الرأي

الوزير و”جماعتو”!

قادة بن عمار
  • 4244
  • 13

“مشيئة الله” وحدها جعلت وزير الشباب عبد القادر خمري يزور مدينة عنابة في اليوم ذاته الذي قرر فيه 30 شابا الفرار من هذه الولاية، وعزموا”الحرڤة” من هذا البلد الذي “يسيّره” خمري وزملاء حكومته… 30 حراڤا لم يعنهم بتاتا حضور اجتماع الوزير ولا طرح مشاكلهم عليه، طالما أنهم لا يرون في ذلك حلا بل جزء من المشكلة، معتقدين فعلا (مثل ملايين غيرهم) أن الحل الحقيقي لضمان حياة أفضل، يتمثل في الهجرة سرّا عند أول فرصة أو حتى ربع فرصة تتاح لهم!

المؤسف حقا..أن الوزير لم يكلّف نفسه، عناء الالتقاء بهؤلاء الحراڤة، لم يغيّر برنامج زيارته الرسمية، مفضلا أن يخطب في شباب آخرين، ملأت السلطات المحلية القاعة المكيفة بهم، ليحدثهم عن “الآفاق الواسعة” التي تنتظرهم في البلاد، وعن “انجازات” الدولة لصالحهم، دون أن ينسى تذكيرهم طبعا بـ”النِعم” التي يتمرّغون فيها بفضل “فخامة الرئيس” وحكومته التي تسهر أناء الليل وأطراف النهار في سبيل الاعتناء بهم؟ !

لا يوجد من يعرف قطاع الشباب وكواليسه أفضل من عبد القادر خمري، فقد كان مسؤولا عنه قبل عشرين سنة!!.. وهذه بعض أبرز تصريحاته التي تثبت “احترافيته” و”حسن نيته”: خمري يؤمن جدا بـ”ضرورة رفع قدرات الشباب في مختلف المجالات وتثمينها”(…) فـ”ذلك يعد خيارا استراتيجيا ومسارا يعمل القطاع على تجسيده في الميدان، لضمان مستقبل الأجيال وتحصين البلاد والمحافظة عليها.”.. الشباب بحسب خمري:”هم الطاقات الحية في البلاد بما يكتنزون من القدرات والذكاء، مما يتوجب الاستثمار فيهم، لمواجهة تحديات العصر والمحافظة على البلاد”..

كلام “جميل” مشكلته البسيطة والوحيدة أن السلطة التي يمثلها خمري لا تؤمن بضرورة تنفيذه، طالما أن استثمار الشباب لا أثر له في الحكومات المتعاقبة منذ سنوات..العجيب، أن خمري ذاته يعدّ “دليلا واضحا” على غياب مثل هذا الاستثمار؟!

وبالعودة لـ”حراڤة” عنابة، ربما قرأ خمري الخبر في الصحف، كغيره من الجزائريين، ولعله انتبه لوجود شابين بينهم، حازا على شهادة البكالوريا مؤخرا، وبتقدير ملفت للانتباه، ثم أكملا جميع تسجيلات الجامعة، قبل أن يقررا “الفرار” من البلد..فهل سأل الوزير نفسه: لماذا؟ طبعا لا ولن يفعل طالما لم تقرر السلطة الحقيقية أن تسائل نفسها، وتعالج “الهجرة السرية” بعيدا عن كونها “طيش شباب” لا يؤمن بأهمية وطنه؟!

قد يكون شباب “البوطيات” أكثر وطنية منا جميعا، وطبعا من الوزير وحكومته، لكنهم لا يُعرّضون حياتهم للخطر والموت غرقا بسبب كره البلاد بل بسبب كره الممارسات السائدة فيها…وانتقاما من الحڤرة والتهميش، ومن الظلم في توزيع الفرص وغياب العدالة، ومن الانتشار الخطير لكل مظاهر الفساد والبيروقراطية والرشوة، والعنف في الملاعب…

وعليه،.. سيظل آلاف الشباب، يُنفذون حلمهم “القاتل” بالهجرة سرا على قوارب الموت، وسيستمر الوزير بالحديث داخل القاعات المكيّفة، وسط حضور رسمي “مخطط له” عن مشروعه “الكبير” وحلمه “الواسع” وبرنامجه العظيم، بعقد “ندوة وطنية لدراسة انشغالات الشباب أواخر أكتوبر المقبل”..(علما أنه قبل شهرين، صرح بعقدها مع بداية سبتمبر! )..وطبعا يعلم الوزير مثل الجميع، أن لا شيء مضمون في البلاد..حتى منصب معاليه و”الوزارة” برمتها غير مضمونة، وما هي إلا أيام قليلة، وقد تنتبه السلطة لخطئها بفصل وزارتي الشباب والرياضة فتدمجهما مرة أخرى..حينها سيحصل خمري على منصب جديد”في إطار استثمار قدرات الشباب” وقد لا يحصل عليه ويحال على التقاعد..لكن الأكيد، أن الحراڤة لن يتقاعدوا عن الفرار من بلد”خمري وجماعتو”؟!!

مقالات ذات صلة