منوعات
الباحث في علم الاجتماع نور الدين بكيس لـ"الشروق":

تتويج الخضر يعزّز رغبة وآمال الجزائريين للانتصار في مجالات أخرى

وهيبة سليماني
  • 396
  • 0

شهدت شوارع الجزائر ليلتي السبت والأحد، انفلاتا كليا للجماهير الجزائرية حمل معه رسائل الرغبة الجامحة في تحقيق إنجازات وانتصارات في مجالات مختلفة، فتتويج المنتخب الوطني لكرة القدم بكأس العرب، كان له وقع كبير وتأثير بالغ في نفوس الجزائريين، إلى درجة تفجرت فيها كل مشاعر الإخلاص والحب للوطن.

وعلى قدر كسر كل قيود الضبط الاجتماعي، إلاّ أنّ الجزائريين كانوا قلبا واحدا في خضم فرحة هستيرية، ارتبطت خلالها أرواحهم بالوطن، وهم كلهم أمل، وافتخار بالهوية.. إنها إذن كرة القدم التي يعشقها الجزائريين، وإنهم أبطال فريق الخضر الذين حقّقوا الفرحة بالفوز على المنتخب التونسي، ونيلهم كأس العرب في قطر.

وفي هذا السياق، قال الأستاذ والباحث في علم الاجتماع السياسي بجامعة الجزائر، نور الدين بكيس، في تصريح لـ”الشروق”، إن تفاعل الجزائريين مع الإنجاز الكروي الذي حقّقه المنتخب الوطني بقطر، يعكس الرغبة في تحقيق إنجازات أخرى على المستوى الاجتماعي، الاقتصادي والثقافي، والدليل على ذلك حسبه، طريقة الاحتفال المختلفة مقارنة باحتفالات جماهير في بلدان تعيش الرفاهية وأوضاعا اقتصادية مستقرة.

وأوضح بكيس، أنّ طريقة التشجيع لدى القطريين، لمنتخبهم في كرة القدم، تبين حالتهم ووضعهم المالي، واستقرار الاقتصاد في مجتمعهم، كما أنّ أنصار المنتخب الوطني المتواجدين هناك، يختلفون إلى درجة ما، عن الأنصار داخل الجزائر، حيث كان يظهر الفارق في المستوى المعيشي من خلال الاحتفال بالفوز نفسه.

ووصف الباحث في علم الاجتماع السياسي، الدكتور بكيس، خروج الجزائريين إلى الشارع، بعد الإعلان مباشرة عن نهاية مباراة الجزائر تونس، بـ “الانفلات الكلي”، والتمرد عن المنظومة القانونية، والعلاقات التقليدية، وسلم التنظيم في الجزائر، أدى حسبه، إلى حوادث وجرحى ووفيات في صفوف المحتفلين بتتويج المنتخب الوطني بكأس العرب.

وأكد نور الدين بكيس، أن المنجز الرياضي الذي حققه المنتخب الوطني، خفف من الضغوطات النفسية للجماهير الجزائرية، وفي نفس الوقت كان فرصة لتمرير رسائل الرغبة الجامحة في إنجازات رياضية أخرى وفي مجالات مختلفة تتعلق بالاقتصاد والسياسة والثقافة، ورغبة في تحقيق الريادة.

وقال ذات المتحدث، إن التعطش إلى الإنجازات العظيمة والتميّز والرغبة الكبيرة في تغيير اتضح من خلال الاحتفالات العارمة، الهستيرية، للجماهير الجزائرية عبر القطر الوطني، وجاء ذلك، حسب بكيس، بعد كل الأزمات الاقتصادية التي جاءت نتيجة جائحة كورونا والقيود المفروضة للحد من انتشار الوباء.

ويرى المختص أن الانفلات الذي حدث ليلتي السبت والأحد، هو انفلات من الضغط الاجتماعي والمؤسساتي، ضاقت به الجماهير الجزائرية خاصة التي تعيش أوضاعا مزرية، فتمردت على القوانين والعلاقات التقليدية، لتعبر عن رغبة في مكاسب حقيقة ملموسة في قطاعات مهمة، أمّا فيما يتعلق بالتأثيرات اللحظية، التي أحدثها العرس الكروي وسط الجماهير، فإنها حسب نور الدين بكيس، بمثابة التخدير الذي ينسي هموم الحياة اليومية والمشاكل ويقرّب المسافات بين فئات المجتمع، حيث كان الاهتمام بتتويج المنتخب الوطني بكأس العرب، محل اهتمام الأطفال والمراهقين والرجال والنساء والمسنين.

وقال الباحث في علم الاجتماع السّياسي بجامعة الجزائر، نور الدين بكيس، إن لحظات السعادة التي يعيشها ملايين الجزائريين هذه الأيام هي “حقنة” ضد اليأس، وطاقة إيجابية تمنح قدرة السيطرة على الحياة اليومية المليئة بآثار جائحة كورونا.

مقالات ذات صلة