العالم
من الوقود والمواد الغذائية إلى قارورات غاز الطهي

المغربيّون ينتفضون ضدّ لهيب الأسعار وسوء المعيشة

س. ع / وكالات
  • 2724
  • 0
أرشيف

عادت الاحتجاجات الشعبية مجددا إلى الواجهة بسبب الأزمة الخانقة متعددة الأبعاد التي يعيش على وقعها المغرب، في ظل إمعان الحكومة في ضرب القدرة الشرائية وتكريس الهشاشة الاقتصادية والفجوات الاجتماعية التي عمقتها سياساتها العقيمة والفساد المستشري، من خلال الاحتكار والمضاربات وفوضى الأسعار.
وأثار قرار الحكومة المغربية الأخير القاضي برفع الدعم عن قارورات غاز الطهي، موجة عارمة من السخط الشعبي لما يشكله من عبء إضافي على كاهل المواطنين، وهم الذين اكتووا بلهيب أسعار الوقود والمواد الغذائية، وما سيترتب عن ذلك من انعكاسات خطيرة على منظومة الأسعار المرتبطة بالمعيشة اليومية للمغاربة.
وأمام إصرار الحكومة على المضي في سياسة ضرب القدرة الشرائية، وعجز الأسر المغربية في مواجهة انفلات الأسعار بصورة غير مسبوقة، خرجت مظاهرات حاشدة السبت في الرباط وعدد من المدن احتجاجا على سياسات الحكومة “الترقيعية الارتجالية” التي تستهدف الإجهاز على القوت اليومي للمواطنين من ذوي الدخل المحدود وحتى الفئات المتوسطة.
وعبر الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب عن رفضه وتنديده بالزيادة في سعر قارورة الغاز، واعتبرها “ضربا وإجهازا ممنهجا” على القدرة الشرائية. وطالب الحكومة بتحمل مسؤوليتها كاملة في الحد من نزيف الانهيار في القدرة الشرائية للعمال والمواطنين على العموم، من خلال اتخاذ إجراءات “عاجلة تستحضر الوضع الاجتماعي المتردي، سواء على مستوى تكريس التهميش والإقصاء للكثير من الفئات المتضررة، أو من خلال استمرار نزيف فقدان مناصب الشغل وارتفاع مؤشر العاطلين واتساع نسيج إفلاس المقاولات وغيرها من المؤشرات الاجتماعية التي أكدتها مؤسسات وطنية ودستورية رسمية”.
من جهته، أكد محمد زويتن، الأمين العام للهيئة النقابية، أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمملكة “يتسم بالإجهاز على القدرة الشرائية للمغاربة، ما تسبب في تأزيم الوضع الاجتماعي نتيجة السياسات والتدابير الحكومية، ومن آثار ذلك ارتفاع نسبة البطالة في الوقت الذي ينتظر فيه الشباب تمكينهم من فرص شغل، في ضرب صارخ لحقوقه في العيش بكرامة”.
ورفضت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في المغرب قرار الحكومة، واعتبرته “إمعانا يضيف في رفع منسوب الاحتقان الاجتماعي، تتحمل الحكومة مسؤولية عواقبه”، وأعادت التذكير بما نتج عن قرار تحرير قطاع المحروقات من ارتفاع مهول لأسعار العديد من المواد الاستهلاكية، في غياب إجراءات حقيقية لحماية القدرة الشرائية للمواطنين.
وتعليقا على هذا الإجراء الحكومي، أكد رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، أنه “في الأيام القليلة القادمة ستعرف العديد من المنتجات التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بقارورة الغاز، ارتفاعا في ثمنها المعمول به حاليا”.
من جهتها، اعتبرت نبيلة منيب، البرلمانية عن الحزب “الاشتراكي الموحد” وأمينته العامة السابقة، أن الزيادة الأخيرة في قارورة غاز الطهي “سيضر بالشرائح الفقيرة والفلاحين الصغار بالدرجة الأولى، ما يعني ارتفاع تكلفة الفلاحة المعيشية، وكان على الحكومة أن لا تتخذ مثل هذا الإجراء في ظل هذه الظرفية”، مشددة على أن “شعار الدولة الاجتماعية التي تروج له الحكومة يجب أن يرتكز على التوزيع العادل للثروة ومحاربة الفقر المستشري بدلا من تكريس الفوارق الاجتماعية بما يترتب عنه من عواقب وخيمة على القدرة الشرائية للمواطن”.
ويعتبر المتتبعون لمسار الاقتصاد المغربي في السنوات الأخيرة خلال عهدة حكومة عزيز أخنوش أن الإجراءات التي أقرتها هذه الأخيرة “مجرد مسكنات” لا تحل أزمة الاقتصاد “ما لم تكن مصحوبة بقرارات أكثر جذرية من خلال إصلاحات اقتصادية عميقة في بنية الاقتصاد المغربي، وتتعلق أساسا بالعمل على كسر الاحتكارات والريع ومظاهر الفساد”.
ووفقا لآخر إحصائيات موقع “Global Petrol Prices” المتخصص في تتبع أسعار الوقود في بلدان العالم، فقد جاء المغرب في المرتبة الـ61 عالميا من حيث ارتفاع أسعار المحروقات، وهو ما يعكس الوضع الحالي لسوق الطاقة في المملكة، وتأثيره المباشر على الاقتصاد المغربي ومعيشة المواطنين.

مقالات ذات صلة