحاته، إذ شهدت أشهر الرصد استمرار التفاعل مع مبادرة “الفجر العظيم”، التي تشهد تفاعلًا من قبل العوائل المقدسية، وهذا ما كان يؤدي إلى امتلاء مصليات الأقصى المسقوفة، وبقاء مئات المصلين حتى شروق الشمس.

ومع اقتراب شهر رمضان، الذي تزامن للعام الثالث على التوالي مع عيد “الفصح العبري”، بدأ الفلسطينيون خوض معركة الاعتكاف في الأقصى باكرًا، لتحويله إلى أداة رئيسة لرفع مستوى الوجود الإسلامي في الأقصى، ومواجهة اقتحامات الأقصى في رمضان. وقد بدأ الاعتكاف في اليوم الثاني من رمضان في 23/3/2023، وشارك فيه عشرات الشبان، وعلى الرغم من محاولات الاحتلال المتكررة والوحشية لإنهائه، فإنه استمرّ حتى نهاية شهر رمضان.

ومع استمرار قوات الاحتلال في استهداف مصلى باب الرحمة، لم تقف المبادرات الفلسطينية لعمارة المصلى، ففي 13/6/2023 أطلقت مبادرة “عهد الأقصى” وهي مجموعة شبابية تطوعية من القدس المحتلة، مشروعًا لإعمار مصلى “باب الرحمة”، تحت عنوان “قناديل الرحمة”، وتضمنت المبادرة قراءة ورد من القرآن الكريم داخل المصلى لتعزيز الوجود الإسلامي فيه، وحثهم على البقاء فيه أكثر مدة ممكنة.

وحاولت أذرع الاحتلال الأمنية وقف هذه المبادرات وتعطيله، فقد شنّت هجومًا على المرابطين داخل الأقصى، ومنعت المناسبات التي كانت تقام في باحاته، لتفريغه من المرابطين، وتسهيل اقتحامات المستوطنين، ومُنع المصلون في مناسبات عديدة من الوصول إلى المسجد، والصلاة فيه. وأصدرت قوات الاحتلال عشرات أوامر الإبعاد عن الأقصى والقدس، بحقّ العديد من المقدسيين وفلسطينيي الداخل المحتل.

 ثانيًا: المستوى الإسرائيلي

لم تكن الخطوات والإجراءات الإسرائيلية لتقسيم المسجد الأقصى زمانيًا ومكانيًا، ولتهويد القدس، وفرض أمر واقع فيها، حدثًا طارئًا معزولًا عن الاستراتيجية الصهيونية التي اعتمدت سياسة المراحل المتدرّجة، وصولًا إلى هدفها. فالمعركة تدور اليوم حول الأقصى؛ إذ تسعى سلطات الاحتلال إلى إلغاء السمات الحضارية للقدس، عبر عمليات الحفريات والهدم وغيرها، لتقدم للعالم تاريخًا مزيفًا يعيد تشكيل المدينة وكأنها يهودية خالصة، بعد محو هويتها التاريخية العربية والإسلامية والمسيحية.

لم تكن الخطوات والإجراءات الإسرائيلية لتقسيم المسجد الأقصى زمانيًا ومكانيًا، ولتهويد القدس، وفرض أمر واقع فيها، حدثًا طارئًا معزولًا عن الاستراتيجية الصهيونية التي اعتمدت سياسة المراحل المتدرّجة، وصولًا الى هدفها.

فالمعركة تدور حول الأقصى؛ حيث تسعى سلطات الاحتلال إلى إلغاء السمات الحضارية للقدس.

