الرأي

القذافي مازال حيّا!

قادة بن عمار
  • 7990
  • 37

أسقطت ثورات الربيع العربي أشخاصا منبوذين لكنها لم تُسقط ممارسات دنيئة..، فـ”معمّر القذافي” مثلا لم يمت كما اعتقدنا، طالما وُجد من بعده رجل مخبول آخر، اسمه خليفة حفتر.. وفرعون مصر حسني مبارك لم يسقط أبدا مادام البعض يخطط لبعثه مجددا من خلال عبد الفتاح السيسي، وهكذا.. فإن بشار الأسد قد ينهار غدا، لكنه سيأتي ببشار جديد، على غرار ما يعانيه العراقيون حاليا من خوف وتشريد وتقتيل في ظلّ ديمقراطية المالكي التي لا تختلف كثيرا عن دكتاتورية صدام حسين!!

لست ممّن يخجلون من الربيع العربي أو يغسلون أيديهم منه بمجرد وقوع عثرة هنا أو انحرافٍ هناك، لكنني أعتقد جازما أن هذا الربيع يعدّ أهم حدث عاشته المنطقة ككل خلال العقدين الماضيين، إلى جانب الانتفاضات الفلسطينية الشريفة ورياح المقاومة التي هبّت من جنوب لبنان، وكلها تعدّ ربيعا عربيا دفع العالم لمراجعة حساباته مجددا بعد ما اعتقد لوهلة أن هذه الأمة ماتت وشبعت موتا !

الربيع العربي وزيادة على أنه أسقط عُتاة الاستبداد الذين حصّنوا قصورهم لعقود بالباطل والفساد والاغتيالات، فهو قد دفع بهذا الحاكم العربي لمراجعة خطواته ألف مرة قبل التفكير في تمديد عهده أو بيع سيادة وطنه، أو توريث حكمه وشعبه وكأنه يُورِّث جزءا من أثاث قصره أو قطيعا من الغنم تسلمه عن أبيه!

وقعت أخطاء..لا شك في ذلك، بل هي أكبر من أخطاء.. ما وقع يعدّ جرائم باسم الربيع، وانحرافات خطيرة باسم الربيع، وانتهاك سيادة دولٍ باسم الربيع، وضياع أرزاقٍ وأرواحٍ باسم الربيع، لكن المسؤول عنها هو.. من أراد اغتيال الربيع باسم الربيع!!.. فالثابت أنّ لكل مرحلة تحمل في بطنها آمالا حقيقية بالتغيير الجذري لا بد لها من ضحايا وفواتير ثقيلة، يصعب تبريرها، بل من غير الأخلاقي ولا المنطقي تبريرها، إنما يجب القول أيضا أن الربيع لم يخترع جريمة التفريط في سيادة الأوطان ولا التضحية بكرامة الشعوب.. من فعل ذلك هم الحكام المنبوذون شرعا وقانونا وأخلاقا وتاريخا!!

لم يُخفق الربيع في منح الشعوب مزيدا من الحرية والكرامة، حتى وإن حكم السيسي مصر غدا.. وحتى إن لم يسقط بشار الأسد سريعا أو لم تستقم الأوضاع نهائيا في اليمن وتونس.. وحتى إن استمر الهذيان الأمني في ليبيا واستوطن الخوف قلوب الناس هناك،.. لكن الربيع أسّس للتغيير.. أسقط الأحزاب الحاكمة، أهان رموزها.. خلع عنها ثوب الحكم الأبدي.. ولايزال حتى كتابة هذه الأسطر، يصارع على أكثر من جبهة.. ضد الدولة العميقة.. حيث لن يكتمل الربيع إلا بتحرير فلسطين شاء من شاء وأبى من أبى!!

مقالات ذات صلة