العالم
قراءة في مواقف الدول المغاربية من "طوفان الأقصى"

المغرب.. الدولة الوحيدة العاجزة عن إدانة العدوان الصهيوني

محمد مسلم
  • 6366
  • 0
أرشيف

يكشف استقرار مواقف دول المغرب العربي من العدوان الصهيوني الغاشم على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، حقيقة العزلة الدبلوماسية التي يعانيها النظام المغربي في المنطقة، بسبب مواقفه الخائنة للقضية الفلسطينية، وذلك بالرغم من أن الملك المغربي، محمد السادس يرأس زورا ما يسمى “لجنة القدس” لدى منظمة المؤتمر الإسلامي.
وشذّ بيان الخارجية المغربية الذي أعقب بداية العدوان الصهيوني على الفلسطينيين العزل في قطاع غزة، عن مواقف بقية البلدان المغاربية الأخرى ممثلة في كل من الجزائر وتونس وموريتانيا وليبيا، التي كانت كلها داعمة لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على أرضه، ومنددة بالعدوان الصهيوني، في حين سقطت المملكة العلوية في المحظور بوضعها الجلاد والضحية في سلة واحدة.
ولم تتجرأ المملكة المغربية التي ارتمت في أحضان العدو الصهيوني بشكل مثير للاشمئزاز منذ تطبيعها في ديسمبر 2020، حتى على إعلان تضامنها مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للإبادة بالآلة العسكرية للكيان الغاصب، عكس شقيقاتها في المنطقة المغاربية، وراحت “تعرب عن قلقها” عما اعتبرته “استهداف المدنيين” الصهاينة، من قبل رجال حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، إثر عملية “طوفان الأقصى” البطولية.
وقالت خارجية النظام المغربي “تعرب المملكة المغربية عن قلقها العميق جراء تدهور الأوضاع واندلاع الأعمال العسكرية في قطاع غزة وتدين استهداف المدنيين من أي جهة كانت”، في مشهد بائس يؤكد بأن مصدر صناعة القرار لم يعد في الرباط وإنما يأتي في صيغة تعليمات من تل أبيب.
وعلى العكس من موقف النظام المغربي الخائن لقضية المركزية للأمة، جاءت مواقف الدول المغاربية الأخرى صارمة بشدة، محملة الكيان الصهيوني مسؤولية أرواح الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
فالموقف الجزائري كان واضحا وهو التنديد بالاعتداءات الصهيونية على الفلسطينيين والدعوة إلى وقفها، كما جاء في بيان وزارة الخارجية: “تتابع الجزائر بقلق شديد تطور الاعتداءات الصهيونية الغاشمة على قطاع غزة، والتي أودت بحياة العشرات من أبناء وبنات الشعب الفلسطيني الأبرياء، الذين سقطوا شهداء في ظل تمادي الاحتلال الصهيوني في سياسة التجبر والاضطهاد التي يفرضها فرضا على الشعب الفلسطيني الباسل”.
كما “تدين (الجزائر) بشدة هذه السياسات والممارسات المخلة بأبسط القواعد الإنسانية ومراجع الشرعية الدولية. وتجدد الطلب بالتدخل الفوري للمجموعة الدولية من خلال الهيئات الدولية المعنية لحماية الشعب الفلسطيني من الغطرسة والإجرام الذي جعل منهما الاحتلال الصهيوني سمة من سمات احتلاله للأراضي الفلسطينية”.
ولم يكن بيان الخارجية التونسية أقل قوة من نظيره الجزائري، فقد أكدت الرئاسة التونسية “وقوف تونس الكامل وغير المشروط إلى جانب الشعب الفلسطيني، كما تذكر بأن ما تصفه بعض وسائل الإعلام بغلاف غزة هو أرض فلسطينية ترزح تحت الاحتلال الصهيوني منذ عقود، ومن حق الشعب الفلسطيني أن يستعيدها، وأن يستعيد كل أرض فلسطين، ومن حقه أيضا أن يقيم دولته المستقلة عليها وعاصمتها القدس الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين”.
ودعت الرئاسة التونسية “المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته التاريخية لوضع حد للاحتلال الغاشم لكل فلسطين، ولإمعان قوات الاحتلال الصهيوني في انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني في تحد كامل لكل الشرائع الدينية والقيم الإنسانية”، و”الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، وتذكّر المذابح التي قام بها العدو الصهيوني في حق شعبنا العربي في فلسطين، بل وفي حق الأمة كلها”.
كما شددت: “على العالم كله ألا يتناسى مذابح العدوّ في الدوايمة وبلد الشيخ ودير ياسين وكفر قاسم وخان يونس والمسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي وغيرها، وعليه ألا يتناسى أيضا مئات الآلاف من الذين هُجّروا من ديارهم وسُلبت منهم أراضيهم، عليهم أن يتذكروا هذه التواريخ، وعليهم أن يعترفوا بحق المقاومة المشروعة للاحتلال، ولا يعتبرون هذه المقاومة اعتداء وتصعيدا”.
الموقف الليبي كان بدوره منتقدا بشدة للكيان الصهيوني وداعما للفلسطينيين من دون شروط ومحملا الأسرة الدولية المسؤولية: “ندعو المجتمع الدولي إلى إيقاف انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي السافرة، ووضع حد لها، وإنهاء هذا الصراع الدموي. كما نحمل سلطات الاحتلال تبعات رد فعل المقاومة الفلسطينية على الاقتحامات المتواصلة للمسجد الأقصى وإيذاء الفلسطينيين والاستيطان، ونشدد على حظر توسيع استهداف قطاع غزة، أو مواصلة استهداف الفلسطينيين”.
ولم تتخلف الدولة المغاربية الأخرى، موريتانيا عن دعم ومساندة الشعب الفلسطيني في محنته، وعبرت عن “بالغ انشغالها بما يجري من تصعيد في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي يعتبر نتيجة حتمية لما تمارسه سلطات الاحتلال الاسرائيلية من استفزازات وانتهاكات منتظمة لحقوق الشعب الفلسطيني ولحرمة المسجد الأقصى المبارك وتماد للتوسع الاستيطاني”.
وجددت نواكشوط “تمسكها بالحل السلمي العادل الذي يضمن للشعب الفلسطيني حقه المشروع في الكرامة والسيادة في إطار دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية طبقا لمبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ذات الصفة”.
هذه المواقف تكشف مدى الارتهان الذي يوجد فيه النظام المغربي منذ تطبيع علاقاته مع الكيان، مقارنة بمواقف بقية الدول المغاربية الأخرى، وهو معطى يؤكد بأن الرباط لا يمكنها بلورة موقف سيادي يدعم حق الشعب الفلسطيني في العيش ويساند القضية الفلسطينية، ببساطة لأنه ينتظر التعليمات تأتي من تل أبيب.

مقالات ذات صلة