الرأي

الوزير.. وربع الساعة الأخير!

قادة بن عمار
  • 6753
  • 6

ما معنى أن يخصِّص وزير الصحة “ربع ساعة فقط” للاجتماع بالأطباء المقيمين بعد ما أتى هؤلاء من كل الولايات غربا وشرقا، بغية إسماع صوتهم للجهات الرسمية وبطريقة حضارية لا غبار عليها؟ تُرى ما هي تلك الأجندة “العظيمة” و”المزدحمة بالمواعيد المهمة” التي دفعت الوزير مختار حسبلاوي إلى منح هؤلاء الأطباء ربع ساعة فقط للحوار، وهم الذين ظلوا بالساعات، بل وأيّاما في الشوارع مضربين ومعتصمين ومحتجين؟ ثمّ ما هي أولويات “معاليه” إن لم يكن ضمنها الحفاظ على هدوء القطاع وتجنيبه الاضطرابات والإضرابات؟!

هذا التعامل الرسمي الضعيف يعد سببا أساسيا وراء استمرار الفوضى وتعقّد المشاكل، خصوصا أن الوزير الذي لا يجد سوى ربع ساعة فقط من أجل حل مشكلة استمرت لسنوات، هو وزير يدفع بالأطباء للبقاء في الشارع والاستمرار في الإضراب طالما أن صوتهم يظل غير مسموع بتلك الطريقة الرسمية؟ ثم ما فائدة رفع الشعارات الفارغة على غرار: “الجلوس إلى طاولة الحوار”، و”التفاوض”، و”التمسك بالخيارات السلمية”، طالما أن وزير الصحة، وهو القادم من القطاع، لا يؤمن بتلك الأساليب ولا يمنحها اهتماما ولا احتراما!

عجيب أمر السيد حسبلاوي، فهو بتصرفه هذا، يثبت أنه أكثر سوءا من الوزير السابق عبد المالك بوضياف، فهذا الأخير، كان يواجه، على الأقل، الغاضبين والمضربين والمحتجين، سواء كانوا من السلك الطبي أو من عامة المواطنين، بل ويجلس بالساعات معهم، ويقوم بزيارات فجائية للمستشفيات والعيادات، فهل قدر الجزائريين أن يترحموا على كل وزير يرحل مهما كان ضعيفا بسبب من يخلفه في المنصب؟!

تصرف وزير الصحة لا يشبه في خطورته سوى تصرف والي تيزي وزو والذي نقول له: “صح النوم”، فبعد إضراب استمر لأكثر من شهرين، وشلّ معظم المدارس والثانويات، خرج الوالي أخيرا، بتصريح أول أمس، يدعو فيه إلى الحوار، مهددا في الآن ذاته باتخاذ إجراءات عقابية صارمة ضد الأساتذة المضربين، ويا ليته اكتفى بذلك، بل نسف كل أسباب الإضراب حين وصفها بالواهية، وشكك في حادثة اعتداء شرطية على أستاذة!

تصرف مثل هذا، لا يمكن تصنيفه سوى ضمن السلوكات البيروقراطية الرسمية التي يستحيل معها منها فتح باب الحوار، ولا التطلع نحو تهدئة الأوضاع ولا استمالة الجبهة الاجتماعية، بل هو سلوك يصبّ الزيت على النار، ويثير الاستفزاز ويزيد الأوضاع اشتعالا.

ولا يتوقف الأمر عند والي تيزي وزو، بل إن زميله في البويرة لم يعقد أيّ ندوة صحفية ولم يقم بأي تدخل عبر وسائل الإعلام تعليقا على حراك الشارع وإضراب المدارس وغلق الجامعة نتيجة المطالبة بترقية الأمازيغية أكثر، ولم يتحرك سوى بعد ترسيم “ينّاير” وكأن تلك الاحتجاجات وقعت خارج البلاد وليس على تراب الولاية التي يعد مسؤولا أول عن جهازها التنفيذي؟!

مثل هذه السلوكات هي ما يرفع ضغط الدم لدى المواطنين، ويجعلهم يعتقدون فعلا أن الشارع بات الملاذ الوحيد للتعبير عن احتجاجاتهم، طالما أن السلطات المحلية وحتى تلك الوزارية، لا تجد سببا واحدا لفتح الحوار، بل إنها باتت عاجزة عن ممارسته شكليا حتى لا نطالبها بما هو أكثر.

مقالات ذات صلة