الجزائر
مباشرة بعد فوزه في الانتخابات الأوروبية وتحسبا للتشريعيات المسبقة

اليمين الفرنسي المتطرف يتعهد بمراجعة اتفاقية 1968

محمد مسلم
  • 3214
  • 0
أرشيف

زلزال سياسي هزّ أوروبا وفرنسا على وجه التحديد باجتياح اليمين المتطرف أغلب المقاعد في انتخابات البرلمان الأوروبي يوم “الأحد الأسود”، وهي النافذة التي فتحت المجال أمام احتمال سيطرة حزب “التجمع الوطني”، اليميني المتطرف، على البرلمان المحلي في الانتخابات التشريعية المسبقة، التي دعا إليها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون نهاية الشهر الجاري.
ومباشرة بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات الأوروبية وتحديد موعد التشريعيات المسبقة في فرنسا، خرج الناطق الرسمي باسم حزب “التجمع الوطني”، سيباستيان تشينو، بتصريح عدائي تجاه الجزائر، مؤكدا بأن الحزب الذي أسّسته وقادته عائلة لوبان، سيعمد إلى إلغاء اتفاقية 1968 المتعلقة بالهجرة، إذا وصل إلى السلطة في تشريعيات 30 جوان الجاري.
وإن كانت نتائج الانتخابات الأوروبية مدوية، بتحقيق الحزب اليميني (31.36 بالمائة من المقاعد)، أكثر من ضعف ما حصله معسكر الرئيس الفرنسي (14.6 بالمائة)، إلا أن تعاطي الفرنسيين والأوروبيين عموما، مع انتخابات البرلمان الأوروبي، عادة ما تكون مختلفة عن الانتخابات المحلية، بدليل الخسارة المدوية لزعيمة الحزب اليميني، مارين لوبان في الانتخابات الرئاسية التي مكّنت ماكرون من تحصيل العهدة الثانية قبل نحو سنتين، في وقت كان نجم اليمين يسطع بقوة في فرنسا.
وفي حديث للمسؤول في حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف، سيباستيان تشينو، صباح الاثنين 10 جوان 2024، على قناة BFM TV الفرنسية الخاصة، قال: “في حال فوزنا في الانتخابات التشريعية المسبقة، سنقترح إلغاء اتفاقيات 1968 التي تربطنا بالجزائر، هذه الاتفاقيات لم يعد لها سبب للوجود اليوم”.
وجاء هذا التصريح غداة إعلان الرئيس الفرنسي حل الجمعية الوطنية الفرنسية (الغرفة الثانية للبرلمان)، والدعوة لانتخابات تشريعية مسبقة، تماشيا والتقاليد السياسية في المنظومة الديمقراطية الغربية، على اعتبار أن الحزب الذي يقود السلطة خسر الانتخابات البرلمانية الأوروبية.
وفي نظر السياسي اليميني، فإن إعادة النظر في اتفاقيات 1968 المتعلقة بالهجرة، ستمكّن بلاده من التخلص من المهاجرين الجزائريين الذين صدرت بحقهم قرارات بإلزامهم بمغادرة التراب الفرنسي، علما أن هذا الحزب يضع قضية الهجرة وطرد المهاجرين، ولاسيما الجزائريين منهم، على رأس أولوياته منذ مدة.
وسبق لحزب مارين لوبان اليميني المتطرف، واليمين التقليدي ويمثله حزب “الجمهوريون”، أن بادرا في ديسمبر المنصرم باقتراح يقضي بإنهاء العمل باتفاقيات 1968 مع الجزائر من جانب واحد، إلا أن الجمعية الوطنية الفرنسية، البرلمان، (التي تم حلها الأحد) رفضت هذا الاقتراح، بتضافر جهود كل من نواب معسكر الرئيس ماكرون، حزب “النهضة”، ونواب تكتل اليسار بشقيه التقليدي والمتطرف والذي من بينه حزب “فرنسا الأبية”.
وتعتبر اتفاقية 1968 المتعلقة بالهجرة من بين الخطوط الحمراء التي وضعتها الجزائر في علاقاتها مع باريس، وقد حاول اليمين المتطرف واليمين التقليدي وحتى بعض الأوساط ذات التوجهات اليمينية في المعسكر الفرنسي مسايرة هذه المطالب، غير أن التحذيرات غير الرسمية التي لوّحت بها الجزائر، دفعت الطرف الفرنسي إلى التريث وعدم المخاطرة.
وتعطي الاتفاقية، التي يطالب اليمين الفرنسي بإنهائها، امتيازات خاصة للجالية الجزائرية المقيمة بفرنسا، مثل الإقامة والدراسة وممارسة المهن الحرة وحق التجمع العائلي، غير أن هذه الامتيازات فقدت الكثير من فحواها خلال ثلاث مراجعات أدخلت عليها في سنوات 1985 و1994 و2001، بضغط من السلطات الفرنسية، فيما فشلت مراجعة رابعة كان من المفترض أن تكون في سنة 2011، بعد تمسك الطرف الجزائري برفضها.
ويعتبر السفير الفرنسي الأسبق بالجزائر، كزافيي دريانكور، من أكبر المنظرين والمطالبين بمراجعة اتفاقية 1968، بحيث دعا في الكثير من المرات وعلى أكثر من منبر إعلامي، للحاجة الملحة لذلك، غير أن السلطات الفرنسية الماسكة بزمام القرار لم تتجاوب مع رغبته، ويبقى الأمل بالنسبة لليمين المتطرف ومعه الدبلوماسي المتقاعد في مراجعة الاتفاقية المذكورة، معلّقا على نتائج الانتخابات التشريعية المسبقة نهاية الشهر الجاري.

مقالات ذات صلة