المرأة القيادية

هناك الكثير من العناصر التي إذا ما تحلت بها المرأة وجدت نفسها ناجحة كقيادية، منها ما هو مرتبط بشخصيتها وبقراراتها، ومنها ما هو خارج عن إرادتها.

أما بالنسبة لما هو مرتبط بشخصيتها، فيتمثل في أهمية توافر مجموعة من المهارات الأساسية، مثل القدرة على اتخاذ القرارات، والذكاء الاجتماعي، وفن الإصغاء، وإدارة الخلافات، والمهارات التفاوضية، وحل المشكلات، والقدرة على اتخاذ المبادرات، إضافة إلى الانفتاح والكفاءة والحزم والتصميم والمثابرة والصدق والإبداع والذكاء والمشاركة، كذلك الاهتمام بالوقت، وامتلاك النظرة المستقبلية، والوعي والثقافة العامة، والإلمام بكل جوانب التخصص أو المنصب الذي تديره.

كما نعلم جميعا في مجتمعاتنا الشرقية أن الكثير من النساء يتخلين عن قدرتهن على الاختيار، ليصبحن ضحايا للمجتمع وظروفه، وهذا ما نسميه الخارج عن إرادتها، فالكثيرات في مجتمعاتنا اخترن لعب هذا الدور، ليصبحن ضحايا للمجتمع والظروف وللأزواج والآباء، واضعات كل اللوم على الواقع، ومتناسيات أن المرأة القيادية تتحمل مسؤولية ذاتها، وأنها جزء من المجتمع تستطيع حل مشكلاته بدلا من أن تكون ضحية له، لكن ما يميز المرأة القيادية هو أنها محمية من الوقوع في الظروف التي تحول بينها وبين نجاحاتها وقدراتها وإمكاناتها في الابتكار والإبداع في عالم أعمالها.

من المهم جدا أن نعلم أن المرأة القيادية واضحة في إنجازاتها، وتكون إنجازاتها ضخمة وعميقة، لأنها تمتلك عدسة التركيز على رسالتها وأهدافها في الوقت الذي بعثرت فيه الكثيرات أوقاتهن على أمور شتى، ولم يحققن شيئا على أرض الواقع، فالمرأة القيادية تستخدم القلم كأداة أساسية في التخطيط، كاتبة أهدافها، وراسمة خطتها بوضوح، ومحددة أولوياتها، مستفيدة من التقنيات العصرية في تخطيطها من خلال حضور دورات تدريبية، وقراءة الكتب، والاستماع إلى المحاضرات عن الموضوعات التي تنمي ثقافتها وعملها وتخدم رسالتها، ومن ثم تتمثل في حياتها اليومية حكمة تقول: “الناس عادة لا يخططون للفشل، ولكنهم يفشلون في التخطيط”. 

أهم التحديات التي تواجه المرأة القيادية اتخاذ القرار في المواقف الصعبة والحرجة، خصوصا التي تتطلب شجاعة كبيرة أحيانا، فمثلا، حينما استضفنا في مستشفى السعودي الألماني حالة امرأة حامل بخمسة أجنة، فكرنا بشكل سريع وعميق عن أهم الآليات التي يجب توفيرها، ومن نستدعي ومن يجب أن يكون في هده اللحظة الحاسمة من الكوادر الطبية وبفضل تشجيع الطاقم الطبي الذي نمتلكه في مستشفانا، تم بعون الله إجراء العملية الجراحية لها بنجاح، مثل هذا القرار لا بد أنه يحتاج إلى الكثير من الشجاعة وسرعة التصرف والإنجاز، وذلك ليلقى مريضنا كل سبل الراحة والعناية في الوقت المناسب.

خلاصة القول: إن السمات الخاصة بالمرأة القيادية لا تكفي وحدها في تفعيل أدوارها بقدر ما يجب أن يساعد السياق الاجتماعي المحيط بها في تدعيم شروط تمكين المرأة، وإتاحة الفرصة لإبداعاتها سواء من خلال أدوارها القيادية أو أدوارها العادية.

*  نقلا عن مجلة هي