وتسابق حكومات الاحتلال المتعاقبة الزمن بهدف تغيير الوقائع الجغرافية والثقافية والعمرانية والديموغرافية في القدس المحتلة. وكل أطياف المكونات السياسية الإسرائيلية أسيرة تيار ديني قومي لا تريد أن تخسره، وتشترك معه في السعي إلى تهويد شرق القدس، وتحقيق السيادة الإسرائيلية على الأقصى. ويكمن الخطر الأساسي في ما يحاول الاحتلال تسويقه عند الحديث عن الاقتحامات وما يرافقها من طقوس توراتية وتصنيف ذلك تحت مسمّى “حرية العبادة” بحيث يبدو المشهد وكأنّه اختلاف على حقّ ديني فيما واقع الأمر أنّه عدوان على مقدّس إسلامي ومحاولة لفرض السيطرة الإسرائيلية عليه.

وبالتزامن مع تزايد أعداد المقتحمين للأقصى، شهدت الأعوام الستة الأخيرة تصاعدًا واضحًا في أداء الطقوس الدينيّة اليهوديّة العلنية، مع تكثيف شرطة الاحتلال من ملاحقتها لحرّاس المسجد، التابعين لدائرة الأوقاف الأردنيّة، ومنعهم من الاقتراب من مجموعات المستوطنين أو الاعتراض على أدائهم الطقوس التلمودية في المسجد، واعتقالهم وإبعادهم عن مكان عملهم، ناهيك عن منع الأوقاف من القيام بأعمال الصيانة والترميم واشتراط موافقة الاحتلال قبل أيّ عمل.

ثالثًا: الأردن

تزايد الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى والأماكن المقدسة في القدس يعني مزيدًا من الانتهاك للمسؤولية الأردنية، واقتطاعًا للدور الأردني، ويسعى قادة اليمين الإسرائيلي إلى إنهاء مشروعية الدور الأردني في القدس، عبر محاولات فرض تقسيم زماني ومكاني، وتغيير الوضع القائم في المسجد.

تزايد الاعتداءات الإسرائيلية على الأقصى والأماكن المقدسة في القدس يعني مزيدًا من الانتهاك للمسؤولية الأردنية، واقتطاعًا للدور الأردني في الأقصى والأماكن المقدسة. فقادة اليمين الإسرائيلي يسعون، عبر زيادة اقتحامهم للأقصى، إلى إنهاء مشروعية الدور الأردني في القدس، عبر محاولات فرض تقسيم زماني ومكاني، وتغيير الوضع القائم.

ولا يخلو أي موقف رسمي أردني من التنديد بالانتهاكات الإسرائيلية المتوالية على الأقصى، ويؤكد ضرورة احترام الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد. ولكنَّ الملاحظ أن هذه المواقف ما زالت بعيدة من التأثير الحقيقي على الاحتلال، بل إن انغماس الأردن أكثر فأكثر في الاتفاقيات الاقتصادية والأمنية، وفي القمم الأمنية والسياسية التي يشارك فيها الاحتلال، يشير إلى أن الأردن يسير في خطِّ لا يسمح له بتبني سياسة تلجم الاحتلال، وتوقف اعتداءاته على الأقصى، وتمنع تقويض الدور الأردني فيه.

 رابعًا: المستوى العربي والإسلامي الرسمي

بدأ مسار القضية الفلسطينية يأخذ منعطفًا جديدًا، على المستوى العربي والإسلامي، مع توقيع “اتفاق أوسلو”، ولكنه أخذ خطوات خطيرة جدًا مع وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية وإعلانه عن “صفقة القرن؛ وفيما تعلن الأنظمة العربية والإسلامية تمسّكها بحقوق الشعب الفلسطيني، فإنّ ممارساتها تؤكد أنها لم تعد تملك غير إصدار بيانات فارغة المضمون، وعاجزة عن التأثير.

بدأ مسار القضية الفلسطينية يأخذ منعطفًا جديدًا، على المستوى العربي والإسلامي، مع توقيع “اتفاق أوسلو”، لكنه أخذ خطوات خطيرة جدًا مع وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية، في بداية عام 2017، وطرحه “صفقة القرن” القائمة على تصفية القضية الفلسطينية من باب التطبيع العربي مع الاحتلال ضمن “اتفاقيات أبراهام”؛ وهذا ما يعني فعليًا التخلي عن إقامة دولة فلسطينية مستقلة كشرط لتطبيع العلاقة مع الاحتلال، كما هو منصوص عليه في المبادرة العربية للسلام 2002.

