جواهر
سيدات يتهمنهم بالنصب عليهن باسم الدين

تجارٌ سلفيون يروّجون للماكياج والعطور والمايو الشرعي

نادية شريف
  • 13495
  • 42

انتشرت مؤخرا في الأحياء والشوارع الجزائرية وبالأخص الشعبية منها محلات تجارية يسيرها في معظم الأوقات جماعات من السلفيين، يعرضون منتجات مختلفة ويدّعون أنها مصنوعة وفقا لتعاليم الشريعة الإسلامية، وهو ما يزيد الإقبال عليها خاصة من قبل السيدات اللواتي أصبحت عبارات “المايو الشرعي” و”الحجاب الشرعي” و”الكحل الشرعي” وحتى “العطور الشرعية”، كافية لجذبهن وحافزا لإنفاق كل ما يمتلكنه من أجل الظهور بمظهر عصري أنيق ومطابق لتعاليم الإسلام.

أضحت عبارة “منتجنا شرعي” أو “مصنوع وفقاً لمواصفات الشريعة الإسلامية”، عبارة ترويجية يعتمد عليها بعض التجار وأصحاب المحلات بغية منح الصبغة الدينية على منتجاتهم بدلا من الخوض في الحديث عن نوعيتها ومدى جودتها أو حتى الماركات والخامات المصممة منها وهو ما تسبب في رواجها. فقد استطاع ما يُسمى “المايو الشرعي” والذي دخل الجزائر منذ سنتين فقط، أن يشد انتباه الجزائريات فيقبلن عليه رغم ارتفاع سعره وتراوحه ما بين 4 آلاف و7 آلاف دينار جزائري حسب نوعيته وجودته، ورغم أن هذا “المايو” مستورَد من تركيا إلا أن الصبغة الدينية التي رافقته جعلته المطلوب الأول من قبل الفتيات. 

وغير بعيد عنه تعرض محلات الألبسة الشرعية مجموعة كبيرة من أحدث خطوط الموضة كالحجاب التركي المتكون من قطعتين، سترة طويلة وسروال والعباءات الشرعية وأسعارها تتراوح ما بين 6 آلاف إلى 15 ألف دينار، وغيرها من الثياب العصرية التي بمجرد إضافة عبارة “الشرعية” عليها حتى تتهافت النسوة عليها.

وتوضح “رقية” وهي متجلببة ومتزوجة وأم لأربعة أطفال، أن المنتجات الشرعية تعرف رواجا كبيرا خاصة من قِبل السلفيات والمتدينات الحريصات على الظهور بمظهر لائق لكنه لا يتنافى مع تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، وبالأخص فيما يتعلق بالعطور ومواد التجميل التي يعرف أن أغلبيتها تستخدم بدهنيات الخنزير ومواد مجهولة المصدر، ولأن أمر العطر محسوم دينيا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “أيما امرأة تعطّرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية”. لذا يعرض بعض السلفيين خلطات من “الشب” و”التالك” والقليل من المسك تمنع العرق، بالإضافة إلى بعض العطور الخفيفة يكون تركيزها أقل، وغير مثيرة للرجال، يسمونها بـ”العطور الشرعية”.

ويبدو أن أمر المتاجرة باسم الدين لم يتوقف على العطور والملابس بل شمل حتى بعض مواد التجميل كـ”الكحل الشرعي” والأثمد الذي  تعرضه مختلف محلات العطارة. يقول صاحب أحد المحلات بباش جراح: الأثمد النبوي والكحل الشرعي معروفان منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فما يُعرض داخل محلي مصنوع محليا أو مستورد من دول عربية وإسلامية غير مشكوك فيها، فبعض الدول مثل الصين تستعمل منتجات محرّمة تشكل خطرا على دين وصحّة مستخدمها.

في حين وصفت “خليدة” هذه البضاعة المسوّقة في المحلات بـ”الكذبة التجارية” و”الأضحوكة”، فكل من يملك بضاعة كاسدة أصبح يضيف عبارة “الشرعي” لها ليروجها، فمن الحجاب والمايو والعطور الشرعية وصولا إلى “الديسك جوكي” الشرعي، حتى إن هناك أنواعاً من مواد التجميل كأحمر الشفاه وطلاء الأظافر معروضة للبيع على الأنترنت يصفها أصحابُها بمواد التجميل الشرعية مثلا: طلاء الأظافر الشرعي لا يستوجب إزالته قبل الوضوء لأنه يحتوي على مواد تسمح بنفوذ الماء منه وهو موجود على الأنترنت، وكذلك الأمر نفسه بالنسبة إلى أحمر الشفاه والذي تمت صناعته من مواد طبيعية مائة بالمائة بدون دهنيات الخنزير.  

 

إلى ذلك، أكد الشيخ كمال بعزيز إمام مسجد الكاليتوس بالعاصمة، أن البيع في الإسلام يحتكم إلى نوع السلعة المعروضة للبيع فيجب أن تكون سليمة خالية من العيوب، وأن تكون حلالا. ومن ناحية إطلاق لفظ الشرعي على بعض السلع فهو تمويه ولا يصح ذلك إلا في حالة تأكد صاحب المحل من أن المنتج الذي يزعم أنه مما أباحه المولى عز وجل ومتفق عليه بين العلماء أي أنه ليس مخالفا للدين الإسلامي، لذا عليه أن يتحرى الدقة ويتيقن بأنه لا يشكل ضررا على مستعمله فمثلا العطر الشرعي الذي يبيعه غير مخالف لتعاليم الإسلام، كأن تكون نسبة الكحول فيه غير مرتفعة أو أن اللباس الشرعي مطابق لما ورد وصفه في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، لذا يجب على الباعة أن لا يستعملوا لفظ الشرعي فقط من أجل تسويق بضاعتهم.

مقالات ذات صلة