الجزائر
أكثر من 227 دواء غائب عن الرفوف

المرضى في رحلة بحث عن الأدوية المفقودة والصيادلة محرجون

كريمة خلاص
  • 2075
  • 6
أرشيف

طفا مشكل ندرة الأدوية في الصيدليات الوطنية من جديد، وبأكثر حدة، بعدما كان يوشك على الزوال، إلا أن ظروفا ومستجدات في الساحة الوطنية والدولية انعكست سلبا على وفرة المواد الصيدلانية، ما أزّم الحالة الصحية لعديد المرضى، الذين لم يجدوا أدويتهم المعتادة.

ويؤكد مسعود بلعمبري رئيس النقابة الوطنية الجزائرية للصيادلة الخواص، في تصريح للشروق، أنّ الندرة فرضت نفسها في السوق الجزائرية منذ عدة سنوات، وكل الحكومات والوزارات التي تعاقبت لم يكن في قدرتها التغلب على هذا المشكل، أو وضع حلول له، ولو على المدى المتوسط.

واستغرب ممثل النقابة تسجيل ندرة في أكثر من 227 دواء مفقود، أو غير متوفر بطريقة منتظمة، أو بالكميات الكافية للطلب، إذا اعتبرنا أن الصناعة الوطنية قد بلغت 60 بالمئة من حيث الحجم، بالنسبة لتغطية الحاجيات المحلية.

ندرة الدواء تتسبب في ممارسات لا تليق بالقطاع

وأفاد بلعمبري أنّ الحاجة للدواء أمر يومي وعاجل في معظم الحالات، والصيادلة يجدون أنفسهم في حالات تذمر قصوى لغياب الأدوية في رفوف صيدلياتهم، كما أن نقص الدواء يؤدي إلى ممارسات لا تليق بهذا القطاع، من بيع مشروط، والتعامل بمبدأ المكيالين بين الصيدليات الكبرى والصيدليات المتواضعة، أو المتواجدة في الجزائر العميقة والمناطق المعزولة. فرغم أن الدولة تسعى لضمان الدواء لجميع المواطنين، وفي كل ربوع الوطن، إلا أننا في الواقع، ورغم كل ما يملكه الصيادلة من إرادة لاستقدام الأدوية وتوفيرها، نجد أنفسنا في حالة عجز تام أمام الواقع والممارسات التمييزية، والغياب الفعلي للدواء لدى الموزعين نتيجة سياسة إدارية وتقنية، يتحكم فيها اختلال التوازن بين العرض والطلب، وتراكم المشاكل والقرارات التي لا ينبغي أن يكون لها مكان في قطاع حساس مثل الدواء.

مئات الأدوية المحلية تنتظر التسجيل منذ أشهر

وأضاف “المشكل اليوم لا يكمن في إحصاء عدد الأدوية المفقودة، وإنما المشكل حسبنا في اتخاذ أحسن القرارات من أجل توفير الأدوية لمواطنينا بصفة عاجلة. فقد سمعنا الكثير من الإعلانات والتصريحات، ولكن المشاكل نفسها تبقى مطروحة، والوضع مرشح للتفاقم أكثر، إن لم تتدخل الدولة بقوة وبصفة عاجلة”.

ويؤكد المتحدث أن التأخر في تسجيل الأدوية يؤدي إلى الندرة في الصيدليات، ويخل من توازنات سوق الدواء، كما يؤدي أيضا إلى زيادة الطلب على الأدوية المستوردة، وارتفاع فاتورة الاستيراد.

واعتبر بلعمبري أنّ قائمة الأدوية المصنعة محليا، والتي تنتظر التسجيل لدى الهيئات الصحية الرسمية فاقت 400 دواء، والبعض الأخر يصرح أن هذا العدد يفوق 700 دواء، حيث إنّ آجال الانتظار تصل أحيانا كثيرة إلى أكثر من 12 شهرا، رغم أن الآجال القانونية تنص على عدم وجوب عدم تجاوز3 أشهر، مذكرا أنه منذ أقل من سنتين تم خفض هذه المدة إلي أقل من 6 أشهر، والتحقت بذلك الجزائر بالمعايير القانونية الوطنية وبالآجال الدولية المعمول بها.

نقابة الصيادلة تستغرب تصنيف الأدوية إلى أساسية وغير أساسية

واستغرب رئيس النقابة تصنيف الوزارة للأدوية إلى أساسية وغير أساسية، مبدية تحفّظها، حيث أفاد بلعمبري “حسب عدد من المتعاملين وتصريحات الوزارة التي تتبعناها عبر وسائل الإعلام، فانه قد تم التوقيع على أغلبية برامج الاستيراد، خاصة فيما يخص تلك المتعلقة بالأدوية الأساسية، وهنا نطرح جملة من الأسئلة: كيف يتم الحكم والتفريق بين الأدوية وتصنيفها من أساسية وغير أساسية؟ إذا اعتبرنا أنه لم يتم بعد الإفراج عن برامج الأدوية المعتبرة غير أساسية، فما الانعكاسات على المدى القصير والمتوسط على وفرتها في صيدليات الوطن؟ اعتبارا أن جميع الأدوية المتواجدة في المدونة الرسمية الوطنية المعتمدة من طرف السلطات الصحية، تعتبر ضرورية لصحة المواطنين. ونذكر على سبيل المثال الفيتامين “س”، ومستحضرات الزنك التي يعتمد عليها في البروتوكول الرسمي لمعالجة مرضى الكورونا.

ارتفاع تكاليف الشحن الدولي سيؤثر في برامج الاستيراد

وتوقعت النّقابة الاختفاء الحتمي لمزيد من الأدوية من الصيدليات، وارتفاع عدد الأدوية المفقودة، وحرمان المواطنين والمرضى من العديد من الأدوية البسيطة والمعروفة منذ عشرات السنين، والتي يستعملها المواطنون ويصفها الأطباء دون اللجوء إلى أدوية معقدة ومرتفعة الثمن.

وأثار رئيس النقابة إشكالا آخر يفرض نفسه، ويتخوف منه العديد من المحللين والمختصين، وهو وفرة وتكلفة النقل الدولي والشحن، حيث قلّ العرض وارتفعت الأسعار بشكل خيالي لوسائل النقل والشحن، متوقعا أن يؤثر هذا في احترام وانجاز وآجال برامج الاستيراد، وعلى أسعار الدواء وكذا على الصناعة المحلية لأن المواد الأولية مستوردة، خاصة وأنّ من بين القائمة الحالية للأدوية المفقودة في السوق عدد كبير من أدوية الصناعة المحلية، كما أنّ كل الإجراءات التي تم الإعلان عنها لإعادة الاستقرار لسوق الدواء، وضمان الوفرة تعتمد على إصلاحات قانونية وإدارية لن تتجسد نتائجها إلا على المدى البعيد، أي بعد سنوات، خاصة تلك المتعلقة بالإصلاحات التي ستمس الوكالة الوطنية للمواد الصيدلانية، وتجهيزها بالمواد البشرية والمادية التي تسمح لها بالعمل بكل إمكانياتها، حسب ما هو منتظر منها.

مقالات ذات صلة