-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

السنوار وجائزة “نوبل” في الأدب

السنوار وجائزة “نوبل” في الأدب

إلى كل من يريد أن يعرف ما حدث في فلسطين، ويستشرف ما سيحدث، أن يقرأ رواية الأديب المقاوم يحيى السنوار، “الشوك والقرنفل”، بقلم الرجل الذي أرعب الكيان الصهيوني وأذاقهم من الشوك، كما حرموا الفلسطينيين من القرنفل.
وبقدر ما كانت الرواية بسيطة في متناول أي قارئ أو شغوف بمعرفة جذور القضية الفلسطينية، كانت صادقة ومنطقية، وتجلّت في تبيان كم الحقد الذي يكنّه الإسرائيليون لكل ما هو عربي ومسلم، وفي كم الألم الذي عاشه الفلسطينيون، خاصة في المخيمات كما صوّره السنوار، عندما استذكر طفولته وهو في أحد سجون الاحتلال.
لا جدال في أن حرب 2023 بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قد أربكت ساسة الاحتلال وجيشه، فقد حاولوا في بداية الحرب تجاهل يحيى السنوار، ثم عادوا ليذكُروه بِشرّ ويعتبرون الوصول إليه من أولوياتهم، ثم خافوا أن يتحوّل إلى رمز، وأفتوا بعد ذلك بأن القضاء على الرمز سيحبط معنويات أبناء المقاومة، وهم لا يعلمون أو ربما لا يريدون أن يعلموا بأن المجاهدين كلما سبقهم أحد إلى الشهادة، ازدادوا إصرارا على النصر، وفي كتب التاريخ الإسلامي ألف نموذج ونموذج، من غزوة “بدر” و”حُنين” و”اليرموك” إلى “طوفان الأقصى”.
قوة رواية السنوار تكمن في كونه سرد حياته الذاتية في محيط الألم الفلسطيني، وجعل القارئ يدرك أن الوضع يجب أن لا يبقى كما هو عليه، ليس بالانتحار، وإنما بنحر المتسبِّب في هذا الألم.
يبذل الإسرائيليون جهدا كبيرا لقبر رواية “الشوك والقرنفل”، ومنع عرضها أو الحديث عنها أو تحميلها، كما حاولوا أن يمنعوا حتى الأوكسجين والماء والغذاء عن سكان غزة، ولكنهم بالتأكيد سيضيعون وقتهم وجهدهم، لأن الشوك انتشر في كل مكان والقرنفل نبت أيضا في كل مكان.
في عالم الأدب، يوجد نوعٌ يسمى “أدب السجون”، يتطرق إلى أشهر ما كتبه المبدعون من روائع الأدب العالمي من شعر أبي فراس الحمداني في سجن القسطنطينية إلى روايات شكسبير في سجن روبن بيلاند. وإذا كانت هذه الأعمال قد تميزت بقوة التأثير لصدقها، فإنّ هناك أعمالا تفجّرت في السجون وتحوّلت إلى ثورات انتهت بانتصار الحق، من “قسما” التي خطّها مفدي زكرياء في سجن “بربروس”، عندما أقسم بالدماء الزاكيات الطاهرات، بأنها ثورة، فحياة أو ممات، إلى رسائل نيلسون مانديلا من سجنه الطويل في بريتوريا، عندما كان يقول لزوجته إن الكتابة هي الزمن الوحيد الذي يشعر فيه بأنه سيكون بمقدور الإنسانية يوما ما، في المستقبل، أن تقدِّم قديسين سيتم إلهامهم في كل ما يفعلونه بالحب الحقيقي من أجل مصلحة البشرية، ووصولا إلى “الشوك والقرنفل” التي كتبها يحيى السنوار بحبر أوجاعه، فتحوّلت إلى ثورة لن تكون لها من نهاية سوى نصر، لا يختلف في قيمته عن نصر مفدي زكرياء ونيلسون مانديلا.
يقولون إن الحصول على جائزة “نوبل” في الآداب يتطلّب محاكاة الواقع والصدق وقوة رسالة العمل، ولا نظن أن السنوار افتقد أي شرط من شروطها، فلم يكن قطّ أقلَّ شأنا وتأثيرا من الهندي طاغور أو الإيرلندي بيرنارد شو أو الأمريكي إرنست هيمينغواي أو الفرنسي ألبير كامي أو الشيلي بابلو نيرودا أو الكولومبي غابريال غارسيا ماركيز أو المصري نجيب محفوظ، ففازوا هم بجائزة “نوبل”، وفاز هو بكل الجوائز.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • عون الله عبدالرحمان

    تحياتي أخي عبد الناصر بن عيسى على ما نشرته في جريدتنا الغراء الشروق تحت عنوان:" السنوار وجائزة نوبل في الأدب" فهو جدير بالقراءة والمشاركة . لأنه مثال حي لأدب المقاومة وكيف لا والسنوار مجاهد مقاوم وأديب أرعب العدو بذكائه ....فلسطين ولادة عاشت فلسطين والذل والمهانة للصهاينة المجرمين .

  • Samirshalaby

    مقال رائع.. قلوبنا مع شعب فلسطين.. و مع كامل حقوقهم .. أرجو أن تنتهي البربرية الصهيونية.. و التواطؤ الإستعماري الغربي .. .... ظريفة المقارنة " الحماسية ! ' لأساطين الإبداع العالمي مع مذكرات الثائرين ..😃👍 هل تباع الرواية في القاهرة ..

  • فنيدق جمال

    هل الكتاب موجود بالجزائر