الرأي

“الشعب أيضا.. طاب جنانو”!

قادة بن عمار
  • 8454
  • 12

السلطة التي قالت على لسان وزارة الداخلية، معترفة أن الحملة الانتخابية جاءت محتشمة، تريد في الوقت الحالي الاستنجاد بكل السبل واستعمال كل الوسائل لإقناع الشعب بواجب الانتخاب، وهي في ذلك تستعين بالحلفاء والأصدقاء والتابعين بدءا من العلمانيين ووصولا إلى رجال الدين.

وعليه لم يكن غريبا أن تخصص مجلة تصدر في باريس بأموال جزائرية، ملفا كاملا لتهلل وتطبل لما أسمته الإصلاحات العظيمة في الجزائر، ولتؤكد بأن من سمتهم بأشباه المحللين والخبراء المفبركين، سقطت جميع أقوالهم في الماء وأخذها الهواء، حين اعتقدوا أن التغيير يمكن أن يحدث في الجزائر على طريقة ثورات الربيع العربي؟! في السياق ذاته، لم تكتف السلطة بتجنيد وزارة الشؤون الدينية، لأئمتها في يوم دراسي سمته المواطنة والإيمان، -وطبعا الانتخاب شرط أساسي ليكتمل الإثنان-، بل راحت تكرر فتوى شيخ مقيم في السعودية، ويتحدث عن أحوال الجزائريين في جيجل وتيارت وبلعباس وورقلة؟! هذه الطرق معروفة ومستهلكة، وهي تؤكد هاجس السلطة في خوفها من نسب المشاركة التي ستمثل تصويتا مباشرا على إصلاحات الرئيس، قبل التوجه لمواعيد انتخابية حاسمة على المدى القريب، لعل أهمها الرئاسيات في ظلّ شعور المواطنين بالخيبة، واعتقاد الشارع أو نسبة كبيرة منه، أن الرئيس بوتفليقة يمثل العنوان الوحيد للثقة، وسط حكومة متربصة، وطبقة سياسية انتهازية، وجهات خفية تبحث عن استعادة مركز القرار.. لذلك كان واضحا أن الرئيس الذي نزل إلى ولاية سطيف، يريد استكمال حملته الانتخابية التي بدأها في أرزيو، حين شبّه الانتخاب بيوم تفجير الثورة، وقد صرح في سطيف بأكثر من ذلك حين دعا الجزائريين لاستكمال استقلالهم من خلال التوجه نحو صناديق الاقتراع. الرئيس يدرك تماما أن الشعب “طاب جنانو” أيضا وفقد ثقته في الأحزاب السياسية، وقد عامل بوتفليقة البرلمان السابق بناء على تلك العلاقة، فراح يُشرّع معظم القوانين المهمة بأوامر رئاسية، كما رفض مخاطبة نواب الشكارة، علما أن زيادة أعداد الأحزاب السياسية واعتماد القوائم الحرة بطريقة فوضوية، يهدف في الأساس لجلب أكبر عدد ممكن من الأصوات المبنية على العشائرية والقرابة، وستختفي معظم تلك الأحزاب الفاشلة بعد العاشر ماي مباشرة، لتعود في موعد انتخابي لاحق، بل وقد تتدخل السلطة التي اعتمدت تلك الأحزاب لتضعها في الثلاجة مرة أخرى، بسبب فشلها الاستراتيجي وافتقادها للبرامج والقيادات والمناضلين. البحث عن سند علماني من الخارج أو دعم ديني في الوقت المستقطع لن يفيد كثيرا، بل سيؤثر على المناخ الديمقراطي للعملية الانتخابية، طالما أن السلطة التي تمنع استعمال الدين في السياسة، وتحظر الدعم الأجنبي ولو كان إعلاميا، باتت تبحث عن أي بصيص أمل لإنقاذ رأسها من سيف الاستئصال، ونخشى أن الوقت قد فات، والكرة الآن في مرمى الشعب ليحدد مصيره بنفسه، سواء انتخب أو فضّل المقاطعة.

مقالات ذات صلة