الرأي

“بيزنس” فعل الخير!

قادة بن عمار
  • 9415
  • 12
الأرشيف
وزيرة التضامن مونية مسلم

حتى الآن لا نجد السبب المقنع وراء الإبقاء على وزارةٍ للتضامن الوطني، طالما أن السلطة اعترفت في الكثير من المرات بأنه لا يوجد فقراء في الجزائر، كما أنها وفي كل مرة تعلن عن مبادرة لمساعدة المعوزين والمحتاجين (وهم حسب تعريف السلطة لا علاقة لهم بالفقراء!) تتجه نحو هؤلاء مباشرة ولا تمارس الوزارة سوى دور تنسيقي بروتوكولي شرفي!

مثلا، المبادرة الأخيرة لإرسال 110 حجاج من قاطني دور العجزة، جاءت وباعتراف وزيرة التضامن، بإرادةٍ شخصية ومباشرة من الرئيس بوتفليقة. وعليه، فإن الرئاسة هي من أشرف على العملية، من الألف إلى الياء، واكتفت الوزيرة بالإعلان عنها لوسائل الإعلام وتوديع الحجاج في المطار!

كما أن توزيع منحة التمدرس البالغة 3 آلاف دينار لصالح 3 ملايين مستفيد، جاءت باقتراح من الرئيس، حتى أنها تُسمى بـ”منحة الرئيس” ولا علاقة لوزارة التربية بها ولا حتى التضامن، سوى بالإشراف غير المباشر!

وسبق لوزيرة التضامن مونية مسلم التصريح بأن وزارتها لا تملك تعريفا محددا للفقير، رغم أن البنك العالمي يقدِّم تعريفا تم تعميمه على كل الحكومات والدول، ويقول إن الفقير هو من لا يملك سوى 4 دولارات أو أقلّ يصرفها يوميا!

على الأقل، مونية مسلم، تبحث عن تعريف الفقير، وترمي المسألة على عاتق الخبراء، عكس الوزير عبد الوهاب نوري الذي قال يوما، حين كان وزيرا للفلاحة، إن الجزائر ستقضي على الفقر بحلول 2015، قال ذلك في اجتماع لدول 5+5 قبل 3 سنوات من الآن، وطبعا، يكفي أن السيد نوري يقرأ عدد المستفيدين المتزايد من منحة التمدرس المبتذلة وقفّة رمضان المهينة، ليعرف أن وعوده كلها ذهبت أدراج الرياح!

الأدهى والأمرّ، أن رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، ومثلما يقول المثل الشعبي “جات تكحلها عماتها” حيث قرَّرت أن تؤخر توزيع الإعانات من الأدوات المدرسية على التلاميذ المحتاجين إلى ما بعد الدخول المدرسي الرسمي، أي أن السيدة سعيدة بن حبيلس وحرصا منها على غربلة المستفيدين وكشف المتحايلين، قرّرت فضح المحتاجين وإرسالهم إلى مقاعد الدراسة من دون أدوات أمام أقرانهم!

هل رأيتم بُؤسا أكبر من هذا؟ ربما لذلك باتت الجمعيات الخيرية المستقلة وبعض المجموعات الشبانية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والبرامج التلفزيونية، تؤدي دورا أكبر من ذلك الذي تقوم به وزارة التضامن ومعها الهلال الأحمر!

ويتضح ذلك جليا من الأنشطة المتزايدة عشية عيد الأضحى المبارك، وإن كنا نخشى أن يتحوّل عمل الخير لدى البعض من غاية إلى وسيلة؛ فالبزنس الذي يقترحه هذا المجال بات ينافس أكبر الأنشطة التجارية الأخرى، ولا يكفي تقديم المعونات بالنيّات، بل يجب تفعيل آلية للمحاسبة والتدقيق، على الأقل، حتى لا يتحوّل فعل الخير في البلاد إلى نشاط لتغطية نشاط المفسدين وتهريب الأموال!

مقالات ذات صلة