الرأي

الكاثوليكي “المسلم”

أرشيف
لويس ماسينيون

كتب الإمام محمد البشير الإبراهيمي مُخاطبا قومَه العرب الذين عمِيت أبصارُهم وبصائرُهم عن أن يتبيّنوا الهادي من الهاذي فقال: “أيها العرب بعضُكم أبرار، وجلُّكم أشرار، وكلّكم أغرار”.

إنّ الإمام الإبراهيمي مصيبٌ في حكمه على العرب بوصفه لهم في المقطعين الأولين بأنّ بعضهم أبرار، وجلّهم أشرار، ولكني أخالف إمامي في المقطع الثالث الذي يقول إن كلّ العرب أغرار، ولو كانوا كذلك لشمله هو وأخاه ابن باديس هذا الحكمُ، وحاشاهما أن يكونا من الأغرار، وكيف يكون غِرًّا من دعا إلى ما سمّاه “فقه الاستعمار” ومن قضى حياتَه من “عهد التمائم إلى عهد العمائم” منبّها قومه من هذا الاستعمار، محارِبا له حتى جاءه اليقين.

ومن هذا الاستعمار هذا المستشرقُ اللعين المسمى ماسينيون، الذي تدثّر بدثار أبي منصور الحلاج، وأضاف إليه “تايهوديت” شارل دوفوكو، ولكن الإمامين ابن باديس والإبراهيمي لم ينخدعا لهذا الجاسوس الذي انخدع له بعضُ المصريين في الأزهر الشريف، وانخدع له بعضُ العراقيين عندما قُبض عليه متستِّرا بلباس الجنود الأتراك وكادوا يقتلونه لولا أن أنجاه أحدُ الألوسيين.

لا أستغرب أن يصف الفرنسي مانويل بنيكود هذا الفرنسيَّ الجاسوس بـ”الكاثوليكي- المسلم”؛ ولكنني أكاد أتميّزُ من الغيظ وأنفجرُ في وجه “الدكتور” إبراهيم مدكور الذي قال عن هذا اللئيم ماسينيون: “يعدّ أكبر “مسلم” بين المسيحيين، وأكبر مسيحيٍّ بين “المسلمين” (جريدة الخبر في 30. 10. 2022 ص 19). كما أكاد أجنّ وأنا أقرأ ما كتبه “الدكتور” صابر عبده أبازيد في كتابه “لويس ماسينيون وجهوده في الفكر الإسلامي”؛ إذ قال في آخر كتابه الذي كتبه في باريس: “وأخيرا، يعترف له “المسلمون” بالجميل والامتنان والحبّ والودّ كمستشرقٍ معتدل، مثقف، ملتزم.. ولاسيَّما في السنوات الأخيرة من حياته، إذ كان يدافع عن قضاياهم في فلسطين والمغرب والجزائر” (ص103).

إذا كان “الدكتور” وأمثالُه قد انخدعوا لهذا الجاسوس، الخادم للاستعمار، الحاقد على المسلمين الكائد للإسلام، فإن صادِقي المسلمين، صالِحي المؤمنين، لم تنطلِ عليهم دسائسُ هذا الجاسوس التي كشفها الإمامُ ابن باديس وأخوه الإمام الإبراهيمي، ولم ينخدع لها المجاهد محمد بن صدوق الذي قتل الخائن علي شكّال في باريس وهو إلى جانب رئيس الجمهورية الفرنسية روني كوتي، فقد أخبرني هذا المجاهد في جلسةٍ جمعتني معه في مكتبه يوم 26 ماي من عام 2006 أنه عندما كان في السجن زاره هذا الشيطانُ الذي تمثّل بشرا ليَفتِنه بالتحدّث إليه باللسان العربي ليستخرج منه “اعترافا” بالذنب، واستغفارا له، واعتذارا عن قتله ذلك الخائن، ثم يستغلّ ذلك في الحرب القذرة ضدّ جهاد المجاهدين، وجهِل هذا الشيطانُ أنّ “الاعتراف” ليس من طقوسنا؛ إذ لا نعترف لبشر مثلنا، ولا نستغفر إلا التوّاب الرحيم لذنوبنا.

لا رحم اللهُ الجاسوسين لويس ماسينيون ودوفوكو الذي ذهب “أحدُنا” إلى الفاتيكان لحضور تقديسه ومباركته، وما هو إلا “قدّيسُ الاستعمار” كما سمّاه صادِقا الدكتور المغربيّ سالم حمّيش في كتابه “الاستشراق في أفُق انسداده” (ص 30)، فمتى يفيق بعضُ المسلمين ويستيقنون أنّ الشياطين لن يصيروا ملائكة مقرَّبين؟

مقالات ذات صلة