-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تشاد، النيجر وهلم جرا..

عمار يزلي
  • 1479
  • 0
تشاد، النيجر وهلم جرا..

الحزم والصرامة التي أبدتها الجزائر تجاه الانقلاب في النيجر ولاسيما محاولة التدخل عسكريا في الدولة الجارة الجنوبية، يبدو أنه أينع وبدأ يثمر، خاصة بعد الجولة التي قادت وزير الخارجية الجزائري إلى الولايات المتحدة لضم صوت هذا البلد إلى الصوت الجزائري وإلى كثير من الأصوات الإفريقية والدولية التي ترفض التدخل العسكري لما لهذه المغامرة من تبعات على استقرار المنطقة والقارة والعالم ككل.

مواقف وأصوات تتعالى أكثر فأكثر، أو تخرج عن صمتها، حتى ضمن الدولة الواحدة الجارة الجنوبية للنيجر، التي كانت ستتزعم محاولة التدخل ضمن قوة الإكواس. البرلمان في نيجريا يرفض التدخل، وتقوم مظاهرات شعبية على الحدود بين شمال نيجيريا وجنوب النيجر من قبيلة “الهوسا” التي تنتشر في هذه المنطقة على الحدود بين البلدين الجارين، حيث تمثل هذه القبيلة نصف عدد سكان نيجريا.

دول الجوار الأخرى ترفض أي تدخل وأي عقوبة ضد النيجر كونها تعرف تبعات وتداعيات ذلك وتعرف محرك هذه الدعوة والباحث عن خلق بؤة عدم استقرار أخرى بصب الزيت على النار: دولة تشاد تدخل ضمن دول الجوار الرافضة للتدخل، فيما بقية الدول الأخرى ترفض ذلك بحزم: الجزائر، مالي، بوركينا فاسو، ليبيا.

صوت الحرب يخفت لصالح العمل الدبلوماسي، بعد تدخل الجزائر على مستوى الاتحاد الإفريقي الذي كان سيجتمع بطلب من دول الإكواس لكسب غطاء شرعي إفريقي للقيام بعمل عسكري تجاه القيادة العسكرية التي انقلبت على النظام الدستوري وعزلت الرئيس المنتخب مجمد بازوم، وبموقف صارم ورافض، تم تأجيل البث في التدخل، بما يعني أنه الاتحاد الافريقي يرفض منح المظلة لدول غرب إفريقيا من أجل القيام بعمل عسكري لعيون فرنسا الزرق ولحسابها ومصلحتها أساسا. هذه التهدئة، هي ثمرة عمل الجزائر رفقة دول أخرى على المستوى القاري والجواري وبالتوافق والتنسيق والتحرك مع القوى العظمى في الولايات المتحدة وروسيا والصين ومع الهيئة الأممية بالتأكيد، حتى ولو لم يعلن عنها، لكن النشاط الدبلوماسي الجزائري بدا فاعلا ومتفاعلا مع الأزمة منذ أول يوم من حدوث الانقلاب.

يبدو من خلال الساعات الأخيرة قبل استقبال رئيس الوزراء النيجيري المعين من طرف اللجنة العسكرية الماسكة بزمام السلطة في النيجر، الوفد البرلماني لدول الإكواس، أن خيار العمل الدبلوماسي قد بدأ يحل محل التهديد والوعيد، لاسيما وأن كل دول المنطقة تقريبا مرت بنفس تجارب الااستقرار والانقلابات، وكل ما كان مطلوبا كأمر واقع من طرف دول الاتحاد الإفريقي ودول الجوار والإكواس وحتى فرنسا، هو العودة سريعا إلى المسار الدستوري والإفراج عن الرئيس والمقربين منه، وتسليم السلطة عبر مرحلة انتقالية سريعة محدد الآجال تفضي إلى انتخابات شعبية وحكومة مدنية منتخبة شرعية. هذا ما قامت به فرنسا ماكرون قبل فترة غير طويلة في تشاد مع الانقلاب الذي حدث، ودعا فيه في ندوة صحفية مشتركة كل من الرئيس محمد بازوم وماكرون إلى رفض التدخل العسكري وأية عقوبات على تشاد، والمطالبة بعودة الشرعية الشعبية بشكل عاجل عبر مرحلة انتقالية قصيرة تفضي إلى انتخابات وحكومة مدنية. الكيل بمكيالين لدى فرنسا في كل من تشاد والنيجر يؤكد أن لفرنسا نوايا أخرى، غير الحفاظ على الشرعية في النيجر، فيما المقاربة الجزائرية، أكثر صدقا كونها تسعى للمحافظة على لحمة البلد والمنطقة والقارة كلل والتي تنذر بتفكك أواصر العلاقات بين شعوب القارة ودولها في وقت هي أحوج إلى الاتحاد والتكتل الاقتصادي والسياسي لمواجهة الفقر ورهان التنمية التي هي أكبر عدو للقارة ولدول الساحل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!