الجزائر
إعلام المخزن اعتاد تسريب الإشاعات عشية المواعيد الحاسمة

الوساطات الوهمية بين الجزائر والمغرب لتسميم قمة السعودية

محمد مسلم
  • 11879
  • 0

بالرغم من تأكيد الرئيس عبد المجيد تبون، أن “العلاقات الجزائرية المغربية وصلت إلى نقطة اللاعودة”، إلا أن النظام المغربي لا يزال يأمل في قيام وساطات بين البلدين، لعلها تؤتي أكلها، بعدما تأكد زيف كل الوساطات التي سبق للأذرع الإعلامية للجارة الغربية أن روجت لها.

ومع اقتراب موعد القمة العربية المرتقبة الشهر المقبل بالمملكة العربية السعودية، عادت “حليمة إلى عادتها القديمة”، كما يقول المثل العربي السائد، وتحدثت صحيفة مغربية عن وساطة مصرية سعودية بين الجزائر والرباط، خلال القمة العربية المقبلة، وذلك نقلا عن قناة “i24” الصهيونية.

وبالعودة إلى المصدر الذي اعتاد ترويج مثل هذه الأخبار الكاذبة، تبيّن أن هذه القناة الصهيونية، التي تحولت إلى ذراع إعلامي للنظام المغربي مدفوعة بالتقارب المحموم بين الرباط وتل أبيب في عز جرائم جيش الاحتلال الغاشم ضد الفلسطينيين، تحدثت عن مساع وساطة تقودها كل من المملكة العربية السعودية ومصر، لكنها غير منسوبة لأي جهة، ومع ذلك تلقفها الإعلام الدائر في فلك القصر بالرباط، ليصنع منها حدثا ذا قيمة إخبارية.

ويتضح الدور المنسوب إلى هذه القناة، التي تتخذ من مدينة “يافا” الفلسطينية المحتلة مقرا لها، بالعودة إلى مالكها، باتريك دراهي، وهو رجل أعمال صهيوني ولد في مدينة الدار البيضاء المغربية، ويحمل الجنسيتين المغربية والصهيوينة معا، كما انتدبت صحفيا مغربيا يعمل في مقرها المركزي بمدينة “يافا” المحتلة، فضلا عن مكتبين لها في الرباط والدار البيضاء المغربيتين ومراسل دائم من التراب المغربي. وقد اعتادت هذه القناة الصهيونية على مدار السنتين الأخيرتين نشر أخبار الوساطات قبل أن تتبين لاحقا أنها كانت كاذبة.

وعادة ما ينشر الإعلام المغربي الدائر في فلك القصر ومحيطه، أخبارا من هذا القبيل، ولاسيما عند اقتراب المواعيد العربية الكبرى، ولا سيما القمم العربية، ففي الخريف الماضي وعشية انعقاد القمة العربية بالجزائر، روجت هذه القناة وساطات العديد من الدول العربية والغربية، ليتبين في الأخير أنه لا وجود لأي وساطة، بل حتى الملك المغربي محمد السادس لم يحضر تلك القمة، رغم تأكيدات مجلة “جون أفريك”، الممولة من قبل المخابرات المغربية، وفق الوثائق التي سربها المدون “كريس كوليمان”.

وبقدر ما يؤكد استمرار الرباط في تسريب أخبار الوساطات الوهمية عن وجود رغبة جامحة لدى المملكة المغربية في استعادة علاقاتها المقطوعة مع الجزائر، فإن اختيار قرب مواعيد انعقاد القمم العربية لنشرها، يخلق حالة من تسميم الأجواء بين الدول العربية، ما قد يؤدي إلى فشل القمة المقبلة بالمملكة العربية السعودية.

وبرأي مصادر على علاقة بهذا الملف، فإن النظام المغربي وبعدما أصبح معزولا في محيطه العربي إثر تطبيع العلاقات بين السعودية وإيران والعودة المرتقبة لسوريا للحضن العربي، وبروز دور جزائري مؤثر بعد غياب لعقود، وبعد خسارة المغرب الكثير من الدول الأوروبية الفاعلة بسبب فضائح الرشوة والتجسس، يريد اليوم ضرب علاقات الجزائر مع كل من السعودية ومصر، عبر ترويج إشاعة الوساطة الوهمية، وذلك من خلال الإيهام بأن الجزائر تحتقر جهود وساطة دولتين محوريتين في المنطقة العربية.

ويكشف إصرار الإعلام المقرّب من النظام المغربي على الاستمرار في نشر أخبار الوساطات الوهمية، أن الرباط لم تعد قادرة على تكبد المزيد من الخسائر بعد ما يقارب السنتين من العقوبات التي فرضت عليها من قبل الجزائر، والتي كانت أشدها إيلاما وقف أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي المار عبر التراب المغربي باتجاه إسبانيا، وكذا منع الطائرات المغربية المدنية منها والعسكرية من المرور فوق الأجواء الجزائرية.

وبعد أشهر عديدة من التستر، اعترف النظام المغربي بأن وقف ضخ الغاز الجزائري عبر الأنبوب المغاربي، أدى إلى توقف توليد الكهرباء في اثنتين من أكبر المحطات المغربية مباشرة بعد توقف ضخ الغاز الجزائري، وهما محطتا “بني مظهر” و”تهدارت” لمدة تسعة أشهر كاملة (من نوفمبر 2021 إلى جويلية 2022)، ولم يعد تشغيلهما إلا بعد استيراد الغاز من الأسواق الدولية وبأسعار خيالية بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وذلك بعدما كانت المملكة المغربية تحصل على الغاز مجانا من الجزائر، مع سيولة مالية تقدر بمئات الملايين من الدولارات سنويا في صورة رسوم على الأنبوب المتوقف.

مقالات ذات صلة