-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
المناضلة الدولية "كويفا باترلي" تتحدث عن حياتها لـ"جواهر الشروق":

“تركت حياة الرفاهية في الغرب وسعيدة بتواجدي بين العرب”

نادية شريف
  • 2612
  • 0
“تركت حياة الرفاهية في الغرب وسعيدة بتواجدي بين العرب”
جواهر
كويفا باترلي مع صحافية "جواهر الشروق"

بعيون زرقاء مكحلة بالأسود، وبملامح أوروبية وجوهرعربي تزيّنه لكنة مشرقية متميزة، هي من ايرلندا لكن ارتبطت قضيتها الأساسية بالقضايا العربية، فتجدها تسافر من بؤرة توتر نحو أخرى، ومن بلد مجروح لآخر، لتسمع صوت المظلومين، وتتحدى الصعاب، معروفة بنضالها المتواصل، ودون خوف وقفت أمام طوني بلير في مؤتمره المشترك مع فؤاد السنيورة وعبرت عن موقفها المناهض للأعمال الصهيونية، شاركت في أسطول الحرية، تعيش في ايرلندا وتشتغل مع مؤسسات غير حكومية من فترة لأخرى لتؤمن حاجياتها، تحيا حياة متواضعة غير مترفة، لأنها تعودت كما تقول على “المبيت في المخيمات، والحياة البسيطة مع الإحساس بمعاناة الشعوب المحتلة”، فأغلب وقتها تقضيه بين مخيمات اللاجئين في لبنان أو بين الفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة، أومع العراقيين قبل الغزو الأمريكي للعراق وبعده… إنها المناضلة والناشطة الإنسانية “باترلي كويفا الايرلندية”، التقينا بها في لبنان لتروي لنا يومياتها بين موقف النضال وحياتها الشخصية، فكان لنا هذا الحوار.

من أين استمدت كويفا المتضامنة الإنسانية، هذه القوة والعزيمة والإرادة لتترك حياة الرفاهية في الغرب وتنتقل بين مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وغزة ثم العراق ومؤخرا البحرين؟

من دمي، فأنا سليلة شعب ايرلندا الثوري، ثم من عائلتي حيث ترعرعت في جو يساري اشتراكي، وعشت في أمريكا اللاتينية وإفريقيا حيث شاهدت بأم عيني صور البؤس والاضطهاد والظلم لما كنت صغيرة وبقيت هذه المشاهد عالقة في ذهني وكبرت عليها، وكان من واجبي أن تكون لدي ردة فعل لمساندة هؤلاء المظلومين، ولا أحس أنني ايرلندية أو أنك جزائرية نحن شعب واحد، ممكن نختلف في اللغة والثقافة ولكن لن نختلف في إنسانيتنا وفي التضامن الإنساني… 

 كيف نواجه هذه العنصرية وكيف نغير نظرة الغرب من القضية الفلسطينية؟

أنا قررت قبل سنتين أن لا أجري الكثير من المقابلات إلا مقابلتين فقط، وأفضل إذا دعتني الصحافة لذلك أن تحاور فلسطينيا بدلا مني، لأن من حق هؤلاء الفلسطينيين أن يتحدثوا بشكل مباشر أمام الإعلام وينقلوا معاناتهم لوسائل الإعلام بطريقة مباشرة.

أصبحت مع مرور الوقت متحدثة على لسان الفلسطينيين ألا يسعدك ذلك؟

التفرقة هي بينكم وبين الغرب، لأنني أجنبية فصوتي أقوى من أي فلسطينية، وعلينا أن نقاوم هذه العنصرية، أنا أحاول بكل تواضع أن أبلغ صوت المظلومين الفلسطينيين الى المجتمع الغربي، لذلك قررت أن أجري مقابلة كل ستة أشهر، أعتقد أن من حق الفلسطينيين أن يتكلموا مباشرة الى الإعلام الغربي لأن صوتهم أقوى مني، في حين يعتقد البعض أن صوتي أقوى من واحدة فلسطينية في الإعلام الغربي لأنني واحدة منهم وهذا ما أعتبره عنصرية، ولكنني كشاهدة عيان لذلك المجتمع أحاول  أن أهز ضميره ليتحرك.

وأنت تتحدثين عن مواقف الدول الغربية هل تشعرين باليأس والإحباط عندما ترين مثل هذه المواقف؟

لا أبدا فطريق الحرية ليس سهلا، والطريق ليس قصيرا، وأنتم في الجزائر جربتم الاستعمار بمختلف ألوانه لمدة 132 سنة، وخرج الشعب الجزائري منتصرا، ايرلندا كذلك دفعت الثمن من أجل الحرية، وهذا من واجبي كإيرلندية تؤمن بالنضال من أجل تحرير الشعوب المضطهدة أن أكون الى جانب هؤلاء المظلومين.

