الرأي

الوزير.. ابن الحـ(كـ)ومة!

قادة بن عمار
  • 6126
  • 11

من يعتقد بأن معيار “الكفاءة العلمية” قد تم احترامه في التشكيلة الحكومة الجديدة فهو إما متفائل جدا، أو واهمٌ لا يعرف ميكانيزمات تعيين المسؤولين في الدولة الجزائرية، منذ الاستقلال وحتى اليوم؟!

هل ينفع الاستشهاد بوزير واحد أو اثنين، لهما من رصيد الاحترام والكفاءة والتقدير العلمي والأدبي، ما قد يُبهر البعض ويثير إعجابه للقول بأن الحكومة الجديدة، ستحقّق المطلوب منها؟ ألا يقال أنّ عصفورا واحدا لا يصنع الربيع، فكيف يُراد لوزير محترم واحد أن يصنع حكومة محترمة؟ !

لم يُسقط بوتفليقة من حساباته عامل الجهوية، رغم كل ما قيل ويقال عن خطورة تكريسها قبل الرئاسيات وبعدها.. كما لم يُغفل صاحب القرار مكافأة الإدارة باعتبارها وحشا ينبغي ارضاؤه وترويضه بالمناصب دوما حتى لا يتمرد عليك.. وهو هنا قد ارتكب خطأ جسيما، عن قصد أو بدونه، حين عمل على ترقية أحد الولاة المتورطين في حادثة سبّ مواطنين على المباشر إلى منصب وزير.. علما أن هذه الولاية حققت النسبة الأعلى في التصويت على بوتفليقة يوم 17 أفريل!!

الوزير من وجهة نظر بوتفليقة ومن كانوا قبله، أو ربما حتى من سيأتون بعده.. هو (رجُلنا) أو بالتعبير الشعبي (نتاعنا).. انه بهذا المعنى لا يحقق وصف ابن الحكومة بقدر ما يحقق تطلعات.. ابن الحومة!!

في مشهد سينمائي قوي جدا من فيلم (معالي الوزير).. يقترب الممثل أحمد زكي (في دور أستاذ جامعي محترم) بخطوات متثاقلة من قاعة أداء اليمين أمام الرئيس باعتباره عضوا جديدا في الحكومة.. يتهامس المستشارون: لكنه ليس الرجل المقصود!!

يقترب أحدهم من الوزير الأول المنشغل بضبط ربطة عنقه: معاليك.. آسف للإزعاج… لكن هنالك مشكلة بسيطة، فيما يتعلق بالوزير فلان(…)، لقد اتصلنا بالشخص الخطأ.. حدث خلط بسبب تشابه أسماء؟!

يرد الوزير الأول بغضب شديد.. (بعد وصلة شتم وردح كعاداته): يا (…) كيف تخطئون؟ ومن يكون هذا الذي جاء في مكان الرجل المقصود؟ يجيب المستشار وقد تصبّب العرق البارد من جبينه دون استئذان: انه رجل محترم معاليك.. جامعي من الحزب الحاكم، لكنه ظل مهمشا لسنوات طويلة في بيته..؟! الوزير الأول: المهم في كل هذا.. هل هو من جماعة المناضلين بلا عنوان.. أو من (جماعتنا)… (بالجزائرية.. نتاعنا)؟

المستشار: لا في هذه.. لا تخشى شيئا معاليك.. انه رجل أمين “قدّ حالو” ولا يفتح فمه بالمعارضة أبدا.. مخلص للحزب.. لكم ولفخامة الرئيس طبعا..؟!! الوزير الأول: سنرى.. ولي حساب آخر معك فيما بعد؟!

خارج القاعة، كان الوزير (الصدفة)، يخاطب نفسه وهو يحفظ نص اليمين: أشهد أمام الله أنني سأحترم الدستور والقانون.. وسأعمل مخلصا لفائدة الشعب والوطن.. وو..

لكن في سره، كان يردد قسما آخر: وأشهد أنني سأحترم الصدفة التي جعلت مني وزيرا؟!!

وفعلا.. استمر الوزير في منصبه.. سقطت الحكومة ولم يسقط.. تغيّر جميع الوزراء ولم يتغير.. طار الرئيس ولم يطر..!!

المفارقة.. هذه القصة وقعت في تاريخ سابق بالجزائر.. وكادت تقع مع الحكومة الجديدة لعبد المالك سلال… لولا أنّ…؟!!

مقالات ذات صلة