وفيما تعلن الأنظمة العربية والإسلامية تمسّكها بحقوق الشعب الفلسطيني، فإنّ ممارساتها تؤكد أنها لم تعد تملك غير إصدار بيانات فارغة المضمون، وعاجزة عن ممارسة أي تأثير يؤدي إلى ردع التوحش الإسرائيلي. ولم يكن حال جامعة الدّول العربية ومنظّمة التّعاون الإسلامي أفضل من حال الأنظمة العربية والإسلامية، فقد حافظت على مستوى واحد من الأداء، ولم تخرج تحركاتها تجاه اعتداءات الاحتلال في القدس والأقصى عن خطاب التنديد والتحذير.

وفي سياق الحديث عن الحكومات العربية، نُشير إلى عقد عددٍ من اللقاءات المشبوهة في العقبةِ في 26/2/2023، وفي شرم الشيخ في 19/3/2023، وكانت هاتان القمتان محطتين أظهرتا انتقال بعض الأنظمة العربية من مربع العجز إلى مربع التماهي مع الاحتلال، مع وجود إشاراتُ رافقت هذه الاجتماعاتِ، وأكدت أنها أتت في سياقِ استباقِ التصعيدِ المرتقبِ في شهرِ رمضانَ والأعيادِ اليهودية.

خامسًا: الموقف الدولي الرسمي

لم يعد لدى الفلسطيني أي ثقة بالمجتمع الدولي للتدخل الفعلي لوقف اعتداءات الاحتلال على الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولا يبدو أنّ ثمة إجراءات واضحة لردع الاحتلال

في ظل العجز عن تطبيق القرارات الدولية، ولا سيما إذا كانت تتعلق  بدولة الاحتلال.

لم يعد لدى الفلسطيني أي ثقة بالمجتمع الدولي للتدخل الفعلي لوقف اعتداءات الاحتلال على الشعب الفلسطيني ومقدّساته، فمعظم تحركات الأمم المتحدة ومؤسساتها لا تتعدى التمني الذي أصبح تحقيقه مستحيلاً؛ وما من إجراء دولي واضح لردع الاحتلال في ظل العجز عن تطبيق القرارات الدولية، ولا سيما ما يتعلق منها بدولة الاحتلال.

وفشل مجلس الأمن الدولي، كعادته، في تحقيق الحدّ الأدنى من الآمال الفلسطينية، وفشل في إصدار بيان يدين اعتداءات الاحتلال على الأقصى، ولم تتعدّ تصريحات المسؤولين الأمميين حدّ التعبير عن القلق إزاء تدهور الأحداث في القدس والمسجد الأقصى، والاستفزازات الإسرائيلية، إذ جددت الأمم المتحدة موقفها الرافض لأي تغيير يطرأ على الوضع الراهن في الأقصى، بعد تزايد اقتحام المستوطنين للمسجد، والاعتداء على المصلين فيه.

 سادسًا: المستوى الشعبي

حركت الأحداث في القدس والأقصى المشاعر العربية والإسلامية والحسّ الجماهيري المتعاطف مع القضية الفلسطينية والقدس لما تحمله من رمزية.

كان تفاعل الشارع والتحركات الشعبية مع القضية الفلسطينية، والقدس، والأقصى، ضعيفًا نسبيًا، وشهدت دول عربية وإسلامية وقفات احتجاجية رفضًا لاعتداءات الاحتلال على المسجد الأقصى، ونظمت عشرات المؤسسات والهيئات عشرات الندوات والملتقيات الداعمة للمسجد الأقصى.