متوازنة بين التواضع والشجاعة وأكره التكبر وادعاء البطولة

من يرى شكلك بعيدا عن الأضواء يكتشف أنك امرأة جد خجولة، فمن أين لك كل هذه القناعة والقوة، والشجاعة والإيمان بما تقومين به من أجل الشعب الفلسطيني؟

أحاول في شخصيتي أن أتوازن بين التواضع وبين الشجاعة، وأكره ثقافة التكبر والاستعلاء على الناس، والإدعاء بالبطولة أنا أمقت هذه الأشياء.

فقبل أن أضع مولودي لم يطرق الخوف باب قلبي، لم أخف من الموت أو من أي شيء آخر، حتى لما أجرح لا أبالي، ولكن بعد أن وضعت حملي تغير إحساسي وشعوري، فأصبحت أشعر بالخوف وقلّ اندفاعي لذلك أصبحت أفكر وأعيد تقدير جميع خطواتي.

ماذا غير فيك ابنك؟

 لم أكن أعرف معنى “الخوف” أو “أخاف” من أي شيء، إذ قبل ميلاد صغيري “زاسم” ومعناه “حكواتي” في اللغة الإيرلندية، ولكن بعدما وضعت ولدي لم أشعر بالخوف من الاعتقال أو الظلم بقدرما شعرت بالمسؤولية، قبل ذلك كنت مندفعة في عمل أي شيء، الآن أصبحت أفكر مرتين قبل أن أقدم على فعل أي شيء، من قبل كنت كالمجنونة عندما أرى مشاهد الظلم التي تمارسها قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين، مثلا قبل فترة زرت مع رضيعي المخيمات الفلسطينية هنا في لبنان وفي الجنوب، وكنت أقول في نفسي أن ابني سيستفيد من كل هذا عندما يكبر…  وحتى يفهم ما هي العدالة والحرية، هو مقاوم صغير، أكيد لا أريد أن أعذب ابني، لا أشعر بالأمان لو أخذته إلى غزة بكل صراحة ولكن فيما بعد عندما تتحسن الأوضاع الأمنية سآخذه الى هناك، عندي عائلتي في غزة ورفاق وأصدقاء يحبونه كثيرا ويريدون رؤيته، هناك في ذهني منذ الثمانينات صورة  لمناضلة من نيكاراغوا تحمل بيد طفلها وفي اليد الاخرى سلاحها، أنا سلمية لا أحمل السلاح طبعا، بل أم تحمل ابنها وفلذة كبدها في قلبها وفي نفس الوقت مناضلة تناصر قضايا المظلومين والمضطهدين في العالم.

فضلا عن كونك أم أنت في نفس الوقت زوجة، كيف هي الأمور مع زوجك بعدما ارتبطت به؟

 هو تركي من أصل قوقازي روسي، هو رجل هادئ وقبطان سفينة، وأصدقك القول أن حياتي عادية، وكإمرأة ثورية أشعر أن زوجي عليه كذلك أن يقاوم الظلم والاضطهاد، وحتى مقاومة التفرقة بين الجنسين، دائما كنا في مقدمة الصفوف في مختلف الثورات، الفلسطينية الجزائرية والفنزويلية.

 ماذا عن قصة زواجك وارتباطك بهذا الرجل؟

قررت أنا وزوجي أن لا نخوض في حياتنا العاطفية في الصحف حتى أنني أرفض أن تلتقط صور لإبني وتنشر في الصحف أريد أن تبقى عائلتي بعيدة كل البعد عن عدسات الصحف، وأفرق بين الحياة الشخصية والحياة النضالية.   

عندك تجربة في الاعتقال والاستنطاق مع الجيش الإسرائيلي أحكي لنا جانبا من هذه التجربة؟

بالنسبة لي الأمر عادي، اعتقلت لساعات ثم رحلت نحو الخارج، لا يقارن ما تعرضت له مع قساوة ما يعانيه الشعب الفلسطيني على أيدي قوات الاحتلال الاسرائيلي فوضعهم أسوأ بكثير بألف مرة، وحتى عند إصابتي بالرصاص في 2002 الإعلام في الغرب عمل ضجة كبيرة لكوني أوروبية أصبت هناك، وشعرت بالخجل عندما أحدث العالم ضجة بسببي، بينما لم يتحرك لألم شعب بكامله يقتل بدم بارد على مرأى ومسمع من الجميع، ولا كلمة في الاعلام الغربي عن الشهداء وأراملهم والمعتقلين وهذه عنصرية العالم الغربي.

