الرأي

“الشام الجديد”.. اتحاد عربي في مواجهة إيران

ح.م

دخل مشروع “الشام الجديد” مرحلة المفاوضات المتقدمة بين العراق والأردن ومصر، لربطها في نسق اقتصادي، انطلق في شكل تفاهمات سياسية واقتصادية، توجت في القمة التي جمعت رؤساء البلدان الثلاثة في العاصمة عمان، ووزعت المهام باعتبار العراق كتلة نفطية ومصر كتلة بشرية، بينما تعتبر الأردن حلقة وصل، ويبدأ العمل بمد أنبوب نفطي من البصرة مرورا بميناء العقبة الأردني في طريق وصوله إلى مصر، وتحصل بموجبه الأردن ومصر على النقط العراقي، مقابل خصومات تصل إلى 16 دولارا لكل برميل، مقابل استيراد العراق للطاقة الكهربائية من البلدين، وفتح أبوابه للاستثمار الاقتصادي.

“الشام الجديد” يبدو نواة شراكة أو تكامل اقتصادي عربي يؤدي إلى توسيع التعاون الاستثماري والتجاري والتكنولوجي، لكنه قابل للتطور نحو شراكة أمنية وسياسية، تفرضها تعقيدات وتحديات الظرف الراهن، التي تفرض تعزيز القدرات الإقليمية في مكافحة الإرهاب الذي يهدد منطقة الشرق الأوسط .

تحقق الدول الثلاث العراق والأردن ومصر ناتجا محليا يصل إلى 500 مليار دولار، وتحتفظ  بكثافة سكانية تصل إلى 150 مليون نسمة، بما يجعلها قادرة على النهوض بقدراتها الاقتصادية في ظل هذا التنسيق التكاملي القابل للتطور في المجالات كافة.

مؤهلات اقتصادية ومالية وإستراتيجية يحتفظ بها البلدان الثلاثة، وهي بحاجة إلى تطويرها عبر شراكة اقتصادية كما يراها العراق ترتقي إلى مستوى التنسيق في الاتحاد الأوروبي، قد تصل إلى مستوى التحالف بإبرام اتفاقيات أمنية وعسكرية وسياسية، وتستقطب دولا عربية أخرى تقع في المحور الجغرافي لها ثقلها السياسي والاقتصادي .

يحقق العراق عبر مشروع “الشام الجديد” عودة منتظرة للحضن العربي، بعد عزلة فرضتها ظروف الاحتلال الأمريكي وترسيخ الهيمنة الإيرانية على نظامه السياسي، وتحكم الميلشيات الموالية لـ”ولاية الفقيه” في مفاصل مؤسساته التشريعية والتنفيذية والقضائية، كما يحقق توازتا مفقودا في علاقاته الدبلوماسية بعيدا عن التدخلات الخارجية التي أفقدته التحكم بمبادئ سيادته واستقلاله، فضلا عن إحياء دوره المحوري في منطقة الشرق الأوسط .

لم يدخل مشروع “الشام الجديد” مرحلة التنفيذ بعد، لكن القمة الثلاثية بين قادة البلدان الثلاثة دفعت به إلى ناصية التجسيد على أرض الواقع، لما سيحققه من أهداف كبرى تتعلق بسياساتها في المنطقة، فمصر التي ترى عمقها الأمني في البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط تلتقي في إستراتيجيتها الأمنية مع خطط الدفاع على سيادة الخليج العربي في مواجهة التهديدات الإيرانية، وتعزيز قدرات مواجهاتها للمخططات السياسية التركية في العراق وسوريا وليبيا وصولا إلى شرق المتوسط، أما الأردن المحاط ببؤر التوتر في ظل التحديات المتجدد للقضية الفلسطينية، فسيعزز قدراته السياسية والأمنية والاقتصادية من خلال استثمار موقعه الاستراتيجي .

إيران ستكون أكبر متضرر من تحالف “الشام الجديد” عندما يجابه هيمنتها السياسية والاقتصادية والأمنية على العراق الذي سينفتح على أسواق أخرى بمواصفات ومقاييس أرقى تلبي مستلزماته في النهوض بخططه التنموية المعطلة.

التزام الأردن ومصر بوحدة العراق ورفض كل أشكال التدخلات الخارجية في شؤونه حفاظا على سيادته، هل يجعل من مشروع “الشام الجديد” تحالفا عربيا في مواجهة إيران التي تعاني من أقسى حالات الضعف في ظل الحصار المفروض عليها، وإنهاء نفوذها في العراق ولبنان واليمن؟

مقالات ذات صلة