-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
سرقات تبدأ بثقة وتنتهي بخيانة صلة الرحم

اللّصوصية بين الأقارب تهدّد أمن العائلات الجزائرية

وهيبة سليماني
  • 16087
  • 4
اللّصوصية بين الأقارب تهدّد أمن العائلات الجزائرية
أرشيف

تحت وطأة البكاء الحار وأمام القاضي وحضور جلسة المحاكمة، تنازلت الضحية وهي امرأة شابة عن مقاضاة شقيقتها التي سرقت مهرها من الذهب والمال بـ100مليون سنتيم.. هي قضية لسرقة بين الأقارب دخلت أروقة المحاكم، وانتهت في الأخير بالصلح وتسوية الخلاف، بعد أن تبين أن طرفا آخر شارك المتهمة في جريمتها، وهو ابن الأخت الثالثة!

وبرزت، مؤخّرا، عشرات القضايا المتعلقة بالسرقة والسطو على المنازل في المجتمع الجزائري، يكون فيها الجاني والضّحية من أسرة واحدة أو من الأقارب أو تربطهما علاقة زواج، في ظل التحوّلات الاقتصادية والاجتماعية وظهور آفات مثل تعاطي المخدرات و”الحرقة” وسيطرة الجشع والطمع على الأفراد.

وفي شهر نوفمبر، ألقت مصالح أمن دائرة سيدي عقبة ببسكرة، القبض على مراهقة اشتبه في سرقتها لمجوهرات من مسكن خالتها، التي رفعت شكوى مفادها أن سرقة استهدفت مصوغاتها التي تمثلت في 34 قطعة ذهبية وأن شكوكها تحوم حول ابنة أختها.

سرقات وصلت المحاكم وأخرى سترتها الحصانة العائلية
وطالت السرقات داخل العائلة الأجداد والآباء، والأمهات، وبعضها ارتكبها الآباء في حق أبنائهم، حيث كشفت المحاكم عن قضايا يندى لها الجبين، ومن بينها قضية استغلت فيها فتاة مراهقة، غياب جدّتها عن البيت، لتنفيذ عملية سرقة رفقة اثنين من رفاقها، حيث أخذت صندوق مجوهرات ومبلغا ماليا معتبرا من خزانة الجدة، وفرّت رفقة شريكيها، ولدى عودة الجدة تفاجأت باختفاء المجوهرات والمال.

وأودعت والدة المتهمة شكوى تقدّمت بها إلى فرقة حماية الطفولة وجنوح الأحداث، أفادت فيها بأن ابنتها هربت من البيت وأنّها تشك في سرقتها صندوق مجوهرات جدتها وهذا بعد تحريضها من قبل امرأة تقطن بحي القصبة اسمها “شيطانة”، وبعد التحريات تبين أنها فعلا موجودة عندها.
قضية أخرى، عالجتها محكمة الحراش، مؤخرا تتعلق بفتاة قاصر ساعدت صديقها وهو شاب عشريني، في سرقة مليار سنتيم من منزل جدها، حيث قامت في غفلة منه، بأخذ مفتاح الخزانة الحديدية التي يودع فيها أمواله، وأعطته لشريكها الذي قام بنسخ المفتاح، وإرجاعه، وإتمام عملية السرقة، لتنتهي القضية بإعفاء الفتاة من العقاب وإدانة الشريك.

ولا تقتصر قضايا سرقة الأصول على المراهقين والقصر، بل تتعداهم إلى الكهول، حيث نظرت محكمة حسين داي، في السنوات الأخيرة، في قضية خمسينية قامت بسرقة مبلغ مالي من والدتها بباش جراح، وهذا بعد خلاف معها.

وجاء في تصريح الضّحية، أنّ ابنتها سرقت منها مبلغا ماليا، وأثناء المناوشة معها قامت بدفعها وضربها، قبل أن تخرج من البيت.

وهناك الكثير من السرقات التي تمت في حق الأصول يكون غالبا مرتكبوها الأبناء أو الأحفاد، حيث كان أحد الشباب في ولاية المدية يقوم بسرقة الأثاث من منزل جدته ويبيعه، ولكنها تتفادى في كل مرة أن تذهب إلى مركز الشرطة للتبليغ عنه.

وأكد بعض المحامين، أن السرقات بين الأقارب لا تصل في الكثير من الأحيان أروقة المحاكم، وهي غالبا تتعلق بسرقة الأصول.