هل تستفيدون من أي دعم مادي وكيف تملون نشاطاتكم المختلفة؟

رفضت من زمن أن أحصل على أي دعم من أية جهة كانت، وأريد أن أبقى نظيفة اليدين، أنا يسارية اشتراكية ونسائية، في ايرلندا أشتغل مع مؤسسات غير حكومية لفترة قصيرة لأؤمن بعض حاجياتي وأعيش حياة متواضعة غير مترفة، وأغلب وقتي أمضيه بين اللاجئين سواء في لبنان أو فلسطين أو العراق، أبيت في المخيمات وفي الجنوب، شاركت في جمع التبرعات وتسيير قوافل الإغاثة نحو غزة، الشعب الفلسطيني يحتاج أكثر الى من يساند ويدعم مطالبه في الحرية والإنعتاق من الإحتلال، أكيد هم بحاجة إلى دعم مادي، ولكن الى دعم سياسي يساند مطالبهم المشروعة.

 هل تستهويك الموضة؟

حياتي بسيطة ومتواضعة جدا، ومرتاحة أكثر في المخيمات الفلسطينية لأنها هذه هي حياتي العادية…

(ثم تلتف لحذائي، فتعلق بقولها انه جميل ويعجبها.).

أنت متأثرة بزينة المرأة العربية كما يبدو من خلال كحل عينيك؟كيف ذلك؟

أنا لا أطلع من البيت دون أن أضع الكحل على عيني، هذه أصبحت مشكلة بالنسبة لي، وتعلمت الكحل من واحدة فلسطينية من مخيم بلاطة كنا مدعوين لحضور حفل زفاف هناك، وكنت دائما ارتدي الجينز والبوتس، المهم  لباسي فوضى، فجاءتني تلك الفلسطينية وكحلت عيني ومن لحظتها أصبح الكحل لايفارقني في زينتي، يخرب بيتها(تضحك)..

وماذا عن المطبخ؟

 أنا أتفنن في الأطباق الفلسطينية واللبنانية، ويجب أن أتعلم الأطباق الجزائرية، لم أتعود البقاء في البيت طويلا لا أمضي الكثير من الوقت في بيتي، أضيق ذرعا بذلك، بل أريد أن اكون ناشطة ومتحركة على الأرض.

في الوقت الحالي ما هو جدول برامجكم أو نشاطاتكم؟

طبعا نحن في نشاط مستمر، ودوري ليس في اجراء المقابلات أو الوقوف خلف عدسة الكاميرا، وان كان هذا جزء من نشاطنا دوري خلف الكاميرا ولكننا نعمل على تفعيل مختلف الانشطة باتجاه دعم صمود الشعب الفلسطيني في غزة وكل المظلومين في العالم.

ماذا عن دراستك؟

 تطوير الذات مهم وأدرس في العلوم الانسانية انشاء الله في المرة المقبلة أنا التي سأعمل معك مقابلة. 

لا أتابع التلفاز وأنا أرى الظلم مسلط على الشعوب المقهورة

هل لديك أفلام مفضلة؟

(تضحك) المسلسل الوحيد بعد الحرب الذي كنت أتابعه على السورية بطله ممثل سوري فلسطيني نسيت عنوانه، استشهد هذا الممثل؟ وبالمقابل أتابع بكثرة نشرات الأخبار، وأحب كثيرا الأفلام الوثائقية وكذلك الثورية، (تضحك)

صعب علي أن أخصص وقتي للأفلام والمسلسلات، وأنا أرى الظلم المسلط على الشعوب المقهورة…

أحب التعلم من تجارب بعض الشعوب، كجنوب إفريقيا وتجارب بعض الشعوب في العالم العربي، من الأهمية بمكان الاستفادة من تجارب بعض اليساريين في هذا المجال، وفي العالم العربي من المهم أن يكون صوت اليساريين موجودا، واليمين أصبح صوته قويا ومتصاعدا في الكثير من العواصم الأوروبية.

هل تودين زيارة الجزائر؟

أكيد أتمنى زيارة الجزائر، وأتمنى أن أزور بلد المليون ونصف المليون شهيد..والجزائر على رأسي، والشعب الجزائري مقاوم ومناضل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!