وفي السنة التي يغطيها التقرير، كان تفاعل الشارع والتحركات الشعبية مع القضية الفلسطينية، والقدس، والأقصى، ضعيفًا نسبيًا، وإن كان أفضل حالًا من المستوى الرسمي، وشهدت دول عربية وإسلامية وقفات احتجاجية رفضًا لاعتداءات الاحتلال على المسجد الأقصى، من بينها مسيرة شعبية في العاصمة الأردنية عمان في نيسان/أبريل 2023، رفضًا لجرائم الاحتلال بحقّ المقدسات، والاعتداء على الأقصى وإخراج المصلين بالقوة من المسجد. ونظمت عشرات المؤسسات والهيئات عشرات الندوات والملتقيات الداعمة للمسجد الأقصى.

التّوصيات

سلطت فصول تقرير عينٌ على الأقصى السابع عشر الضوء على جملة من المخاطر التي يتعرض لها المسجد الأقصى، وهي أخطار تبدأ من تصاعد حضور “المعبد” وأجنداته في مستويات الاحتلال السياسية والأمنيّة والدينيّة، وتنعكس على حجم اقتحامات المسجد الأقصى بشكلٍ شبه يومي، ولا تنتهي بحفريات الاحتلال ومخططاته التهويدية أسفل المسجد وفي محيطه. وتشهد السنوات الماضية تصاعد التحديات التي تواجه الأقصى ومكوناته البشرية والمادية، وستفتح الباب أمام الاحتلال لكي يفرض تغييرات جوهرية في المسجد الأقصى، تشمل “الوضع القائم” التاريخي في سياق إنهائه بشكلٍ كامل، وتقصي دائرة الأوقاف الإسلامية عن مساحة إدارة المسجد، وتسمح للاحتلال في نهاية المطاف لكي يصبح المتحكم الوحيد بالأقصى وأبوابه.

وعلى الرغم من هذه المخاطر المتصاعدة، فإن مسار التفاعل مع الأقصى لا يتسق مع حجم ما يتعرض له المسجد، إضافةً إلى استمرار حالة التراجع على الصعد الرسميّة، وهي لا تتسق بكل تأكيد مع المخاطر الكبيرة التي تترصد بالأقصى.

وأمام جملة التطورات هذه، ومحاولة الاحتلال الاستفراد بالمقدسيين والمقدسات، نقدم في هذه النقاط جملةً من التوصيات المرتبطة بما يجري في المسجد الأقصى، في سياق رفع مستوى التفاعل مع المسجد وما يتعرض له من أخطار، والإضاءة على أوجب الواجبات في الوقت الحاليّ من مختلف الأطراف الفلسطينية والعربية والإسلامية والدولية، فقد أظهرت معطيات التقرير المتراكمة طوال سبعة عشر عامًا أن ما يُمكننا تداركه الآن، سيكون حجر عثرة أمام الاحتلال، وما نتركه حاليًا، ستعمل أذرع الاحتلال على تحويله إلى أمرٍ واقع في السنوات القادمة، خاصة مع استمرار تصاعد تيارات الصهيونية الدينيّة و”منظمات المعبد”، والتي فتحت شهية الاحتلال ليحقق المزيد من الإنجاز من بوابة المسجد الأقصى.

  1. السلطة الفلسطينية ومنظّمة التحرير الفلسطينية
  1. قوى المقاومة والفصائل الفلسطينية
  1. الجماهير الفلسطينية
  1. الأردن

على المستوى الشعبي

  1. الهيئات والشخصيات الدينية

الفصل الأول: تطوّر فكرة الوجود اليهودي في المسجد الأقصى (رابط)

الفصل الثاني: المشاريع التهويديّة في المسجد الأقصى ومحيطه (رابط)

الفصل الثالث: تحقيق الوجود اليهوديّ في المسجد الأقصى (رابط)

تصدره مؤسسة القدس الدولية في الذكرى السنوية لإحراق المسجد الأقصى

مقالات ذات صلة