رياضة

المحاربون ولعنة قمع الذات

بديع بغدادي
  • 2053
  • 3

حدّثني “عباس الترّاس إبن فرناس” عن مغامراته قبل عقدين ونيف مع المدافع الإيطالي “كلاوديو جنتيلي” حينما كان الأخير يصول ويجول في معارك الكالتشيو زمن بلاتيني ومارادونا وبريغل والراحل شيريا وو.

في أشد عطاءات بطل العالم لسنة 1982، طُلب من جنتيلي أن يلعب في الدوري الأمريكي، فكان رد المحارب الايطالي بين 1971 و1988:”بعدما نجحت في إثبات ذاتي، علي البرهنة على طول نفسي وقدرتي على تقديم المزيد مع جوفنتوس والسكودرا آزوري”.  

أوردت ما رواه عباس الترّاس عن جنتيلي لإبراز تشبث لاعبي الكرة  عبر العالم بتعميق العطاء والتألق، عكس ما يحدث للأسف الشديد لدى الغالبية من بني جلدتنا، فالحارس الجزائري رايس وهاب مبولحي انضمّ رسميا إلى فيلادلفيا الأمريكي، في وقت اختار مواطنه سفير تايدر “التبخّر” في مستنقع الإنتر بأمريكا بدلا عن بعث مشواره مع ناد آخر، فهل باتت أضواء هولييوود تستهوي المحاربين؟

ما الذي سيجنيه مبولحي من اللعب في الدوري الأمريكي أو ما يُعرف بـ”بطولة الكهول”، وما هي القيمة المضافة التي سيقتنصها رفيق حليش من وراء ارتمائه في صحاري قطر؟ بعدما أهدر حليش ذاته موسمان كاملان من مسيرته الكروية مع فولهام في تأمل الضباب اللندني بدل التحرر من أول ميركاتو مثلما يفعله أي لاعب في المستوى العالي.

بدوره، يتجه تايدر لاجترار أخطاء سابقة لمواطنيه، وإلاّ فكيف يمكن تفسير قبول خريج مدرسة غرونوبل بوضعه المبهم في الإنتر، بدل استغلال 34 يوما المتبقية عن انتهاء الميركاتو في إيجاد فريق يمنحه فرصة اللعب وهو ما بات حلما لتايدر في النيراتزوري، أم أنّ المقابل المادي هو الذي يهمّ سفير؟.                          

 حالتا مبولحي وتايدر لا تختلفان عن حالات أخرى للاعبين ارتضوا الهجرة العكسية بدل التحدي، على منوال يوسف بلايلي الذي تدحرج من الترجي التونسي إلى اتحاد الجزائر، في وقت كان يجدر به انتزاع مكانة أوروبية، وهي حالة تذكرنا بوضعية مبكية – مضحكة للمدافع الدولي الجزائري السابق “أحمد رضا مادوني” الذي لعب للناديين الألمانيين بوروسيا دورتموند وبارين ليفركوزن، قبل أن يرحل إلى الغرافة القطري، وحينما سُئل في حوار صحفي عن دواعي ذلك، ردّ دون تحرج: “المنافسة على المناصب في ليفركوزن كانت قوية، فقررت المغادرة” !!!!      

يعني ببساطة كثير من دوليينا يفضلون السهولة وعدم وجع الرأس، بدل إثبات الذات والبرهنة على طول النفس بعقلية جنتيلي!

مقالات ذات صلة