-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أصبحت ترمى في القمامة خلال عيد الأضحى

“الهيدورة” موروث شعبي يندثر مع التطورات العصرية لديكور المنازل

مريم زكري
  • 494
  • 0
“الهيدورة” موروث شعبي يندثر مع التطورات العصرية لديكور المنازل

تغيرت أعراف الجزائريين وتقاليدهم، بمختلف المناسبات الدينية، منها عيد الأضحى، الذي تطبعه أجواء خاصة تعودت عليها العائلات الجزائرية، رسخت العديد من التقاليد الجميلة، التي اضمحل واندثر الكثير منها، فيما لم يتبق إلا القليل، فقد كان جلد الأضحية من أثاث البيوت، وموروثا شعبيا تناقلته الأسر على مدار عقود من الزمن، بل كان كل رونقها، عندما تتوسط صالة الضيوف لتزين جلساتهم، لكن، لم يعد لها أثر اليوم، إلا في الشوارع، وفي أماكن رمي النفايات، مع سعي السلطات مؤخرا لاسترجاع هذه الثروة واستغلالها اقتصاديا لجني أرباح مضاعفة.

بمجرد إتمام عملية الذبح والسلخ، تبدأ مهمة النساء وربات البيوت مع “الهيدورة”، أو جلد الأضحية، الذي يتم إعداده وتهيئته بطريقة جزائرية خاصة، إذ توضع قطعة الجلد تحت أشعة الشمس مباشرة بعد التأكد من أنها غير تالفة، لتجفيفها طبيعيا من قبل تمليحها جيدا، بحسب ما ترويه لنا الخالة فاطمة، وهي ربة بيت في العقد الخامس من العمر.

وأكدت أن العملية كانت جزءا مهما من روتينها يوم العيد في سنوات خلت، واستطردت محدثتنا قائلة إن “المهمة” قد تستغرق أياما، بحسب حالة الطقس ودرجة حرارة الجو، إذ يترك على تلك الحال ليومين أو ثلاثة وأحيانا لأسبوع كامل حتى تجف تلك “الهيدورة”، ثم تغسل بعد ذلك لتصبح قطعة أساسية في البيت.

وأوضحت الحاجة فاطمة، أن الحفاظ على جلد الأضحية بعد العيد وتحويله أفرشة أو صوفا، تخلت عنه الكثيرات من العائلات منذ سنوات، بعد تطور ديكورات المنازل العصرية، والأثاث الفخم.. وتحدثت خالتي فاطمة بحسرة قائلة: “إن إعطاء الأشياء قيمة رغما بساطتها يزيد ذلك من سعادتنا وثقافتنا التي يرثها أجيالنا، لكن ما كنا نعتز به ونفتخر به، وما جعلناه إرثا قيما اندثر مع التغيرات الاجتماعية التي ارتكزت على الانبهارية وعشق ثقافة الآخر”.

أطنان من الجلود ترمى سنويا بالمزابل

وفي ذات السياق، قال البروفيسور المختص في علم الاجتماع، احمد قوراية، في تصريح لـ”الشروق”: “إن التحول النفسي الاجتماعي في المجتمع الجزائري، حوّل معه عدة أشياء جميلة، كما أفقد هذا التحول ذوق الأشياء التي تعتبر جزءا مهما في أصالتنا وتقاليدنا العريقة”. وأضاف قوارية أن مجتمعنا “انسلخ” عن ثقافته وأصالته كليا، خاصة في بعض الأمور المتعلقة بالأعياد منها عيد الأضحى المبارك، قائلا إن إتلاف أطنان من الجلود سنويا ورميها بالمزابل، ليس فقط إهدارا لهذه الثروة الثمينة، بل هو أيضا تسبب في تلوث البيئة والمحيط، بدلا من استغلالها اقتصاديا واجتماعيا لما لها من قيمة دينية، كما فعل قبل ذلك أجدادنا وأمهاتنا.

وأضاف المتحدث أن رمي المواطنين أطنانا من جلود الأضاحي في الشوارع وحاويات القمامة، هو ضياع لثروة اقتصادية، يمكن لها أن تستثمر في مجال الصناعة التقليدية ودباغة الجلود وتشغيل اليد العاملة، مقترحا اتخاذ إجراءات استباقية قبل عيد الأضحى لجمع هذه الثروة الهامة على حد تعبيره، بالأحياء ووضع نقاط خاصة لتسليمها من قبل المواطنين، لتجنب رميها في النفايات لاحقا، مشيرا إلى أن صناعة الجلود تعتبر من القطاعات المهمة في تشغيل اليد العاملة، وأصبح لزاما على الدولة توفير أماكن لجمع جلود الأضاحي، بحيث تنقل مباشرة في يوم العيد إلى هناك، وذلك من خلال إطلاق عمليات تحسيسية، لتنظيم نقاط جمعها في مختلف الأحياء، واختيار الجلود الصالحة لتحويلها إلى مادة أولية للصناعات الجلدية. كما أن هذا الحل الذي بادرت بتطبيقه وزارة الصناعة مؤخرا، بحسب قوارية، سيساعد في حماية البيئة، وتوفير جلود كافية للمدابغ وبالمجان، لتشجيع الصناعة التقليدية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!