رياضة
العنف اللفظي يفرض منطقه في أغلب مباريات البطولة

المقبرة، البركان، الكوزينة، الحوش والنار.. تسميات تلهب الملاعب الجزائرية

صالح سعودي
  • 5462
  • 8
ح م

يتحدث الشارع الرياضي وبقية المتتبعين لشؤون الكرة الجزائرية هذه الأيام عن مخلفات حادثة مقتل المهاجم الكاميروني إيبوسي، مؤكدين على الخطر الذي تعانيه الملاعب الجزائرية بعد أن استفحل فيها العنف الذي يهدد اللاعبين والمسيرين والمدربين والأنصار أنفسهم، لكن الكثير لم يشر إلى مقدمات هذه الظاهرة، وهو ما يصطلح عليه بـ”العنف اللفظي”، الذي يفرض منطقه في المدرجات على مدار التسعين دقيقة دون أن يحظى بمتابعة المختصين والجهات الفاعلة لمعرفة الأسباب والنتائج أيضا.

المتأمل في أسماء العديد من الملاعب الجزائرية يستشف منها عبارات توحي بالحرب ومختلف الأساليب العدوانية، وعدم تقبل مبادئ الروح الرياضية التي تؤمن بمنطق الربح والخسارة، وهو ما يوحي أن أنصار أغلب الفرق الجزائرية تطالب فرقها بضرورة الظفر بالنقاط الثلاث مهما كان الحال، وفي حال الإخفاق سيكون الرد مباشرا قولا وعملا، مكرسين منطق الحرب في مباريات كروية ينتظر أن تكون مثالا للأخوة والمتعة والاستعراض الفني، كما أن أنصار بعض الفرق تهدد الزوار من البداية بصرف النظر عن الطموح في النتيجة، وهو ما يعني حسب البعض أن الغرض من بعض الأنصار ليس التوجه إلى الملاعب من أجل رؤية فرقهم منتصرة بالضرورة، ولكن هناك رغبة في شن العنف بشتى الطرق.

على صعيد آخر، تعرف الملاعب الجزائرية العديد من التسميات المثيرة والتي تخلف الكثير من التساؤلات والتخوفات أيضا، خاصة أن دلالاتها توحي إلى العنف وتهديد لاعبي وأنصار الفرق المنافسة من البداية، حيث يتداول اسم البركان على ملعب الشهيد حملاوي كتأكيد على قوة أنصار شباب قسنطينة الذين يصطلح عليهم بـ”السنافر” كدلالة على فرض منطقهم في ملعب يتسع لـ60 ألف متفرج، ويطلق على ملعب 8 ماي بسطيف “ملعب النار والانتصار” بحجة أنه مرادف لتألق نسور الهضاب، وهناك مصطلح أكثر إثارة مثل “الحوش” على ملعب بوعقل بوهران، و”الكوزينة” تطلق على ملعب 20 أوت بالعاصمة، بحجة ضيق مساحته التي تسمح للمحليين بفرض منطقهم، كما يحدث في ملاعب ضيقة أخرى مثل ملعب المحمدية، الحراش، زيوي، براكني، إضافة إلى سفوحي بباتنة، بن عبد المالك بقسنطينة، قبل أن يتم غلقهما منذ عدة سنوات.

ويطلق على أنصار أغلب الفرق الجزائرية تسميات غريبة، على غرار “الكواسر” التي يعرف بها أنصار اتحاد الحراش، وهو الإسم المستنبط من المسلسل السوري الشهير، و”الجوارح” بالنسبة لأنصار جمعية الشلف، ويطلق على أنصار مولودية الجزائر “الشناوة” لكثرة عددهم، و”السنافر” على جمهور شباب قسنطينة، و”الجراد الأصفر” على أنصار أهلي البرج، و”الشيشان” على أنصار اتحاد الشاوية، و”الهوليغانز” على أنصار اتحاد عنابة، وغيرها من التسميات المثيرة، والتي توحي برغبة كل طرف في فرض منطقه، ما يزيد من الشحنة في المدرجات، وكثيرا ما تخلف مأساة كبيرة بعد انتهاء التسعين دقيقة.

الملاعب الضّيقة أكثر احتضانا لأحداث العنف والشغب

وتعتبر الملاعب الضيقة الأكثر عرضة لأحداث الشغب بسبب صعوبة التحكم في الوضع من الناحية التنظيمية، على غرار ملعب دمان ذبيح بعين مليلة بسبب اللجوء إلى الرمي المتبادل للحجارة مباشرة بعد خروج الأنصار من الملعب، وخلف ملعب سفوحي بباتنة عدة متاعب لرجال الأمن نهاية التسعينيات وبداية الألفية الجديدة قبل تحويل المباريات الرسمية في العشر سنوات الأخيرة إلى مركب 1 نوفمبر، ويبقى ملعب زيوي بحسين داي مسرحا لعديد التصرفات السلبية التي كادت تتسبب في أحداث خطيرة، ويجد رجال الشرطة صعوبات في ملعب 1 نوفمبر بالحراش الذي عرف الكثير من الأحداث والحوادث خلال المواجهات الحاسمة أو المحلية، والكلام نفسه يقال على بعض المباريات المحلية التي كثيرا ما تخلف هيجانا في المدرجات، مثل ما كان يحدث بين أنصار جمعية عين مليلة وشباب قسنطينة، ومولودية باتنة أمام اتحاد بسكرة، إضافة إلى الأجواء المشحونة التي كانت تسود مواجهات الجارين وفاق سطيف أمام أهلي البرج قبل أن تعرف هدوءا نسبيا في الأعوام الأخيرة.

وعرفت ملاعبنا في السنوات الأخيرة الكثير من موجات العنف، ما تسبب في خسائر مادية في العتاد وتجهيزات المركبات الرياضية، وكثيرا ما تؤدي إلى حرق أو سرقة محلات تجارية، أو اعتداءات على المارة باستعمال السلاح الأبيض، على غرار ما حدث الموسم المنصرم لمناصر مولودية العلمة في لقاء الذهاب الذي نشطته “البابية” في سطيف، وكثيرا ما تسببت أحداث الشغب في انعكاسات سلبية على الأندية من الناحية الفنية على خلفية العقوبات المسلطة على الملاعب وإرغامها على تنشيط مبارياتها دون جمهور على غرار ما حدث لمولودية باتنة موسم 2009-2010، حين عوقبت بـ4 مباريات في منتصف مرحلة الذهاب قبل أن تعاقب بلقاءين آخرين بعد “الداربي” ما مهد لها السقوط إلى القسم الثاني، وهو نفس الإشكال الذي عانى منه فريق أهلي البرج موسم 2010-2011، حيث عقّدت العقوبات التي تعرض لها أمام مولودية الجزائر على نتائج النادي، وعرف عام 2006 أحداثا دامية في لقاء مولودية سعيدة أمام أولمبي العناصر، وعوقب المحليون بـ10 مقابلات دون جمهور، وفي نفس الجولة جرت أحداث مماثلة في لقاء جمعية الخروب – مولودية قسنطينة، وعوقبت “لايسكا” هي الأخرى بـ10 مباريات دون جمهور، وفي عام 2003 انتهى لقاء مولودية الجزائر – اتحاد الحراش على وقع أحداث مأساوية (مجموعة وسط غرب)، كما عرف ذات الموسم أحداثا مؤسفة في لقاء سريع غليزان أمام مولودية الجزائر، ونجا حينها عدة لاعبين من موت حقيقي، بما في ذلك الحكم عويطي بعد اجتياح الأنصار لأرضية ميدان غليزان.

مقالات ذات صلة