سرقات بين الأقارب تحت مظلة الثقة!

وتمتد السرقات إلى الخالات والعمات وأبناء العموم والأخوال، حيث تكون الثقة أهم مفتاح لدخول البيوت وأخذ ما يمكن أخذه دون كسر باب أو نافذة!.. بكل أريحية وفي هدوء تام وبعد معرفة أهم الأسرار تفتح شهية السرقة بـ”ملح” العشرة.
ففي سبتمبر 2017، نظرت محكمة الشراقة بالعاصمة، في قضية شابة متهمة بسرقة مجوهرات ابنة عمها تقدر بـ100 مليون سنتيم، ومبلغ مالي بالعملة الصعبة، حيث لم تكتشف الضحية أمر السرقة إلا بعد مرور عدة أشهر.
وكانت قبلها قد منحت للمتهمة مفاتيح منزلها لتضع فيه بعض الحاجيات، خاصة أنها انشغلت ببعض الأمور.
التحريات في القضية، بينت أن السرقة لم تتم بكسر قفل الباب أو فتح النافذة وأن شخصا استعمل المفتاح ودخل وهو من قام بالسرقة، حيث انتهى التحقيق إلى الوصول لمرتكبة السرقة.

.. وأزواج يخونون الأمانة بالسرقة

ولم تستثن قضايا السرقة، الأزواج الذين يكون أحدهم ضحية والآخر متهما، وقد لا تصل بعض قضايا السرقة بين الأزواج إلى المحاكم، إذ يتم كتمانها وطيها تجنبا للفضائح.
ومن ذلك، قضية وقعت في منطقة خميس خشنة ببومرداس، أين سرقت زوجة مبلغ ماليا من زوجها، وذلك بعد أن باع المحصول السنوي الفلاحي، وبعد أن أثيرت ضجة في البيت الكبير الذي تديره حماتها، اعترفت إحدى كنّاتها بمساعدة المتهمة في سرقة المال.
وفي سنوات مضت، قامت سيدة متزوجة بالفاتحة من رجل ثري ينحدر من ولاية بومرداس، بسرقة كل أثاث المنزل الذي استأجره لها بمساعدة شقيقها، وقد رفع الزوج شكوى ضد مجهول بعد أن تبين وجود تحطيم لباب الشقة، وتظاهرت هي بأنها متأثرة من سرقة كل ما في منزلها، ولم يتم التوصل إلى السارق الوهمي، واتضح فيما بعد أن القضية مدبرة، لكن الزوجة لم تتابع قضائيا.
وقبل 2015، كانت المحاكم تستقبل العديد من قضايا السرقة بين الأزواج، ولكنها تنتهي في الأخير بلا وجه للمتابعة، حيث بعد تعديل قانون العقوبات، تم تقييد الجريمة ضد الأزواج الذين يسرقون بعضهم البعض، وأصبح من حق الزوجة أو الزوج متابعة الطرف الآخر في حالة وقوع جريمة السرقة.
وقد أصدرت الغرفة الجزائية لدى مجلس قضاء وهران، منتصف أكتوبر الماضي، قرارا بتأييد الحكم الابتدائي القاضي بعقوبة عام حبسا نافذا ضد شابة سرقت مبلغا ماليا ومجوهرات من زوجها ووالدته، مستغلة غيابهما عن المنزل، حيث لم تظهر إلا بعد أيام، ولدى القبض عليها اعترفت بأنها كانت تنوي خوض هجرة غير شرعية عبر قوارب”الحرقة”.

خصوصية قانونية في متابعة جريمة السرقة بين الأقارب

وفي سياق الموضوع، أوضح حسان براهمي، محام لدى مجلس قضاء الجزائر، أن قانون العقوبات الجزائية لسنة 2015، جاء بتعديلات في المتابعة القضائية لجرائم السرقة بين الأقارب، حيث لا توجد متابعة قضائية في سرقات تقع بين الأزواج والأقارب والحواشي والأصهار لغاية الدرجة الرابعة أي” أبناء الأعمام والخالات” إلا بناء على شكوى الشخص المتضرر وبمجرد التنازل يوضع حد للمتابعة القضائية وهو عكس باقي قضايا السرقة التي تكون في حق الغرباء التي تحركها النيابة وتكون طرفا فيها.
أمّا فيما يخص سرقة الأصول للفروع أو العكس أي عندما يسرق الأبناء أو الأحفاد آباءهم وأجدادهم فإنه لا توجد متابعة ولا عقوبة بالحبس ولا بالغرامة، ولكن يكون هناك تعويض مدني فقط باسترجاع المسروقات.
ولكن تطبق العقوبة ضد مرتكبي جريمة الإخفاء وهم الأشخاص الذين ساعدوا الأصول أو الفروع في التستر على المسروقات وإخفائها لمصالحهم الخاصة.

