الرأي

الله يخلف!

قادة بن عمار
  • 2999
  • 4

النفي الذي ساقه السيد النائب العام بمجلس قضاء العاصمة في ندوته الصحفية مؤخرا حول تراخي القضاء الجزائري في البحث عن المتورطين في فضيحة سوناطراك 2، على عيني وراسي، خصوصا أن الرجل يبرر ذلك بإجراءات قانونية كان من الواجب اتباعها وأيضا التقيّد بها، ثم إن إصدار مذكرات البحث والتوقيف الدولية ضد آل شكيب خليل وأيضا فريد بجاوي بوسعها أن تطمئن المواطنين قليلا على تمسك العدالة بلعب دورها كاملا دون نقصان…”وخلّي الأنتربول يخدم على روحو” فقد أعطيناه حتى الآن أكثر من اسم للبحث عنه، منذ فضيحة الخليفة ووصولا لسوناطراك؟!

لكن الشيء الذي قد لا يصدقه المواطن العادي، في كلام السيد النائب العام، هو حديثه عن وجود إجراءات لاسترجاع الأموال المنهوبة من الدول التي لجأ إليها الفاسدون.. وهنا يعلم الجميع أنه من سابع المستحيلات تحقيق ذلك، فشكيب خليل وجماعته ليسوا “أغبياء” ولا   “طيبين جدا” حتى يودعوا أموالا في بنوك تحترم سيادة الدول، أو تلتزم بمذكرات أجهزة القضاء فيها ولا حتى بحقوق المواطنين فيها، بل إن هنالك شعوبا ثارت ولم تترك وقتا طويلا لحكامها من أجل تهريب كل أموالهم ومع ذلك، فشل الجميع حتى الآن في استرجاع الربع منها فقط!

الجزائريون تعوّدوا على سياسة “الله يخلف” مع كل القضايا والفضائح التي هزت البلاد والعباد على امتداد السنوات الماضية، حتى أن ضحايا الخليفة المباشرين لم يحصلوا على حقوقهم كاملة بعد التصفية والمحاكمات المتكررة، فما بالك بالضحايا المعنويين المتمثلين في الشعب برمته والدولة التي اشتراها الخليفة ومن معه، ثم إن فريد بجاوي الذي استثمر وأودع أمواله في الإمارات، كان مطمئنا جدا لأن سلطات هذه الأخيرة والبنوك فيها لن تتعاون مع الإنابة القضائية للجزائر، فإذا كانت الإمارات قد فعلت هذا وعاكست جميع التوقعات، فهل ننتظر من سويسرا أن تستجيب لمطلبنا؟

ثم حتى لا نظلم كثيرا هذه الدول ولا البنوك فيها أو الجهات المالية النافذة، فإننا نشكك أصلا في وجود نية لدى بعض الأطراف الفاعلة بالسلطة في استرجاع تلك الأموال، حتى إن العديد من الخبراء الماليين والاقتصاديين الكبار عرضوا على هذه السلطة في سنوات سابقة كل الطرق والإجراءات الممكنة في سبيل استرجاع بعض الأموال المنهوبة منذ الاستقلال وحتى اليوم، لكن تلك الجهات تراخت وتواطأت و”ضربت النح” رافعة شعار”الله يخلف”!

ثم أليس هنالك شيء اسمه “المسؤولية السياسية” في الموضوع برمته؟ أم إن تخصيصه في عمل القضاء وحده بحجة عدم تداخل السلطات سيكون مبررا إضافيا من أجل شغل الرأي العام عن القضية؟ لماذا تم رفض مناقشة هذا الملف وغيره من فضائح الفساد وكشف جميع الأطراف السياسية التي تورطت فيه تحت قبة البرلمان؟ من يرفض لهذه الهيئة التشريعية أن تكون نظيفة وفعالة ومحترمة ولو ليوم واحد في عهدتها المشكوك في نزاهتها أصلا؟

جميع من يعرف شكيب خليل سيدرك أن الرجل حصل على منصبه بحكم الثقة والصداقة مع الرئيس، لا بحكم الكفاءة، أفلا يستحق ذلك توجيه تهمة “خيانة الثقة” واستغلالها بشكل شخصي، كما يضفي على الفترة بمجملها تهمة المسؤولية السياسية في التعيين وتداعياته؟

 

شكيب خليل راسل قاضي التحقيق ليعتذر عن الامتثال أمامه بحجة المرض، والواقع أنه ترك بلدا مريضا لا ينفع معه سوى الكيّ، بعدما جربنا كل الأدوية الممكنة، ولا زلنا حتى الآن وبعد كل فضيحة جديدة تهز الاقتصاد والبلد نردد بلا حياء ولا جهد..الله يخلف؟!

مقالات ذات صلة