الجزائر
يحاول فرض المزيد من التضييق على المغتربين في قانون الهجرة

اليمين الفرنسي يضغط لاستدراك فشله في إسقاط اتفاقية 1968

محمد مسلم
  • 1515
  • 0
أرشيف

شرعت الغرفة السفلى للبرلمان الفرنسي (الجمعية الوطنية) في مناقشة مشروع قانون الهجرة الجديد، الذي يشغل بال الجاليات المهاجرة خوفا من نجاح اليمين واليمين المتطرف في ترك بصمتهما عليه، بالرغم من أن هذا القانون مصدره وزارة الداخلية في حكومة معينة من قبل الرئيس إيمانويل ماكرون.
ووسط صراع محتدم بين العائلة اليمينية ونظيرتها اليسارية، اللتان تقفان على طرفي نقيض، يبدو وزير الداخلية، جيرالد موسى دارمانان حائرا في التوفيق بين الطرفين، تحت تهديد فشله في تمرير المشروع، الذي تعتبره الحكومة حيويا من أجل حل الكثير من المسائل العالقة، ولاسيما تلك المتعلقة بالمهاجرين غير الشرعيين الذين ترغب باريس في ترحيلهم إلى بلدانهم، غير أنها عجزت بسبب التعقيدات القانونية الموجودة في قانون الهجرة الجديد.
وتتمحور الخلافات المتفاقمة بين الفرقاء السياسيين الفرنسيين حول الصيغة المتعلقة بتصريح الإقامة الجديد الخاص بالمهاجرين الجدد وكذا عمليات الطرد. وبينما يصر اليسار على ضرورة احترام حقوق المهاجرين وعدم إخضاعها للمزايدات السياسية، يعمل اليمين الفرنسي مسنودا باليمين المتطرف، إلى تصعيد الضغط على الحكومة من أجل استدراك ما فاته الأسبوع المنصرم، حينما فشل في فرض مشروع اللائحة التي كان قد اقترحها، والمتمثل في إسقاط اتفاقية 1968 بين الجزائر وفرنسا، والتي تتعلق بالهجرة وتنقل الأشخاص بين البلدين، على مستوى الغرفة السفلى للبرلمان.
ومن النقاط التي خلقت الجدل، تضمن المقترح القانوني الجديد، إشارة إلى إنشاء تصريح إقامة للعمال غير المسجلين في المهن التي تعاني من نقص، والهدف واضح وهو السيطرة على الهجرة وتحسين الإندماج، وذلك من خلال إصدار تصريح إقامة تلقائي في بعض القطاعات المتوترة مثل البناء للأشخاص غير المسجلين.
وفي النسخة الأولية للمقترح، كان من المقرر منح هذا التصريح بموجب شروط معينة مثل التواجد على الأراضي الفرنسية لمدة ثلاث سنوات على الأقل والخبرة المهنية التي لا تقل عن 8 أشهر خلال الـ24 شهرًا الماضية، غير أن مجلس الشيوخ أسقط هذه المادة واستحدث مادة جديدة لتسوية ملفات المهاجرين الذين يعملون بدون تصريح إقامة بطريقة استثنائية، وذلك في إطار تسوية مع الحكومة.
ويعارض النواب اليمينيون بشدة إنشاء تصريح إقامة جدي، ومنهم إيريك سيوتي، رئيس حزب الجمهوريون، فيما يدافع حزب ماكرون “النهضة” بشدة عن هذا الإجراء، مدعوما بنواب تكتل اليسار الذي يقوده جون لوك ميلونشون، ونواب يساريين آخرين، مثل فابيان روسيل أو أوليفيي فور.
ويبقى هاجس الرافضين لهذا القانون من اليمين، هو كيف السبيل إلى تسهيل عمليات طرد الأجانب في وضع نظامي أو غير نظامي، من الذين أدينوا بارتكاب جرائم وجنح معينة، وهو الوضع غير المتوفر حاليا، فيما تخشى الحكومة مسايرة هذا التوجه خوفا من انسحاب نواب اليسار واليسار المتطرف من دعم المشروع القانوني الذي تراه الحكومة لا مفر منه لمواجهة المعضلات التي تواجهها على صعيد الهجرة.
ويمنع قانون الهجرة الحالي مثلا طرد أي شخص أجنبي وصل إلى فرنسا قبل سن 13 عامًا، وهي المادة التي حالت دون ترحيل المئات من أبناء الجاليات المهاجرة، حتى أولئك الذين أدينوا في قضايا جنائية، لأن قرارات الترحيل بحاجة إلى التأشير من قبل العدالة، فيما يسعى البعض من السياسيين إلى إسقاط هذه المادة، حتى يسهل الترحيل.
ويحاول اليمين الفرنسي الذي فشل في إسقاط اتفاقية 1968 مع الجزائر، أن يستدرك في قانون الهجرة قيد الدراسة، ما أمكنه بوضع المزيد من العراقيل أمام إقامة المزيد من المهاجرين على التراب الفرنسي، وبالمقابل تسهيل طرد من صدرت بحقهم قرارات طرد، بل إن بعض منظريهم يحاولون الإيهام بأن نصوص القانون الجديد من شأنه سلب الجزائريين الامتيازات التي تكفلها اتفاقية الهجرة (1968)، غير أن القوانين واضحة بهذا الخصوص، وفق الخبراء والمختصين، وهي أن الاتفاقيات الدولية أسمى من القوانين الوطنية، ومن ثم فما سيتضمنه القانون الجديد من تضييق على المهاجرين فهو لا ينسحب على الجزائريين، لأن الاتفاقية السالف ذكرها تكبل القانون الجديد.

مقالات ذات صلة