الجزائر
ضغط وتوتر وقلق

انقطاع مياه الحنفيات يرهق الجزائريين!

وهيبة سليماني
  • 2203
  • 1
أرشيف

تعمّقت أزمة مياه الحنفيات في الكثير من المدن الجزائرية، جراء التذبذب الحاصل منذ فترة طويلة، ورغم لجوء الكثير من العائلات إلى شراء صهاريج المياه وتثبيت صهاريج بلاستيكية ومعدنية على سطوح المنازل والفيلات والعمارات، إلا أن شحّ ماء الحنفية، ومشكل قوة ضخه أديا إلى حرمان بعض السكان منه لمدة تصل أحيانا إلى شهر أو أكثر..أزمة يعاني منها في الغالب “الزوالية” الذي لا يملكون ثمن شراء مضخات الضغط.

قوراية: شحّ الماء هيمن على السلوكيات اليومية للمواطنين

وعادت مشاهد سنوات الثمانينيات إلى المجتمع حيث عانى الجزائريون كثيرا في الحصول على مياه الشرب خاصة في المناطق الداخلية وانتشرت آنذاك ظاهرة “التجوال”، أي التنقل إلى أماكن يتوفر فيها الماء وإلى الينابيع لملء الدلاء.

وراجت عبر منصات التواصل الاجتماعي تعليقات ساخرة، ونكت، ومقاطع أغنيات شعبية وأخرى فكاهية، تتناول أزمة المياه وأشهرها أغنية الفنان صويلح “جاء الماء نوض تعمر”.

صفير المضخات دليل الفرج والسهر من أجل ضمان قطرات الماء
وأضحى التزوّد بماء الحنفيات أمرا مستعصيا بالنسبة لبعض القاطنين في الطوابق العلوية للعمارات أو في أحياء المناطق العالية في بعض المدن، والقرى، وزادت الوضعية من متاعب الجزائريين، حيث تقول في هذا الصدد المختصة في علم الاجتماع، الدكتورة ثريا التيجاني، إن أزمة المياه أثرت في يوميات الجزائريين، وسيطرت على حياتهم بشكل تدريجي.

وأكدت المتحدثة أنّه يوجد موظفون يتعطلون عن عملهم بسبب سهرهم أو بقائهم متأخرين في البيت لملء الخزانات، أو استغلال قدوم ماء الحنفيات في التنظيف وغسل الأفرشة والملابس، حيث أضحت، حسبها، قضية ماء الحنفيات، مشكلة أبرزت بعض المشاكل والأوضاع الأخرى.
ويعتبر شحّ “ماء الحنفيات” وانقطاعها، ظاهرة اجتماعية انتشرت عبر الكثير من المدن بعد أن كانت تتعلق بولايات داخلية ومناطق نائية، حيث أوضحت الباحثة في علم الاجتماع ثريا التيجاني، أن الأيام المأساوية والإزعاج يمكن أن تجعل البعض يضيعون أوقاتهم ويتخلون عن قضاء أمور أخرى.

وقالت التيجاني، إن الموظفين في العمل يظهر عليهم مشكل الماء الذي بدأ يسيطر تدريجيا بسبب شح الأمطار ونقص المياه في السدود.

جزائريون يحنّون إلى “العيش البدائي” بسبب ماء الحنفيات
وفي ذات السياق، يرى البروفيسور أحمد قوراية، المختص في التنمية البشرية وعلم النفس العيادي، أن الآثار التي يتركها التغير المفاجئ في المجتمع، تتجلى مع الوقت في سلوكيات الأفراد، حيث أن أهم شيء لدى الإنسان هو إشباع الحاجيات وأن الماء لصيق بحياته، وهو حاجة ملحة لا يمكن الاستغناء عنها.
وقال قوراية، إن الإنسان القديم كان راضيا بالبحث عن الماء في الطبيعة، ومع التمدن تعود على التزوّد به من طرف شركة المياه، وباتت الحنفية مصدرا لهذا العنصر الحي فتعلق بها كل فرد في الأسرة.
وأكد المختص أن انقطاع مياه الحنفيات لأكثر من شهر في مناطق جزائرية، خلف اضطرابا نفسيا صاحب شريحة واسعة في كل حركاتها اليومية، حيث أدى الانعكاس النفسي على حياة الأشخاص بسبب ندرة وشح مياه الشرب، إلى اشمئزاز وقلق وغضب داخلي وتعكر في المزاج.
وأضاف البروفيسور أحمد قوراية، أنّ الاضطرابات النفسية التي يخلفها شح مياه الحنفيات، تؤدي أيضا إلى أمراض أخرى حقيقية تظهر مع مرور الوقت وخاصة إذا تكررت عمليات انقطاع المياه أكثر من 7 مرات متتالية.
ويؤدي انتشار استعمال مضخات مياه الحنفيات، حسب قوراية، بالضرورة إلى حرمان أشخاص من ماء الحنفية الذي لا يصل إليهم، ويخلق هذا نوعا من عدم التساوي في الحظوظ وفروقات تؤدي إلى خلافات وأزمات بين سكان المنطقة الواحدة والجيران وأحيانا داخل الأسرة ذاتها.
وكل هذه الأوضاع المتأزمة، في رأي البروفيسور أحمد قوراية، تخلق شعورا بالحنين إلى العيش البدائي، والعودة إلى الطبيعة للتخلص من الضغوطات النفسية.

مقالات ذات صلة