جواهر

المرأة بين المجتمع الغربي والمجتمع العربي

نادية شريف
  • 2149
  • 13
ح/م

يؤرقني سؤال لم أجد له جوابا؟ هل يعيش مجتمعنا فصاما في الشخصية ؟

يجول برأسي هذا السؤال كلما شاهدت ذكرا يدندن طربا على وقع أغنية تتحدث عن العشق و الهروب مع المعشوق ويتكلم عن استعداده العيش مع حبيبته بعيدا عن كل صعوبة أو تحد يواجه حبهما، لكنه و في الوقت نفسه مستعد للقيام بذبح ابنته أو أخته لو أخرجت رأسها من نافذة المنزل.. يجول برأسي أيضا هذا السؤال عندما أرى فتوى أحد الشيوخ الذي حرم قول كلمة ” سيدة ” للمرأة لأنها حسب تفكيره الضيق عوان ( أسرى ) عند الرجال و الرجال هم السادة.. عندها أدرك أن المجتمع العربي الإسلامي الذي يضع كل قوانينه الذكور و الشيوخ لا بد و أنه مجتمع مريض نفسيا.. مجتمع غارق في العفن إلى حد كبير  .. لقد حرص المجتمع الغربي منذ بداية الثورة الصناعية على إشاعة مبدأ المساواة بين الجنسين.. ليس إنصافاً للمرأة فقط و لكن للاستثمار في قدراتها الهائلة.. حتى أصبحت عنصرا منتجا لا يمكن الاستغناء عنه فاستطاعت ان تبرز نفسها و نثبت ذاتها – نتيجة هذا الاستثمار – في السياسة والعلوم والصناعة والأدب.

لقد علم الغرب جيدا أن نهضته لن تكون بمنأى عن مشاركة المرأة، وعلم أيضا أن المرأة ليست مجرد ” رق ” يباع و يشترى، ليست مجرد ” عوان ” تخدم الرجل و تمكث في البيت دون مشاركة في العمل و الإنتاج.

لقد برهنت المرأة الغربية أنها على قدر عال من الكفاءة بعد أن نالت حريتها الحقيقية في الإبداع والإنتاج: لقد كانت تقوم بنفس العمل الذي يقوم به الذكر، وفي نفس المكان وفوق هذا تعود إلى البيت بعد انتهاء العمل لتمضي إلى واجباتها المنزلية من طبخ وغسل وتنظيف.. في الوقت الذي يعود شريكها ليجلس ويشاهد التلفاز وهو يحتسي البيرة ويدخن وجلّ مساعدته لها تكون إذا تكرّم ورفع الأطباق بعد الانتهاء من تناول الطعام وأحياناً المساعدة في غسلها، وفي الليل عليها أن تكون جاهزة في السرير لاحتمال مداعبة ما أو شيء من هذا القبيل.

السؤال الذي يطرق ذهني أيضا لماذا لم نستفيد نحن من هذه المرأة ” الطاقة الكامنة ” في الإنتاج والإبداع كما استفاد منها الغرب؟

الجواب يكمن في تفكيرنا الضيق الذي سقت لكم مثالين عنه أعلاه.. فمحاولة رجال الدين إضفاء طابع ديني قدسي على ممارساتهم الذكورية الدنيئة التي لا تمت للإنسانية والدين بصلة، الأمر مشابه تماما لما كانت تقوم به الكنيسة الأوربية في العصور الوسطى و ممارساتنا الاضطهادية التي تحاول تصوير المرأة على أنها كائن دون الرجل هي التي وقفت عائقا أمام استفادتنا واستثمارنا المرأة.. أحيانا تطلبني أمي فتقول: محمد أعني في أشغال المنزل.. لاحظوا كلمة “أعني” كيف هو اعتراف ضمني أن الأعمال المنزلية واجبة عليها وأنا بجلالة قدري أتفضل وأتنازل وأقوم بمد يد العون ليس إلا.. انظروا إلى خبث مجتمعنا كيف أنزل المرأة إلى مكان أصبحت فيه مقتنعة بلا وعيها أنها يجب أن تكون في هذا الموقع و من دون تفكير.. علينا حقا أن نعيد تقييم نظرتنا للمرأة و طريقة تعاملنا معها فالمجتمعات الحضارية المتقدمة لم تكن نتاج عمل الرجل فقط بل هو نتيجة لذلك التمازج و التكامل الجميل بين الرجل و المرأة.

مقالات ذات صلة