المفاوضون الإسرائيليون والفلسطينيون ضد التاريخ والمستقبل
عبثا كل ما يفعلون .. كثير منهم يعرف ذلك، لكنه يريد ان يقضي الوقت المسموح به قبل التحولات الكبرى في المنطقة، وآخرون يريدون ان يتغطوا بالمفاوضات لتكريس أمر واقع وانتزاع اعترافات إقليمية وتطبيع مع العرب والمسلمين .. الا أنهم عبثا يفعلون..
-
فالتاريخ لا يقبل هذا التجاوز الخطير لقوانين حركته، لاسيما عندما ينصهر التاريخ بجغرافيا في مركز أعصاب الكيانات الحضارية الكبرى .. ففلسطين ليست البوسنة والهرسك ولا سبتة ومليلية إنها مركز هم الامة وتشابك المقدس والاستراتيجي فيها..
-
وإنهم عبثا يفعلون.. فالمستقبل لن يكون لأقوياء اليوم، فأقوياء اليوم فعلوا كل ما بوسعهم ولن يفعلوا أكثر مما فعلوا..المستقبل لملايين شباب العرب والمسلمين الأحرار الذين شاهدوا زيف حضارة المستكبرين، هذه الطاقة المذهلة المتنامية التي لم تستطع ثقافة “الهامبورغر” تجنيدها، هذه الطاقة التي تخرج من تحت ركام الدمار العظيم عفية لم يصبها لغوب، طاقة حيوية لن يطول بها الزمن قبل اكتشاف سبل نهضتها، رغم كل المعاناة.
-
لقد فشلت التسوية قبل ثماني سنوات، فلماذا تنجح الان؟ فشلت في كامب ديفيد، فماذا تنجح في بيت اولمرت؟ ان هناك عوامل قد تغيرت نحو الاسوأ بالنسبة للتسوية:
-
1- لقد كان كلينتون، عرفات وباراك يتمتعون بثقة وطنية لا يتمتع بها بوش، ابو مازن وأولمرت.
-
2- في تموز 2000، كان المجال الامني بين الطرفين افضل بما لا يقاس منه اليوم.
-
3- صعود حماس – اذا لم يعرقل التسوية، فثمة احتمالية عالية في أن تكون الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية تحت سيطرة حماس. فمن ناحية اسرائيل لا يدور الحديث فقط عن “تنازلات اليمة”، بل وايضا عن أخذ مخاطرة غير معقولة.
-
4- الثقة بين الاطراف معدومة، فالإسرائيليون لا يثقون بأن الفلسطينيين سيكتفون بدولة غزة والضفة، كما ان الفلسطينيين لا يثقون بنوايا إسرائيل وحدود طموحها .. كما ان السلاح البدائي لدى الفلسطينيين يقابله اليوم تسريب الصواريخ المضادة للدبابات وللطائرات القادرة ان تكون عنصر التخريب على التسوية.
-
ان التسوية الدائمة وان كان احمد قريع وصائب عريقات قد توصلا الى نقاط عديدة وبالتفاصيل حولها مع المفاوض الإسرائيلي، الا انها غير قابلة للتحقق، فشروط نجاحها معدومة.
-
في إسرائيل ينكب العقلاء من الاستراتيجيين الصهاينة على بدائل عن هذه التسوية ويطرحون الخيار الأردني للضفة والمصري لغزة بديلا عنها.
-
عبثا ما يفعلون.. ومضيعة وقت، وتجميد الحياة في زمن لا يرحم الأقوياء فيه الضعفاء..ينتصب الان التاريخ والمستقبل والواقع بكامل اليقين: كانت فلسطين ولن تكون الا فلسطين.
-