الفلسطينيون: إما الدولة وإما العودة
لقد أصيب الفكر السياسي لدى القيادة الفلسطينية بضربة نجلاء في الصميم منه عندما وافق المجلس الوطني الفلسطيني على البرنامج المرحلي ذي النقاط العشر في منتصف السبعينات والذي التقطه دهاقنة السياسة الغربية فألقوا بشباكهم وفي طعمها فكرة الدولتين واحدة للفلسطينيين واخرى إسرائيل، مساحة الأولى تبلغ 20٪ من ارض فلسطين التاريخية..
-
منذ تلك المرحلة والساسة الفلسطينيون يروجون لفكرة الدولة المستقلة.. واصبح الهم الأساسي لأصحاب هذه الفكرة او المقتنعين بها ان لا تخرج في الساحة اية قوة فلسطينية تعيد الصياغة السياسية الأولى، فلسطين لأهلها العرب من بحرها الى نهرها.. ولهذا انصبت الجهود على ادخال حماس في لعبة الانتخابات والسلطة لتوريطها وجعلها غير قادرة على الفكاك من قيود محكمة الا بأن تصبح قوة هامشية مهشمة.. وكل ما تلى الانتخابات من تضييق وحصار انما يسير في حالة تطويع للشعب الفلسطيني للإقلاع عن المقاومة المسلحة وهذا ما اعلن عنه رسميا الآن من قبل كل القوى الفلسطينية.
-
فكرة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 تعني مباشرة الاعتراف بإسرائيل دولة شرعية على 80٪ من ارض فلسطين.. وتعني كذلك ان لا حق للعودة! هذا ما فهمه الاسرائيليون والغربيون الذين تطور موقفهم لصالح فكرة الدولة والغاء فكرة العودة الى ان اصبحنا الآن امام خطاب سياسي فلسطيني رسمي يعتبر ان العودة غير ممكنة وغير عملية، بل انها تعطل امكانية حصول سلام في المنطقة.. وها هي الأخبار تتسرب حول قبول قيادة السلطة بفكرة شطب موضوع اللاجئين والعودة والتفاهم مع اسرائيل بإعادة عدة عشرات الآلاف من كبار السن من اللاجئين الذين يريدون الموت في بلداتهم.
-
لانريد ان نتحدث عن خازوق الدولة الفلسطينية المقترحة وكم ستكون جلابة للتوترات والفوضى في المنطقة، بل نرى من الأهمية ان نلتفت الى شكل الدولة والجدار والمستوطنات والقدس والمياه ومنطقة الأغوار.. ان الاسرائيليين يقدمون عظمة لا لحم فيها.. انهم يمررون افكارهم للاستفادة من الوقت ولإنهاك الفلسطينيين بواقع جديد يفقدهم القدرة على الفعل.
-
الفلسطينيون امام تحد ذاتي مع افكار هم خطير للغاية، اما ان يقلعوا عن فكرة الدولة واستحقاقاتها وينصرفوا الى فكرة العودة ومستلزماتها وادوات الفعل الإيجابي في سبيلها، أو ان يظلوا جاهزين لتقديم التنازلات عن الأرض وعن الشعب.. فبعد ان تفرغت فكرة الدولة من شطب اربعة اخماس فلسطين الجغرافيا ها هي تشطب اربعة اخماس الشعب الفلسطيني. ففلسطينيو 1948 البالغ عددهم مليونان اسرائيليون، وعشرات الآلاف الذين سيعودون الى اسرائيل اسرائيليون والستة ملايين فلسطيني في الخارج هم مواطنون، حيث يوجدوا ويعوضوا ماليا عن فلسطين، او إن اراد بعضهم يكون تحت سيادة السلطة مع تنازله كذلك عن حق عودته.
-
ان انهيارا فادحا اصاب مقولة العودة والحق التاريخي، ولكن الأمر ليس نهائيا فإن اسرائيل وليس سواها سينقذ الموقف، لأنها سترفض كل الحلول مع الفلسطينيين وستلفظ كل من يقدم تنازلا لها.