بن غبريط.. طبعة 2030!
![بن غبريط.. طبعة 2030!](https://i.dzs.cloud/www.echoroukonline.com/wp-content/uploads/2021/03/benghabrite_663885269.jpg?resize=790,444.375)
حاولت وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط أن تظهر في اجتماعها الأخير بوزير التعليم العالي الطاهر حجار “أكثر اطلاعا وأدق تفصيلا وأبعد نظرا” وذلك لأسباب لا يعلمها إلا الله.. ثم بن غبريط نفسها!!
هذه الأخيرة، قالت أن قطاعها يحتاج إلى ما بين 14 ألفا حتى 20 ألف أستاذ وذلك حتى سنة 2030، علما أن البعض أبدى حيرته الشديدة وتعجبه المباشر من كلام الوزيرة التي مافتئت تنسى أو تتناسى ربما أنها لم تستيقظ بعد من فضيحة البكالوريا الأخيرة، ناهيك عن عدم قدرتها على رؤية الأمور أبعد من الدخول المدرسي المقبل، فما بالك بـ2030!!
ثم لماذا هذا الاستفزاز المباشر لعدد كبير من البطالين والمرشحين لمناصب الأساتذة والذين ملّوا من كثرة “المعريفة” وقلة “الحيلة” في الحصول على منصب “بسيط” بطريقة شريفة نظيفة، الآن وليس بعد 15 عاما !!
قد تتصور بن غبريط أن الجميع سينسى فضيحة البكالوريا، وكثرة الإضرابات طيلة السنة، ورداءة المستوى، وغياب الإرادة الحقيقية للتحاور مع النقابات، بمجرد حديثها عن القطاع على المدى المتوسط أو حتى البعيد!!
منذ متى كان الوزراء عندنا يدركون الأمور أبعد من “أرجلهم” أو ينظرون للمسائل داخل القطاعات التي يسيرونها أقصى من “أنوفهم“؟ لو كان الأمر حقيقيا لما شهدنا طيلة السنوات الفارطة العديد من الفضائح، وأبرزها ربما تهاوي أسعار البترول “وحنا ما جايبين خبر“، والتي وإن تم تفسيرها بمعطيات دولية تتعلق بالعرض والطلب في السوق والأزمات هنا وهنالك، فإنها لا تخلو أيضا من تورط القائم على التسيير الأعوج عندنا حتى لا أقول “التفكير“، لأنني لا أعتقد بوجود “مخّ” يسيّر بعض القطاعات في هذه البلاد أصلا!!
الرئيس بوتفليقة قالها بسخرية “جادة” في يوم من الأيام، أنه يفكر بوضع شعار “الله غالب” على العلم الجزائري، ولم يكن يعرف –أو ربما كان يعرف– بناء على “مستوى” الرجال الذين اختارهم لتسيير مختلف القطاعات في عهداته الأربع أن “الله غالب” هو أقرب شعار لتلك الحكومات التي ردّ أحد الوزراء فيها على سؤال يتعلق بنظرته لقطاعه في المستقبل، قائلا “خليها على الله“.. و“أحييني اليوم وأقتلني غدوة“!
السلطة “المؤمنة” والتي تعتبر “الغيب مسألة إلهية لا يجوز الخوض فيها” باتت لا تعترف بشيء اسمه “مستقبل“، وتعجز عن قراءة التغيرات التي يمكن أن تحدث في البلاد وخارجها على المدى القريب جدا، بدليل أنها وقبل فترة ليست بالطويلة، تخلت عن وزارة بأكملها، بعد ما صرفت عليها من المال العام ووظفت فيها عددا كبيرا من “الغاشي“، ثم أغلقتها فجأة وبدون سابق إنذار، أو تبرير، وطبعا نتحدث هنا عن وزارة الاستشراف!
هذه الأخيرة، تعد إلى جانب وزارة “تحسين الخدمة العمومية” التي تم التخلي عنها بطريقة اعتباطية كذلك، من أهم الوزارات التي كان بوسع السلطة أن “تكذب علينا” بالقول أنها تريد التغيير فعلا، لا أن تمارسه بالكلام فقط، أو أنها تبحث عن بناء رؤية شاملة واستشرافية حقيقية وليس بترديد ما نسمعه من مستشارين فشلوا في تسيير القطاع خلال الظرف الراهن، ولا يمكن لمجموعة من الفاشلين أن يبنوا المستقبل حتى 2030، والحديث هنا عن وزارة السيدة بن غبريط!
قبل فترة، قدمت مجموعة من الشباب والخبراء والباحثين مبادرة أطلقوا عليها اسم “نبني”، وحدّدوا لها سقفا زمنيا 2020، ولكن وبمرور الأيام والسنوات، باتت تلك المبادرة جزءا من الماضي ولا علاقة لها بالمستقبل بتاتا، ليس فقط بسبب “لامبالاة السلطة المهتمة بتسيير ما تحت رجليها فقط”؛ ولكن لأن أصحاب المبادرة أصلا أغلقوا على أنفسهم في صالونات الفنادق ولم يتصلوا بالشارع مطلقا، كما لم يذهبوا حتى للجامعة.. كيف تبني مستقبل بلد لا تتصل بشعبه ولا تعرف شارعه، كما تجهل كيف تفكّر نخبته!؟