-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المُخيف والمخفي في مناظرة “بايدن” و”ترامب”!

المُخيف والمخفي في مناظرة “بايدن” و”ترامب”!

المستمع لمناظرة الرئيس الأمريكي الحالي والرئيس السابق في إطار الاستعداد للانتخابات الرئاسية في شهر نوفمبر القادم، يكتشف أمرا أساسيا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية. لم تعد هناك رؤية مستقبلية للأمريكيين، إنهم إما يعيشون مشكلات الماضي ويتحسّرون على الأخطاء أو غارقون في المشكلات الحاضرة لا يعرفون كيفية حلها. أمريكا في العقود القادمة غائبة، إذن أمريكا سواء أكانت بوجه “بايدن” أو “ترامب” أو آخرين لم تعد تشعرك الآن من خلال قيادتها بأنها تمتلك قوة المستقبل…

المترشح “دونالد ترامب” كرَّر أكثر من مرة أن أمريكا “أصبحت دولة فاشلة”، أنها أصبحت “من دول العالم الثالث” ، أن أمريكا “هي الآن في أسوأ موقف من الصين”، أن “الصين سوف تقتلنا”، أن “بايدن” هو مرشح يخدم مصالح الصين…الخ، ولم يَرُد عليه المترشح “بايدن” بما يَنفي ذلك، حتى بدا وكأن “ترامب” لا يُجانب الحقيقة في كل ما يقول بل يؤكد وهو يحاول مغالطة نفسه تلك الحقائق التي أصبح يعرفها الكثير من الخبراء في العلاقات الدولية.

مسألة أخرى تُبيِّن التَّحوُل السَلبي الكبير الذي حصل في طريقة التفكير الأمريكية في العقود الثلاثة الأخيرة، بدل الدفاع عن المشروع الأمريكي الأول وهو النظام الديمقراطي والكتلة الأطلسية، بات التشكيك في هذين الأمرين والتردد نحوهما واضحا.

من كان يعتقد أن يُطرَح سؤال في مناظرة من هذا المستوى يقول لِلمتناظرين: هل سَتحترمون نتائج الانتخابات؟! مثل هذا السؤال ما كان لِيَخطر على بال أحد منذ أن فَرضت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها كقوة ديمقراطية في العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية وإلى غاية الرئيس “أوباما”.. بعدها تأكد اليوم أن الديمقراطية في الولايات المتحدة أصبحت محل سؤال وموضع شك. ويُجيب المترشح “دونالد ترامب” عن هذا بالقول: الانتخابات إذا كانت قانونية وعادلة سأقبلها تماما أما التزوير فهو غير مقبول تماما، ليرد عليه المترشح “بايدن”: سَتنسحب وتبكي، أنت تبكي عندما تخسر… عبارات تُشكِّك في أكبر ديمقراطية في العالم، لم نكن نسمعها سوى في ما يسمى الدول ذات “الديمقراطيات” الصورية، قبل الانتخابات يبدأ الحديث فيها عن التزوير.. اليوم أصبحنا نسمعه في أمريكا!!

مؤشر آخر على التدهور الكبير الحاصل في الولايات المتحدة هو هذا الأسلوب الضعيف في التعامل مع القضايا الدولية، “دونالد ترامب” يَذكُر أنه لن يحمي أوكرانيا ولا دول الحلف الأطلسي إذا لم يدفعوا لأمريكا ملايير الدولارات ويقولها بوضوح تام، و”بايدن” يقول لو لم تدفع أمريكا لأوكرانيا أكثر من 100 مليار دولار وتُساهم أوروبا بالمثل لاحتلت روسيا “كييف” ثم استعادت بولندا وما بعدها ولَعَاد الاتحاد السوفياتي من جديد… وهكذا تبدو ضحالة التفكير الاستراتيجي الأمريكي بوضوح: الحرب والسلم والصراع الدولي يُختَزلان في المال، أين أسلوب العيش الأمريكي الذي كان فيما مضى الرمز الأول لقوة الولايات المتحدة، أين نظريات العلاقات الدولية الأمريكية بمختلف مدارسها؟ لا شيء من هذا.. أكبر مُترشحين يتخاصمان كمُفلسين في السياسة الدولية.

الأمر الأخير الذي يثبت ما نقول، هو هذا الخوف الواضح من عصابة مريضة نفسيا تَحكم “إسرائيل”! وكأن أمريكا ليست دولة عظمى لا تخشى حتى القوى الكبرى فما بالك أن تخشى مريضا مهووسا بالقتل والتدمير  اسمه “نتنياهو”..!! “ترامب” يقول : “بايدن” عطّل”إسرائيل” لتُنهي مهمتها” أي لو كان هو لاستخدم كمريض آخر، ربما السلاح النووي في ذلك، لأن قنابل زنة عشرة قناطير غير كافية وكل هذا التدمير والقتل غير كاف… وختَمها بالقول “سأرى” فيما يتعلق بحل الدولتين، أي عَجَزَ عن تقديم أفق سياسي لأنه غير قادر على تصوره، ذات الشيء بالنسبة لـ”بايدن” الذي مازال يقول ببلاهة غير مفهومة أنَّ المُتضرر من الحرب هو الوحيد الذي مازال يطالب بالحرب!!! في حين أصدقاؤه الإسرائيليون والغربيون فقد قبلوا بورقته للحل!!، في تأكيد آخر على مدى ضحالة الفكر السياسي لدى القيادة الأمريكية اليوم، ومدى عدم إدراكها للتحول العميق الحاصل على المستوى العالمي إن سياسيا أو استراتيجيا أو عسكريا… ولهذا أبعاد خطيرة على مستقبل السلم والأمن العالميين.. علينا أن نَحذر ونَأخذ كافة الاحتياطات…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!