الجزائر
إقبال على الملابس الدينية والمصاحف والفوانيس

العمرة والتراويح ينعشان “التجارة الدينية”

وهيبة سليماني
  • 1270
  • 1
أرشيف

أجواء الفرحة بشهر رمضان من دون قيود كورونا، لم تقتصر فقط على الحركية التجارية في أسواق المواد الغذائية، أو التهافت على بعض الضروريات لمائدة الإفطار، فالكثير من المظاهر التي تتجلى في الأسواق الجزائرية هذه الأيام، تجعلك تشعر بروحانية وبركة الشهر الكريم، وعبق لياليه، وبفضاء ديني عقائدي.. المصاحف، وفوانيس رمضان، وسجادات الصلاة، والأقمصة والحجابات، وغيرها من السلع المرتبطة بالعبادة والإكسسوارات ذات الطابع الإسلامي، أشياء أنعشت تجارة موسمية مرتبطة بالدين، وميزت شهر الصيام.

الفوانيس تغزو الأسواق الجزائرية
وغزت الأسواق والمحلات، سلع آسيوية وجزائرية، مرتبطة بشهر رمضان، حيث تنوّعت واختلفت في أشكالها وأحجامها وألوانها، وكانت أكثرها تلك الفوانيس التي لطالما كانت مرتبطة في أذهان الجزائريين، بالبلد الشقيق مصر، فقد اعتاد الأطفال حمل هذه الفوانيس خلال الشهر المبارك، وقد ارتبطت أيضا بما يسمى بـ”المسحراتي”، وكان الفانوس يعلق في منارة الجامع إعلانا عن حلول وقت السحور.
ويبيع التجار هذه الأيام، أشكالا متنوعة للفوانيس، بعضها يشتعل ببطارية وأخرى بالكهرباء وبعضها يوضع داخلها شمعة، حيث تذكرك أشكالها بتاريخها الممتد إلى الدولة الفاطمية. وفي سوق الجرف بباب الزوار امتلأت الكثير من المحلات بفوانيس فضية وأخرى ذهبية، وبألوان فاقعة أحيانا، شدّت أنظار المتجوّلين.
وهناك فوانيس كبيرة وأخرى تعلق، تراوحت أسعارها بين 200دج إلى 5000 دج، بينما هناك فوانيس سلسلة مرتبطة بخيط كهربائي، وهي صغيرة الحجم، يمكن أن تعلق هذه السلسلة في المحلات أو في حدائق الفيلات، ويتراوح سعرها بين 600دج و3000دج.
وأكد أحد الباعة بسوق الجرف، أن ثقافة فوانيس الفاطميين، انتشرت بشكل واسع في الآونة الأخيرة، وأصبحت من إكسسوارات الديكور المطلوبة، سواء من طرف العائلات، أو أصحاب المطاعم، والمحلات، وهي أيضا تشترى كهدايا.
وأغلب الفوانيس التقليدية التي تباع في السوق الجزائرية، هي من صنع صيني، وبعضها لحرفيين جزائريين، وأخرى من تركيا، حيث قالت فتاة شابة كانت بصدد شراء فانوس بلون ذهبي، إن مثل هذه الأشياء تستهويها، وتريد أن تعلقه في رواق منزلهم كي يضفي جوا رائعا ويميز المكان في رمضان.

إكسسوارات لتزيين البيوت بـ”رمضان كريم”
وإلى جانب التنوّع المبهر للفوانيس التقليدية المحمولة، والموصلة بخط كهربائي، والخاصة بالشموع، ظهرت عديد الإكسسوارات الخاصة بالتزيين لشهر رمضان، والمتعلقة بالديكور الخاص بالطابع الإسلامي، ومنها عبارة عن هدايا تحمل في أشكالها “رمضان مبارك”، وهي أهلة من الخشب والبرونز والحديد والبلاستيك، وأخرى فضية وذهبية أو بألوان مختلفة.
وفي الجزائر الوسطى، اختص أحد التجار في بيع الاكسسوارات الدينية إلى جانب الأواني المنزلية، ما لقي استحسان بعض الزبائن، خاصة الأهلة المنقوشة التي كتب وسطها “رمضان مبارك” ، وهي من الحجم الصغير والكبير، وتتراوح أسعارها بين 200 دج إلى 2000 دج، كانت الجديد الذي ميّز التجارة الخاصة بالعبادة وبأجواء رمضان.

