باكستان والفوضى الخلاقة
لم يكمل الرئيس الباكستاني الجديد خطابه في البرلمان حتى كانت الانفجارات المدوية تعصف بفندق ماريوت بالعاصمة اسلام اباد..فهل من باب الصدفة جاءت هذه العملية الضخمة ومن يقف وراءها ولمصلحة من..؟ يقولون في أسس علم الأمن: دائما إن كنت تريد أن تعرف من هو وراء أي حدث ابحث في البداية عن المستفيد من حدوثه.. وهنا يصبح التحليل السياسي والأمني يسيران في اتجاه واحد.
-
الرئيس الباكستاني الجديد أعطى إشارات واضحة لدى استقباله للوفد البريطاني أن على بريطانيا أن تقوم بدورها الحيوي في المنطقة، ذلك لأنها أكثر خبرة من سواها بتفصيلات المنطقة وتعقيداتها، كانت هذه رسالة واضحة للأمريكان الذين صعدوا ضد باكستان على محورين، المحور الأول تطوير علاقتهم على المستوى الاستراتيجي بالهند في المجال النووي وليس مستهدفا من ذلك إلا باكستان ثم استمرار الانتهاكات الجوية الأمريكية ضد الشعب الباكستاني والأرض الباكستانية منتهكة حرمة وسيادة البلاد…الأمر الذي دفع الرئيس الباكستاني إلى التأكيد بأنه لن يسمح لأحد أن ينتهك السيادة الوطنية ولن يسمح بتكرار الاعتداءات الأمريكية على الشعب الباكستاني.
جاءت هذه العملية الانتحارية الضخمة لتضرب الأمن الباكستاني في العمق وتضع تحديات على الحكومة وأجهزتها لتضطرها إلى قبول شروط التنسيق والتعاون الأمني مع أمريكا إلى الدرجة التي تعطي للأمريكان الحق في انتهاك حرمة البلاد..
في مناطق القبائل المحاذية لأفغانستان تتعقد الأمور وتتداخل المواقف ويصعب التأكيد على أن هناك وجهة معينة، إلا للتمرد على السلطة المركزية لأسباب بعضها وجيه وأسباب أخرى غير معروفة الدوافع.. ومن هنا بالضبط تلعب أمريكا وأجهزتها الأمنية في تطوير حالات التمرد والتطرف لتوجد المبررات لتدخلها العسكري ومن ثم السياسي الكبير في ترتيب البلد..
الباكستان البلد المسلم الكبير والواعد بنشاطه الاقتصادي والصناعي، والبلد المسلم الوحيد الذي امتلك القنبلة النووية والبلد الذي كان دوما سندا لأفغانستان والذي يمكن أن يشكل معه حالة إسلامية قوية في الإقليم.
في الهند اشترى الإسرائيليون قرى بكاملها ووضعوا فيها أجهزة رادار وتنصت وأسسوا فيها قواعدا لأجهزتهم الأمنية والتي تجعل من باكستان هدفا مباشرا لها، والغرض الواضح هو تدمير القنبلة الإسلامية والمفاعلات النووية الباكستانية ولقد تمكنت أجهزة الأمن الباكستانية من اكتشاف مجموعات من العملاء الذين نظمهم جهاز الموساد الإسرائيلي.
إن باكستان في عين العاصفة وان استمرار القتال الضاري في أفغانستان سيجعل من تفكيك باكستان هدفا جوهريا للخطة الأمريكية، ذلك لأنه هناك احتمال كبير ان يولي الجيش الأمريكي الدبر، فيبقى هذا التكتل الإسلامي الكبير والقوي وهذه مشكلة جوهرية أمام المشروع الصليبي..أن خوفا حقيقيا على باكستان والأمر يحتاج إلى تدارك قبل فوات الأوان.