أمراض نفسية ومشاكل أخلاقية وراء سرقة الأقارب

ومن جهته، قال البروفسور أحمد قوراية، المختص في علم النفس العيادي، إن فعل السرقة له أسباب عديدة، يكون في مقدمتها أمراض الغيرة والحسد، فعندما يرى هذا المريض شيئا لديه قيمة عند الآخر يشعر بأنه من حقه امتلاكه عن طريق ارتكاب السرقة.
وأكّد قوراية وجود أبناء تتولد لديهم حالة نفسية مرضية تشعرهم بأن ما لدى أشقائه أو أبناء أعمامه، من حقه هو فقط، وأنّ حرمانهم مما يملكون، يزيل لديه حالة القلق الداخلي والتوتر المرضي، حيث يبحث دائما كيف يرتكب سلوكا معاديا أو عدوانية صامتة تنتهي بالسرقة.
وأوضح أحمد قوراية، أنّ سرقة الأقارب في نظر السارق خسارة للطرف الآخر تترك له حالة تلذذ نفسي أو إشباعا بغريزة مرضية سلبية.
ويرى ذات المتحدث، أنّ السارق يعمل على إشباع غريزته بهذا الفعل، وأنه يثبت بينه وبين نفسه أنه يملك هذه الأشياء التي سرقها، حيث تعطيه توازنا نفسيا عقليا، ولذة التمتع إلى درجة عالية تنقص في داخله اضطرابات نفسية، وحين يكتشف أنه هو السارق يحاول بكل جهده إقناع الآخرين بأنه الضحية.
وقال المختص في علم النفس، البروفسور أحمد قوراية، إن هنالك سببا آخر للسرقة بين الأقارب، حيث يعتقد مرتكبو السّرقة داخل البيت العائلي، أنهم ضمن حق من حقوقهم، وأنهم أزالوا تهديدا كانوا يشعرون به، حيث تتولد لديهم قناعة بأن ما يقومون به ليس سرقة، بل حفاظ على الحقوق التي يمتلكونها.
وأفاد البروفسور قوراية، أن الميراث وخاصة في ظل التحولات الاقتصادية، أفرز الكثير من الحالات المرضية جراء الحقد والغيرة بين الأقارب، وأدى إلى ارتكاب الأجيال جرائم السرقة في حق الأصول والأقارب.
وأشار المختص في الأخير، إلى أن ثمّ آفات اجتماعية دفعت الشباب، خاصة إلى سرقة ذويهم، كالمخدرات وتعاطي الخمور، و”الحرقة” إلى دول أوروبية، وغيرها من الظواهر التي تفاقمت في ظل تدني الأخلاق ومستوى المعيشة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • حسناوي آدم

    الله المستعان لحقنا لوقت لا إله إلا الله محمد رسول الله. ما يديلك غير لي ليك . رانا نخافو من الفاميلية و الجواريين أما البراني راه خاطينا

  • amremmu

    يوم اعتبرت مثل هذه السلوكات : الخيانة والسرقة ........... فضائح من العيار الثقيل ليس لمرتكبها فحسب بل لأسرته وعائلته وأقاربه .... لم تكن تحدث بل كان الجميع يحذر منها وان حدثت ورغم أنها حالات جد معزولة تعالج داخل الغرف المظلمة أما اليوم وبعد أن انقلبت القيم وهاجرت المبادئ وأصبحت السرقة والخيانة .... شطارة ورجلة .. فلم يبقى للمدبر تدبير ولا للعقل تفكير ولا للقلم تعبير .

  • جزايرية

    معناها نستاهلوا كي الحكام يسرقونا ....كما تكونون يولى عليكم

  • قل الحق

    بصح يا جدك اغلب السرقات قامت بها نساء، ما تزيدوش تهفونا بالجنس اللطيف و المراة المظلومة المسكينة يرحم والديكم....