التراويح تعيد تجارة الألبسة الدينية بقوة
ولأن صلاة التراويح سمحت في شهر رمضان 2022، للرجال والنساء، فإن ذلك فتح الباب واسعا أمام شراء الألبسة الدينية ورواج تجارتها، وخاصة الرجالية مثل الأقمصة والقلنسوة والشاشية، والكوفية، السراويل العريضة والقصيرة، واحتلت هذه الألبسة الأرصفة، وبعض المحلات التي لم تكن مخصصة لبيعها.
وأمام أسواق الخضر والفواكه مثل سوق حسين داي، تنافس بعض التجار على ترويج هذه الألبسة الدينية، وبيعها في رمضان الكريم.
وارتفعت أسعار الأقمصة الرجالية المستوردة في الغالب من الصين، بشكل واضح، وهذا حسب تأكيد بعض الزبائن الذين وجدناهم، يتزاحمون عليها في سوق الجرف بباب الزوار، وكما تميزت الكثير من الألبسة الدينية المستوردة من تركيا، بالطرز ونوعية القماش.
وتهافتت النساء في أسواق الألبسة والمحلات على العباءات والحجاب والخمارات، والفساتين المستورة والتنورات الطويلة، حيث أنعش الإقبال الواسع، تجارة هذه السلع عشية الشهر الكريم، خاصة بعد أن عادت صلاة التراويح بأقل القيود، وزال قليل الخوف من وباء كورونا.
والسجادات المزخرفة والباهية الألوان، إلى جانب البخور، والسواك، مثلما هو في محل ياسين بسوق الجرف بباب الزوار، حيث كان الزبائن يبحثون عن التميز في سجادات رمضان 2022.
وغزت هذه السجادات والسبحات والألبسة الدينية، أيضا، مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالتجار وبعض الأسواق، حيث روج لها تحت شعار “عباءات وملابس نسائية للرجال والنساء”، و”فساتين وأزياء رمضان 2022″، و”ملابس شهر رمضان”.
ورواج التجارة الموسمية الرمضانية الخاصة بالعبادة والصلاة، أنعش سوق الكتب الدينية، حيث انتهز الكثير من الجزائريين فرصة المعرض الدولي للكتاب 2022، لشراء الكتب الدينية والمصاحف.
وقصد بعض المواطنين، المكتبات الخاصة، للتزوّد بمصاحف جديدة وكتب في الفقه الديني، حيث أدى ذلك أيضا إلى انتشار تجارة الأرصفة لبيع كتب الدين، وبعض التفاسير الخاصة بالقرآن الكريم.

ورشات الحرفيين تتنافس لحياكة الألبسة الدينية
وفي السياق، قال رئيس المنظمة الجزائرية للتجارة والاستثمار، جابر بن سديرة، لـ”الشروق”، إن عودة العمرة خلال شهر رمضان، أحد العوامل التي أدت إلى الإقبال على الألبسة الدينية، موضحا أن التجارة الخاصة بالسلع المتعلقة بالعبادة والصلاة، أدخلها المرشدون الدينيون الذين يذهبون للحج والعمرة في البقاع المقدسة، وذلك بجلب الألبسة الدنية وماء زمزم، والحناء والبخور، والمصاحف.
وكانت تباع سلعهم في الغالب على الأرصفة، ثم تحوّلت إلى المحلات، حتى أصبحت تستورد هذه السلع في الحاويات، من دبي، السعودية والمغرب الأقصى، وقد فتح حسبه سوق وطني في باب الواد بالعاصمة مختص في كل ما يتعلق بالعبادة والصلاة من الأقمصة، والعباءات، والسجادات، والمصاحف وبعض الإكسسوارات التي تدخل في الطابع الإسلامي.
وأصبحت الصين، حسبه، أول بلد آسيوي يصدر السجادات والألبسة الدينية، والرموز والأشياء المتعلقة بالدين الإسلامي، وهذا بهدف الاستثمار في البلدان المسلمة، مثل الجزائر.
وأكد بن سديرة أن 50% من التجارة المتعلقة بأمور الدين، كانت تأتي من المغرب الأقصى، وبعد توقيف الشحن الجوي بين البلدين، اختفت السلع المغربية، ما أدى إلى تزويد السوق الجزائرية بصناعات حرفية، ولورشات مصغرة، استفادت من الوضع لتزيد من نشاطها.

تجارة الأشياء المتعلقة بالدين ليست محرمة.. لكن النية مطلوبة
وحوّل هذا الموضوع، قال إمام مسجد القدس بحيدرة، الشيخ جلول قسول، لـ”الشروق”، إن رواج السلع والملابس المتعلقة بالعبادة والصلاة، وتزيين البيوت خلال رمضان بطابع إسلامي، أمر مستحب وقد يعطي للأجواء شعورا بروحانية الشهر المبارك، ويحفز على الصلاة والتكفل والرحمة.
ويرى الشيخ قسول بأن انتشار التجارة في العباءات والقمصان، والسجّدات والمصاحف يصبغ الفضاء العمومية بصبغة الدين الإسلامي، ويعمّم أجواء العبادة والروحانية وينشر للعادات والتقليد والقيم الإسلامية.
وأوضح إمام مسجد القدس بحيدرة، أن المبالغة في إغراء الزبائن بالدعوى لشراء سلعة أو ملابس تحت شعار الدين، أو بإيهام الناس بقصص أو أحاديث تتعلق بهذه السلعة من أجل الترويج لها والتشجيع على بيعها، غير مستحب في الدين الإسلامي، وهو تدليس، فالنية الحسنة في البيع والشراء مطلوبة، على أن لا يكون هدف انتشار مثل هذه التجارة في الأخيرة ترسيخ التمظهر الديني على حساب الأخلاق والايمان والعبادة الخالصة.
ونصح الشيخ قسول جلول، الجزائريين بعدم المغالاة في مظاهر الدين المتعلقة باختيار أشياء ولوازم جذابة، والتركيز على الجانب المادي في العبادة عن الجانب الروحاني، والاهتمام بالشكليات أكثر من السلوكيات وتقوية الإيمان، وتجسيده في التصرفات والمعاملات.

مقالات ذات صلة