المتنبّي في الأرندي!
![المتنبّي في الأرندي! ](https://i.dzs.cloud/echoroukonline.com/placeholder.png?resize=790,444.375)
من يقرأ رسالة التقويميين في الأفلان لأمينهم العام عبد العزيز بلخادم، سيفهم سر استقالة أحمد أويحيى، المفاجئة من رئاسة الأرندي.. المعادلة ليست غريبة تماما عمن يدركون أن الأفلان والأرندي وجهان لعملة واحدة في جيب السلطة!
أكثر شيء يستحق التنويه في رسالة استقالة أويحيى، لغتها العربية البديعة، من رجل اعتقدناه من الأميّين الجاهلين بمحاسن لغة الضاد، أما عدا ذلك فلا شيء جديد، ودعكم من عبارات “تفادي الفتنة” و”المواجهات بين المناضلين”، وكذا “الحرص على وحدة الحزب”، فلا يمكن تصديق تلك العبارات من رجلٍ ساهم وجوده على رأس أكثر من حكومة في غليان الشارع برمّته آلاف المرات، وفي اندلاع مئات الاحتجاجات والاعتصامات!
وزراء الأفلان السائرون على طريق رفاقهم في الأرندي بالأمس القريب، والذين ناموا في الليل مساندين، ثم استيقظوا في الصباح الباكر معارضين، قاموا بتحية الموقف الرجولي لأحمد أويحيى، وكأنهم يستفزون من وراء ذلك رجولة بلخادم، رغم علمهم جميعا أن آخر شيء بات يهم أصحاب السلطة في بلادنا هو مسألة الرجولة هذه!!
لا نفهم أيضا السرّ وراء الاندفاع الساذج في التعامل مع استقالة أويحيى وتنحّيه عن كل وظيفة سياسية في البلاد، على أنه زهد من طرفه في السلطة والمناصب، أليس هذا ضحكا على الذقون؟ فلا يوجد شخص تولّى مسؤولية منذ أزيد من عشرين عاما أكثر من أويحيى، حيث لم يترك منصبا ولا كرسيا إلا وفكر فيه أو شغله، ومما لا شك فيه أنه بات يفكّر حاليا في دخول قصر المرادية، وقد يكون رحيله المفاجئ تكتيكا للرجوع بأفضل حال وبأكثر تنقيط في المعركة المقبلة؟!
إذا كان أحمد أويحيى زاهدا في السلطة، وبوتفليقة لا يفكر في عهدة رابعة، وبلخادم لا تهمه المناصب، وأبو جرة سلطاني منفتح على التغيير، ولويزة حنون تشتاق للراحة في بيتها، وعمار غول، لا يخطط للرئاسة، فمن إذن هذا الذي يتمسّك بالمناصب ويعشق الكراسي في البلاد؟ هل هو المواطن المغلوب على أمره مثلا؟!
أويحيى رمى استقالته ثم صمت على طريقة الشاعر أبو الطيب المتنبّي، حين كان يكتب شعره ويخلّف الجدل وراءه فيقول: أنام ملء جفوني عن شواردها، ويسهر القوم جرّاها ويختصم؟ ثم أليس الأرندي قريبا من المتنبّي ولو لفظا؟!
الاستقالة جعلت سلطاني يتحدث لقناة المغاربية وكأنه تناول حبوب الهلوسة التي كان يحذّر منها القذافي، حين قال بأن جرّته لن تُكسر، وإذا شمّ رائحة الانقلاب عليه سيخرج بكرامته ولن ينتظر التمرد عليه!
يا للغرابة، كيف لم يشم أبو جرة سلطاني، أي رائحة تمرد عليه، وقد ساهم المنشقون عنه في تأسيس حزبين حتى الآن، هما جبهة التغيير وحركة تاج؟
والسؤال الأهم: هل حاسة الشم السياسي أقوى عند أويحيى من سلطاني؟ أم أن جميع روائح الحركات التقويمية مهما كان اسمها أو لونها أو حزبها، تنبعث من مطبخ واحد، بات معروفا لكل الناس!