الجزائر
مختصون يدعون إلى تنظيمها ويحذّرون من مخاطرها

تجارة عشوائية للتوابل وخلطات مجهولة لأطباق رمضان!

وهيبة سليماني
  • 3472
  • 0

توابل رمضان.. نكهة مميزة وقيمة غذائية، لا يمكن الاستغناء عنها في الشهر الفضيل. وقد عرفت هذه التجارة في بلادنا غزوا من قبل العديد من الدخلاء، الذين وجدوا فيها تجارة رائجة، في ظل الإقبال الكبير للمواطنين وربات البيوت. وذلك دون احترام شروط وضوابط خلطها وبيعها وعرضها.

البهارات الأجنبية “تغزو” الأسواق وتخلط أوراق ربّات البيوت

وفي ظل انتشار ثقافة التوابل والبهارات ومعرفة فوائدها الغذائية، باتت دكاكينها أشبه بصيدليات، يشدك ديكورها وتصنيفها لهذه المواد، وتتيه وسط أسماء كتبت على صناديق زجاجية صغيرة، في شكل فسيفسائي، لأنواع عديدة من البهارات، وبعضها خليط من التوابل، مخصّص لأطباق معينة تقليدية وعصرية.. جزائرية وأجنبية..

توابل دون رائحة وخلطات مجهولة في دكاكين مغرية!

ووسط الكم الهائل من أنواع البهارات والتوابل، الشرقية والغربية والهندية والتركية، يتيه الزبائن الباحثون عن نكهة خاصة للأطباق الرمضانية. وعادة ما يكون اختيارها من طرف النساء، اللواتي يتولين مهمة تحضير مائدة الإفطار في رمضان.

“الشروق”، زارت أحد أكبر المحلات بساحة الشهداء بالعاصمة، الذي يعرف إقبالا كبيرا من قبل الزبائن، حيث تبهرك تلك الكثبان من البهارات وسط إطارات زجاجية صغيرة، تحمل اسم كل نوع.. فإلى جانب التوابل الأكثر شهرة في الجزائر، مثل الفلفل الأسود، والقرفة، والزنجبيل، والكركم، والكمون، والكروية، والقصبر، وراس الحانوت، والبابريكا، وجوز الطيب، والقرنفل، والزعفران، توجد أنواع أخرى لا تحصى ولا تعد، إلاّ أنّ أغلبها غير مغطى، ما جعل رائحتها تختفي، وهي ليست بتلك القوة التي تشد الأنوف.

وقال أحد الباعة إنّ البيع يتم في الغالب بكميات تتعلق بـ 100 غرام فقط، وتتراوح الأسعار ما بين 50 دج و200 دج. فإلى جانب التوابل المطحونة، هناك بذور وأعشاب وأغصان أو جذور، تفضل بعض السيدات تجفيفها أو تحميصها وطحنها في البيت، لكي تحافظ على رائحة البهار.

محل آخر ببلكور، يجذبك ديكوره الداخلي، ويعطيك انطباعا بأنك داخل صيدلية كبيرة. اكتظت الكثير من النساء داخله عشية رمضان، وراحت بعضهن يبحثن عن خلطات جاهزة تناسب طبيعة الطبق المراد تحضيره، غير أنّ هذه الخلطات موضوعة داخل إطارات زجاجية، دون غطاء، ودون توضيح مكوناتها، أو تاريخ انتهاء صلاحيتها.

وقالت سيدة كانت تشتري توابل وأعشابا غير مطحونة، إن المشكل بحسبها، يتمثل في الاهتمام بطريقة تسويق هذه المواد، دون مراعاة الحفاظ على رائحتها. كما أن بيعها بهذا الشكل وخارج إطار التعليب والتغليف لا يكشف عن مدة صلاحية استهلاكها، ما جعلها تفضل غير المطحونة.

تجارة التوابل في الجزائر عشوائية ودخلاء “اقتحموا” المهنة

وفي السياق، قال نائب الأمين العام للفدرالية الوطنية لمحترفي النباتات والمواد الطبيعية، ثامر مزهود، لـ”الشروق”، إن تجار البهارات وخلطات التوابل في الجزائر يفتقرون إلى معرفة كافية بالمجال، وإن مثل هذه النشاطات تبقى عشوائية، وغير مدروسة.

وأوضح مزهود أن الكثير من التوابل المعروضة للبيع، خاصة عشية شهر رمضان، لا تحمل بيانات مدة صلاحية استهلاكية، ولا تباع في شروط النظافة والحفظ المطلوبة. كما أنّ الخلطات الخاصة بأنواع البهارات والتوابل قد تؤثر على الصحة وتتسبب في تسمم.

من جانبه، دعا حسان منوار، رئيس جمعية أمان لحماية المستهلك، إلى ضرورة مراقبة سوق البهارات، خلال شهر رمضان، قائلا: “إن هنالك أشخاصا خارج المجال، يبيعون التوابل ويعرضونها للغبار والحرارة والتلوث دون مراعاة أنها مادة استهلاكية، وأن نكهتها ورائحتها مهمة.”

وأوضح منوار أن أفضل التوابل هي غير المطحونة، التي لا تباع في شكل مسحوق، وهذا للمحافظة على فائدتها الغذائية.

البهارات التركية والآسيوية تدخل على الخط..

وتستهوي بعض البهارات الدخيلة على المطبخ الجزائري ربّات البيوت، اللواتي تعرّفن عليها عن طريق مواقع الطبخ الأجنبي، حيث دفع الفضول ببعضهن، والرغبة في التنوع والتغيير، إلى شراء توابل آسيوية وأخرى تركية، مثل الهيل، والسماق، والبردقوش، وحبوب السمسم التركي، واليانسون النجمي، والخولنجان، والريحان، وخلطة الكاري، وأنواع جديدة في السوق الجزائرية.

وأسعار هذه البهارات تتجاوز 200 دج لـ100 غرام منها، حيث يصل سعر 5 أو 6 حبات من الهيل إلى 100 دج. وتبرر بعض الزبونات شراء بهارات تركية وآسيوية، بفائدتها في تقوية الجهاز المناعي، خاصة أن كورونا، بحسبهن، يمكن أن تعاود الانتشار، خلال شهر رمضان..

فيديوهات إعداد خلطات التوابل تنتشر على “الفايسبوك”

ويعتبر بعض الطباخين وبائعي البهارات والتوابل، أنّ إعداد خلطات هذه الأخيرة فن وخبرة، تكتسب مع مرور السنين، وفق مقادير مضبوطة ودقيقة لكل بهار. وحذر بعض الباعة والمختصين في التغذية من المخاطر الصّحية للخلط العشوائي للبهارات، التي قد تتسبب في التسمّم، حيث نشر أحد باعة التوابل في الجزائر الوسطى فيديو عبر “الفايسبوك”، يؤكد أن عشوائية خلط أنواع التوابل قد تتسبب في تسمم أو عدم الحفاظ على نكهة هذه البهارات في الأطباق.

واستفادت بعض ربّات البيوت من خبرة طباخين “شاف” عرب وعالميين، يكشفون عبر منصات التواصل الاجتماعي عن طريقة تحضير خلطات البهارات الخاصة بالأسماك والمرق واللّحوم البيضاء والحمراء وأنواع الأطباق وطريقة الطهي. وهذا ما كشفته زبونة لأحد دكاكين بيع التوابل والأعشاب بحسين داي، حيث قالت إن شراءها بعض التوابل الأسيوية والتركية لأجل القيام بخلطات تعلمت كيف تعدها وبنجاح من “الفايسبوك” و”اليوتوب”.

مقالات ذات صلة